مقالات

عندما تنحرف البوصلة

البوصلة هي أداة ملاحية لتحديد الاتجاه بالنسبة إلى قطبي الأرض، وتوفر البوصلة الأمن للمسافر خاصة لو كان السفر عبر المحيطات. وتزيد الحاجة إلى البوصلة كلما كانت الرؤية ضبابية، وفي السياسة انحرفت البوصلة مع الأسف، فمن المفترض أن تكون البوصلة أو الهدف أو الاتجاه الذي يجمع ويوحد جميع السياسيين والحكام هي مصلحة شعوبهم و أوطانهم ولكننا مع الأسف لا نرى أن هذا يحدث الآن، وهذا ما دفع الكثير من الشعوب للقيام بثورات وللمطالبة بحقوقهم
إن ما يحقق رضا الناس طبيعة نظرة الحكومة إلى الشعب وإلى نفسها.
فلو كانت الحكومة تنظر إلى الناس على أنهم عبيد ومماليك لها وهي المتصرفة والمتحكمة في مصيرهم وحياتهم فسوف يكون كل رعايه يقدمها هذا المالك أو هذه الحكومة للناس ويعملها لهم من نوع الرعايه التي يقوم بها صاحب الحيوان لحماية حيواناته !! كشخص يملك مزرعة فهو يحاول تقديم الرعاية لحيوانات المزرعة ليحصل على أقصى إستفادة ممكنه من هذه الحيوانات !!
أما لو كان هذا المالك أو كانت هذه الحكومة تنظر إلى الناس بعين أنهم لهم حقوق في جميع الأمور وهي مجرد نائبة وممثلة عنهم ومؤتمنة على أموالهم وأعراضهم فسوف تكون النظرة مختلفة وبالتالي تعاملها معهم سوف يكون مختلف،وبالتالي سوف يحوز هذا التعامل وتلك النظرة على رضا الناس وطمأنينتهم .
للأسف نحن نعيش في زمن يقلب الحقائق، فيعتبر الكثير من الناس أن تولي المناصب الاجتماعية والسياسية هو “امتياز وحق “ولكنه في حقيقة الأمر” تكليف ومسئولية” ولهذا ستظل تلك النظرة قائمة وموجودة في عقول الكثير من الحكومات التي سوف تأتي وترحل ولن يتغير الوضع أو يأتي بجديد.
إن المشكلة الكبرى التي يعاني منها الكثير من الناس والتي ساهمت وساعدت على وجود هذه النظرة عند الكثير من الحكام الآن أنهم نسوا أنفسهم، ونسوا ربهم أيضًا، وبدلاً من أن يلتفتوا إلى واقعهم وباطنهم مالوا إلى الدنيا الحسية والمادية. وكانوا هم من أحد العوامل القوية لخلق المستبديين وعاملًا مساعدًا في زيادة قوتهم وما دام هذا النمط من التفكير سائدًا في المجتمع فسوف يزداد المستبدين شوكة.
إن من يبحث عن نجاة مجتمعه وينادي بالحرية لهذا المجتمع عليه أن يسعى لنجاة نفسه أولاً، عليه أن يسعى إلى نجاته من أسر الطبيعة وشهواتها وإغراءاتها ونجاته من عبودية أبناء جنسه ومن أسر الأخرين وحينما ينجح في إنقاذ نفسه فليفكر بعدها في إنقاذ مجتمعه وقبل أن يفعل ذلك فلن ينجح في إنقاذ المجتمع، ومهما تعددت الثورات فلن تنجح لأننا جميعًا نحتاج إلى إعادة تصحيح مسارنا وبوصلتنا، فهل سنقدر ؟!!

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مرام علي

ليسانس آداب قسم علم نفس.

باحث في علم النفس المعرفي السلوكي، بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث.

باحث ومعد برامج في مركز “رؤية” للتنمية البشرية.

أخصائي تنمية مهارات وتعديل سلوكيات الأطفال.

مقالات ذات صلة