مقالات

دور المستهلك

المستهلك هو الشخص الذي يقوم بالإقدام على مُنتج ما سواء كان ملبساً أومسكناً أوسلعاً تساهم في حياته اليومية، وكلما كان المستهلك أكثر وعياً لاحتياجاته كلما كان قادراً على اختيار ما يناسبه من منتجات عديدة ومتنوعة.

نحن نسمع دائما عن حقوق المستهلك، ولكن المستهلك الواعي كما أن له حقوقاً فهو أيضا عليه واجبات تؤدي لتغييرات هائلة نتيجة إدراكه لما حوله، فعلى مستوى السلع نجد أن تأثير المستهلك محور رئيسي في التعاملات النقدية ويترتب على ذلك فاعلية تلك السلعة وضمان إنتاجها بشكل متواصل أو تقليل إنتاجها نظرا لعدم جذب قدر يكفي من المستهلكين الذين وضعتهم الشركة كحد لبلوغ هدف الربح تبعا للخطة التسويقية الموضوعة، المستهلك الوحيد القادر على التحكم في أرباح تلك السلع هو أنت؛ بقدرتك، بعقلك، بتغلبك على شهواتك تستطيع أن تُحد من إنتاج سلعة ما.

في إحدى الحلقات لبرنامج تلفزيوني كانت تناقش المنتجات التي تحمل علامة التجارة العادلة fair trade كان البرنامج يتحدث عن حقوق الأطفال المهدرة التي تجمع حبوب الكاكاو في دولة ما، هؤلاء الأطفال يقومون بجمع الحبوب دون تقاضي أي أجر، فهم مجبرون على ذلك، جزء من تلك الحبوب كان يستخدم في صنع الشوكولا، البرنامج هنا يعرض نوعاً مختلفاً من التجارة التي تشمل إعداد مُنتج لا يُعرِّض أي عمَالة فيه للظلم ، فعلى سبيل المثال منتجات الشوكولا التي تحتوي على علامة fair trade هي المنتجات التي تضمن عدم استغلال الأطفال، وكلما أقدم المستهلك على ذلك النوع كلما كان داعماً لهؤلاء الأطفال ومساهماً في إعطاء كل ذي حق حقه.

مع البحث أدركت أن التجارة العادلة لا تشمل فقط حماية حقوق الأطفال بل ممتدة لحماية حقوق المزارعين أيضا! مفهوم التجارة العادلة ليس منتشراً لأنه لا يشمل كثيراً من السلع، لذلك ليس متداولاً بشكل مُتسع، ولكن الشركات الكبرى عامل أساسي في دعمه وهنا يأتي دور المستهلك الذي يستطيع من خلال التعاملات الشرائية أن يصل صوته لتلك الشركات وبالتالي يستطيع المساعدة في دعم كل فقير وتحقيق العدل لكل فرد شارك في إعداد السلعة بطريقة ما.
الغرض من ذلك التوضيح لذلك النوع من التجارة النزيهة هو تعزيز مفهوم أنه يمكن من العمليات الشرائية لمنتج أن تحمي حق فرد، فقط عندما يُعمل كل منا عقله للحظة، ويُدرك أن كل خطوة وكل مال يشتري به أي سلعة يشارك بالإيجاب أو بالسلب في مجتمعه بوسيلة ما، فاختيارك مثلا للسلع التي تنتجها بلدك يحعلك مساهماً في تطوير الاقتصاد ولو بجزء بسيط، ومن ثم قد يصبح كبيراً إذا ساد هذا الاعتقاد عند الكثير منا. الغريب أن يقول البعض أن كل ما تنتجه بلدي هو فاسد وغير مُجدي وعلى النقيض تجده متعايشاً مع بعض من تلك المنتجات حتى ولو كانت كمالية فكيف يعقل هذا؟! الاختيارات دائما متاحة، الفساد موجود والصلاح أيضا حاضر ولكن نحن نساعد على محاربة الطالح بقدر ما وبتوجيه أموالنا تجاه الأشياء المستحقة، مثال على ذلك الحملات التي تنادي بمقاطعة المنتجات التي تدعم العدو الصهيوني؛ فهي عامل حيوي لإصرارنا على رفض الظلم الذي يمارسه العدو بشكل مستمر ومع استمرارنا على المقاطعة سنساهم ولو بدور قليل جدا لنبذ أفعالهم الإجرامية التي تزداد يوماً بعد يوم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

في كل لحظة نحن مطالبون باختيار من ضمن اختيارات متعددة ومطالبون بعملية انتقائية سليمة لاختيارنا مع وجوب دراستنا لتبعات ذلك. التطبيق ليس هيناً في البداية ولكن مع التدريب على صغائر الأمور يمكننا الوصول لنتائج مُرضية هادفة، فعلينا ألا ننجر فقط وراء الإعلانات التي تهدف لإشباع الجانب المادي ولا نهتم لأصل هذا المنتج أو مصدره.

خلود أشرف

طالبة بكلية العلوم جامعة القاهرة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة