مقالاتفن وأدب - مقالات

روح وأنت طالق

الأسرة والمشاكل الزوجية كانت ولا زالت حاضرة بقوة في خيال واهتمام صُناع السينما، حيث تناولتها عِدة أفلام سواء في إطار كوميدي أو تراجيدي، وبالطبع تعرض صُناع هذه الأفلام لقوانين الأحوال الشخصية في أمور الطلاق والزواج وكل ما يخص هذه القضية،

لكن للأسف لم يهتموا بالحصول على المعلومة الصحيحة من مصدرها، وتناقلت الأفلام المعلومة الخاطئة دون أن يفكر أحدهم في التحقق منها، من هذه الأخطاء الشائعة والمتكررة هي وجود العِصمة في يد الزوجة وتطليقها للزوج بقولها “روح وإنت طالق.. ورقتك هتوصل لك”!!

والصحيح أن وجود العصمة في يد الزوجة يعني حقها في تطليق نفسها وليس في تطليق الزوج وإرسال ورقته لمنزله، وللزوج الحق في ردها حتى وإن كانت العصمة في يدها وهي من طلقت نفسها، المعلومة متاحة للجميع وكل محاميي مصر ودارسي القانون والشريعة يعرفونها جيدا ولكن لم يهتم أحد من صُناع الأفلام بمحاولة الحصول على المعلومة الصحيحة من مصدرها، وتركوا لخيال المؤلف أن يكتب ما يشاء، وبعدها أصبحت معلومة متداولة رغم عدم صحتها.

نماذج من الأعمال الفنية

فيلم صاحبة العِصمة إنتاج يوليو 1956 حيث أصرّت منيرة هانم (تحية كاريوكا) أن تكون العصمة في يدها قبل الزواج من غزال (إسماعيل يس)، وفي نهاية الفيلم وقبل دخولها السجن يطلب منها الطلاق وتقول له: “وح وإنت طالق” وسط المحكمة!!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وأيضا فيلم رجل فقد عقله إنتاج إبريل 1980، عندما تزوج زيكو (عادل إمام) من الراقصة سوزي (سهير رمزي) ليمنعها من الزواج من أبيه (فريد شوقي)، واشترطت سوزي أن تكون العِصمة في يدها ووافق زيكو حتى يتم الزواج، وبعد أن حقق ما يريد قرر الانفصال عنها وطلب منها الطلاق، ولكنها رفضت وذكرت أنها سوف تتركه مُعلقا بين الزواج والطلاق (مثل البيت الوقف) حتى تعرف سبب زواجه منها، وطلب أن يكون طلاقها منه ورمي يمين الطلاق فور اعترافه لها بحقيقة الأمر ثم إرسال ورقته على منزله!!

وفيلم بشتري راجل إنتاج فبراير 2017 والذي تقرر شمس (نيللي كريم) الإعلان عن حاجتها لحيوانات منوية من رجل في مقابل مبلغ من المال، ويتقدم بهجت (محمد ممدوح) نظرا لحاجته للمال وتتزوج منه وتشترط أيضا أن تكون العِصمة في يدها، وبعد حدوث عِدة خلافات تقول الجملة الشهيرة: “روح وإنت طالق.. ورقتك هتوصل لك قريب أوي”!!

أخطاء متكررة ودائمة في السينما المصرية

على مدار ما يقارب من 100 عام هو عمر السينما المصرية يتكرر نفس الخطأ الساذج، ولم يُفكر أي صانع لهذه الأفلام من التحقق من المعلومة البسيطة، وهو ما يدل على عدم الجدية في تنفيذ العمل الفني أو الجدية في احترام الجمهور وعقليته، وأنه سوف يتغاضى عن أي شيء حبا في النجم أو النجمة أو ربما لا يعرف أن هناك خطأ من الأساس، وهو أمر غير حقيقي حيث أصبحت هذه الأعمال محط سخرية ونقد من جمهور السوشيال ميديا بسبب هذه الأخطاء الساذجة.

خطأ آخر يتكرر دائما في السينما وذلك من خلال التعرض لقضية المُحلل، وهو زوج بالإيجار يلجأ إليه الزوجان بعد أن استنفدا مرات الطلاق وهي ثلاث، ورغم أنها قضية فرعية في مجتمعنا ولا تحدث إلا نادرا إلا أن السينما المصرية قدمتها في عِدة أعمال (طلاق سعاد هانم، جوز مراتي، قبلني في الظلام، لعبة الحب والزواج، زوج تحت الطلب، الواد سيد الشغال)،

وفي كل هذه الأعمال وقع صُناعها في خطأ غياب عِدة المُطلقة حيث طُلقت من زوجها وتم زواجها للمُحلل في نفس اليوم على أن تعود لزوجها بعد طلاقها من المُحلل مباشرة، وظهر هذا بوضوح أكبر في فيلم زوج تحت الطلب، وبالطبع كان التركيز على الكوميديا ودراما العمل دون الاهتمام بتفاصيل الدراما من معلومة قانونية أو شرعية أو فقهية،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وإن كان صُناع الفيلم ليسوا على علم بها، كان من الأفضل اللجوء إلى المتخصص بدلا من الوقوع في هذه الأخطاء التي ظلت حاضرة أبد الدهر، ومع كل عرض للفيلم يتذكر الجمهور هذا الخطأ وكيف وقع فيه فنانون كِبار.

عدم الاهتمام بالتفاصيل والحصول على المعلومة من المتخصص والتحقق منها، خطأ دائم ومتكرر في السينما المصرية وفي الدراما التليفزيونية أيضا، ومع كل خطأ نكتب ونُنادي باللجوء لأهل العلم، إلا أنهم لا يهتمون إلا بالإشادة والمدح فقط.

اقرأ أيضاً:

هل فقدت هذه الأفلام قيمتها بفعل الزمن؟

نمطية وسذاجة في العرض

هل هناك طريقة للتأكد من صحة المعلومات؟ 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

مقالات ذات صلة