إصداراتمقالات

سعادة الـ .. وزير!!

جلس موظفان في الاستقبال الخاص بأحد المستشفيات في انتظار قدوم الوزير في زيارته المفاجأة المعلن عنها منذ عدة أيام، وكل شيء حولهما يوحي بمدى تفاجئهم بهذه الزيارة، كل شيء في موضعه، وهناك نباتات زينة والسجاجيد الفاخرة حضرت صدفة في هذا التوقيت لشعورها بتوعك صحي مفاجئ، لكن لا مشكلة على الإطلاق، فالمستشفى معدّ للتعامل مع هذا النوع من الطوارئ.

خاطب أحمد زميله في الاستقبال قائلا: كيف حالك النهارده يا حسين

رد حسين: الحمد له على كل حال.

أحمد: مالك؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

حسين: الواحد تعبان وشقيان: من الجري ورا الفلوس، للتدوير على شقّة، وتحمل ضغوط الشغل والتعامل مع الناس، العيشة بقت صعبة جدا، هو في سعادة في الدنيا دي؟

أحمد: هممم. معاك حق. بس أيه هية السعادة أصلا؟

حسين: قصدك إيه؟ مش فاهم.

أحمد: يعني السعادة دي شوية وهم بنضحك بيه على نفسنا وبنحطله قواعد وشروط!!

حسين: إزاي يعني؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أحمد: يعني اللي بيفرحك مبيفرحش غيرك بالضرورة. يعني اللي بيضرب مخدرات واللي بيحقق حلمه، واللي بيشتري كل اللي نفسه فيه، حتى الراجل الفقير اللي بيجيله مبلغ بسيط يفك بيه ضيقة.. بيحسّوا بنفس الشعور؟ دي كلها كميا في دماغنا واحنا مش واخدين بالنا

حسين: والله عندك حق. كل واحد ملهي في دنيته ومشاكله وأحلامه وشايفها كأنها كل حاجة. بس الحل مش إننا نفضل مبسوطين وخلاص! كده الحياة ميبقاش ليها معنى.

أحمد: أكيد. لازم يكون شعورنا بالسعادة والألم مرتبط بحاجة: بسبب حقيقي ويستحق.

حسين: أيوة موافقك بس… إزاي؟

أحمد: لازم الإنسان تكون حياته مرتبطة بقيمة ومعنى وقضية، يفرح كل ما قرب من تحقيقها ونصرتها في نفسه وفي أرض الواقع، ويزعل كل ما بعد عنها، لأن اللي بيبقى للإنسان هوة عقله وملكاته الأخلاقية، واللي بيفضل من بعده هو عمله الصالح.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

حسين: “فعلا معاك حق. ساعتها يقدر الإنسان يكون سعيد وكمان متطمن إنه مش بيحتفل من غير ما يكون فعلا فايز. هي دي السعادة الحقيقية: بس احنا فين من ده دلوقتي، الناس كلها بقت بتجري ورا ســـ… “

توقف حسين عن الكلام لجزء من الثانية، عندما لاحظ ملامح أحمد وقد تحوّلت فجأة للجدية والبشاشة المصطنعة، ثم تدارك نفسه بسرعة واستدار ناظرا في نفس الاتجاه الذي ينظر إليه أحمد وقد ارتسمت على وجهه ذات الابتسامة، مع استبقاء تعبير المفاجأة لمناسبته للموقف، وفي سرعة بديهة لم يتصورها نبيل فاروق نفسه في بطله الخارق أدهم صبري أكمل حسين كلامه متوجها إلى المخاطب الجديد:

“سا.. سا.. سعادة الوزير!! المستشفى نوّر!! اتفضل..”

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ياسر حسام عطا

مهندس كهرباء

مترجم حر

كاتب ومصحح لغوي

باحث في مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة