مقالاتمنطق ومعرفة - مقالات

إرتدي النظارة لمعرفة الحقيقة, قصة صديقتي ذات البصر الضعيف

إرتدي النظارة لمعرفة الحقيقة

دخلتُ من باب الغرفة التى فيها صديقتى والتى تعانى ضعفًا شديدًا فى حاسة البصر؛ فهى لا تستطيع  تمييز الشخص الواقف على مسافة صغيرة منها بدون  وضع النظارة، وعندما سمعت صوت الباب سألت من؟! إن صديقتى كان متاحًا لها خياران؛ فإما أن تنهض وتتحرك خطوتين باتجاه المكتب لتحضر نظارتها وترتديها وعندها سترانى بوضوح أو لا تنهض وتسأل عمن دخل وتنتظر جوابى الذى قد أصدقها فيه أو أخدعها وهذا الخيار الأخير هو المفضل لديها. ولكننى قررت أن أصمت ولا أجيبها؛ فبدأت تُخمّن من قد تكون دخلت الغرفة! ولكن لم تجد تفاعلًا ودفعها هذا إلى النهوض وارتداء النظارة وعندها رأتنى بوضوح.

فى الشقة توجد فتاتان غيرنا، ولهذا توقعت صديقتى- قبل ارتدائها النظارة- أن أكون أنا من تقف بالباب بنسبة 35% ولكن بعد أن وضعت نظارتها؛ زالت كل الاحتمالات الأخرى، وأصبحت تعلم إننى أنا من دخلت من الباب بلا شك.

فى علم المنطق يتم تعريف الحقيقة بأنها ما يطابق الواقع؛ ففى الموقف السابق ذكره ما حدث بالفعل هو إننى أنا من دخلت من الباب وهذه هى الحقيقة سواءًا استطاعت صديقتى معرفة هذا أم لا، ولكن صديقتى لأنها لم تكن تمتلك الأداة المناسبة لتشخيص الحاصل اعتبرت أن الواقع فى ذلك الوقت نسبى، ويمكن القول بأن الحقيقة ثابتة مطلقة قبل ارتداء النظارة أو بعدها ولكن صديقتى مرت بعدد من المراحل النسبية قبل الارتقاء إلى تشخيص وبلوغ الحالة المطلقة لافتقادها إلى آلة التشخيص المناسبة، و عندما توفرت لديها تلك الآلة استطاعت بكل وضوح رؤية الحقيقة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وفى حياتنا دائمًا نحتاج إلى تشخيص #الحقيقة بشكل سليم، نحتاج إلى ارتداء النظارة! أما العيش فى ضبابية وعدم وضوح؛ فهو أمر غير مقبول. غير مقبول أن نطلق أحكامًا ونتخذ قرارات ونحن لم نجتَزْ أول خطوة فى صنع حكم، لم نستطع تشخيص الواقع والحاصل بشكل سليم. فصديقتى كان يُمكنها أن توفر عناء السؤال والتخمين والتفكير فى كيفية جعلى أتكلم بمجرد ارتدائها النظارة.

فلا شئ أوضح من الحقيقة ولكن فقط علينا أن نتعلم كيف نعرف الحقيقة وكيف نتتبع اليقين. فالحقيقة واضحة وثابته لن يغيرها رأيى أو جهلى بها على الإطلاق!  فلو أننا أحضرنا شخصًا وطلبنا منه تمييز مشروب ما عن طريق تذوقه وكان هذا المشروب لبنًا فقال أن هذا شاى وأصر على رأيه، هل يكون هناك احتمال لرأيه؟؟ بالطبع لا فالحقيقة أنه لبنًا، فليقل وليقسم وليصح بها كما شاء ولكن لن يُغير الواقع. فربما تغيرت قدرته على التمييز، ربما لم تعد صحيحة لكن الحقيقة ثابته أبدًا.

فضع النظارة ولا تعتمد على تخمينات ليس لها أساس صحيح ولا تنتظر من أحد أن يُشخص لك؛ فقد تنقاد لرأى خاطئ. وحتى وإن صدقك فلن يكون يقينك راسخًا كما لو أنك عرفت الحقيقة بنفسك. فأن تتعلم طرق التفكير السليم وتتعلم كيف تُشَخص الواقع بنفسك يمنح فكرك القوة والحريّة، يمنحك حكمًا صحيحًا يمكّنك من اتخاذ قرارات سليمة.

وعندما نتتبع الحقائق ونشخصها بشكل سليم سنصل حتمًا إلى الحق الأوحد المطلق، سنعلم أن الحق واحد عندها فقط لن نقبل بأن يخبرنا أحدهم أن الحق متعدد وأن الكل على حق ،إن اختلف اثنان يمكن القبول أن كلاهما على خطأ! أما أن نقول بأن كلاهما على حق!! فلم الخلاف إذن؟!  فالحق واحد والباطل هو ما قد يتعدد.

عندها سنصل إلى المعنى المطلق ونعلم أن #السعادة الحقيقية مطلقة وليست نسبية كما يدّعون. فالسعادة الحقيقية لا تعنى الإثارة المؤقتة والانبساط اللحظى الذى يصاحب المتعة العابرة، ولكن السعادة الحقيقية تشير إلى تناغم النفس مع مصدرها وهو الله فكل ما يناقض السعادة الحقيقية هو غير صحيح، وما يمنح سعادة دائمة هو حقيقي. والمعرفة السليمة المبنية على الحقيقة المطلقة هى باب السعادة الحقيقة

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

.

#بالعقل_نبدأ

اضغط على الاعلان لو أعجبك

دعاء محمود

طالبة بكلية الطب جامعة المنصورة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة