قضايا شبابية - مقالاتمقالات

روح التسلية

المقابل لروح التسلية والاستهتار هو الجدية والصرامة في التعامل مع المشكلات والأزمات التي تواجهنا في الحياة، والمشكلة الحقيقية في حياتنا اليومية هو التعامل مع المشكلات الحياتية بروح الاستهانة والاستهتار و التسلية ، والنتيجة الطبيعية؛ الميوعة في المواقف وفقدان الاتزان في التفكير.

والأمة بأفرادها التي تواجه المشاكل والأزمات ليس لديها رفاهية الوقت للتساهل والاستهتار في مواجهة هذه الأزمات، وعند قرائتنا في الكتب عن قصص تحذرنا من خطورة استهتار الأمة وأفرادها عند تواجد الأزمات؛ فإن هذا ليس من فراغ، حتى ولو كانت قصص للعبرة وللعظة.

من هنا تأتي الهزيمة

القائد العربي (صلاح الدين الأيوبي) وقت الحرب وجد خيمة يتراقص فيها الجنود ويغنون فقال؛ من هنا تأتي الهزيمة، وأمام خيمة أخرى وجد جنود يتدربون على القتال فقال؛ من هنا يأتي النصر، من هنا تأتي الهزيمة حيث روح التسلية والاستهتار وقت الأزمة، أما من الجانب الآخر يأتي النصر، حيث روح الجدية والصرامة في مواجهة المشكلة والأزمة.

كلنا سمع قصة الملك الأجنبي الذي دبر لغزو بلد آخر، فما كان منه إلا أن يرسل أحد جواسيسه ليستطلع أخبار أهلها، في المرة الأولى وجد جاسوس الملك أحد الصبية جالسًا يبكي فسأله عما يبكيه؛ فأجابه الصبي لقد أخطأت في تدربي على القنص وما استطعت صيد عصفور، فنقل الحال للملك الأجنبي فقال الملك إذا كان هذا حال طفل صغير فما حال أهل البلد؟!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فأجَّل لذلك الغزو، وبعد سنين أرسل الملك من يستطلع له الخبر فوجد شابًا يبكي فسأله ما يبكيك فقال له الشاب لقد فاتني حفل غناء. فلما علم الملك الأجنبي قال الآن نغزوهم .

ميوعة الفرنسيين

المثال الواضح في التاريخ المعاصر عن ميوعة شعب أفضت به إلى الكارثة وسحقت بسببها الجيش الفرنسي أمام الجيش الألماني في غضون ثلاثة أسابيع وذلك في الحرب العالمية الثانية، وتبدأ القصة بعد هزيمة الألمان أمام الفرنسيين والحلفاء في الحرب العالمية الأولى (1914_1918) هزيمة ساحقة وماحقة ومذلة للشعب الألماني.

إنها أزمة وكارثة بحق حلت على الأمة الألمانية، والذي أقسم شعبها على الجدية والصرامة والتحلى بروح التحدي لمواجهة وتخطي الكارثة، أما الفرنسيون أخذتهم نشوى النصر وقضوا أوقاتهم في حفلات الرقص والغناء في الحانات وتحلوا بروح التسلية والاستهتار والاستهانة،

فما كان أن انقلب السحر على الساحر واكتسحت الجيوش الألمانية لفرنسا في الحرب العالمية الثانية(1938_1945) وتوجه الزعيم الألماني لقبر “نابليون بونابرت” قائلا معذرة أيها الإمبراطور في الوقت الذي كان فيه رجالي يصنعون المدافع كانت أمتك مشغولة بالتسلي في الحانات والمراقص.

فما كان من حكومة “فيشي” الفرنسية التي حكمت فرنسا وقت الاحتلال الألماني إلا أن حرمت على الشعب الفرنسي ارتياد الحانات، ومنعتهم من حفلات الغناء والرقص في الفترة من العام 1940 إلى 1944، وذلك تكفيرا منهم عن ذنب وخطيئة الانشغال بمثل هذه الأمور، الأمر الذي ترتب عليه دخول الألمان فرنسا بكل سهولة ويسر، بل وفرضوا عقوبات وغرامات على كل من يخالف هذه القرارات، ويقيم مثل هذه الحفلات بالمخالفة لهذه القوانين وظلوا على هذا الحال حتى نالت فرنسا حريتها عام 1944.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

من المفترض أن الأزمات والمشكلات تُخرج أحلى مافينا؛ تخرج التحدي والجدية في المواجهة، وإذا ظهر العكس منا؛ فإن الوضع يتعقد ويزيد الطين بلة، والإنسان الذي يتوهم أنه وقت الشدة يكون اللجوء لروح التسلية والتلهي والاستهتار حتى لا يشعر بالمشكلة وتمضي من تلقاء نفسها هو واهم ومخطئ، وكفى بالتاريخ واعظا! وكفى به حاكما!

اقرأ أيضاً:

هل أنا حر؟

أنواع الحروب وعقلية المستعمر

ما يجب على الشباب تجاه مجتمعاتهم

*****************

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

على زين العابدين

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة