هل للنوم لذة؟
متى يشعر الإنسان بلذة النوم؟ البحث عن إجابة لهذا السؤال يكشف عن جدل فلسفي وعلمي واسع، بما يؤكد أن ماهية النوم لا تزال خفية عن العلماء، وفي حاجة إلى مزيد من الدراسة والتأمل.
السؤال عن لذة النوم أمر قديم، إذ تورد كتب التراث أن وزيرًا لهارون الرشيد واسمه “ثمامة” ذهب يومًا إلى دار للمجانين يتفقد أحوالهم، فرأى بينهم شابًا يبدو كأنه صحيح العقل، فكلمه.
مجنون بلا سؤال ولا جواب
– فبادره المجنون بقوله: أريد أن أسألك سؤالًا.
– قال الوزير: هات سؤالك.
– قال الشاب: متى يجد النائم لذة النوم؟
– قال الوزير: حين يستيقظ.
– فقال الشاب: كيف يجد اللذة وقد فارقه سببها؟
– فقال الوزير: إذًا قبل النوم.
– فرد الشاب: وكيف يتلذذ بشيء لم يذقه بعد؟
– قال الوزير: إذًا يجدها حال النوم!
– فرد عليه الشاب قائلًا: إن النائم لا شعور له، فكيف تكون لذة بلا شعور؟
فبهت الوزير ولم يجد جوابًا!
ما هو النوم؟
والمتأمل في الردود الثلاثة يجدها جميعها منطقية، فأنت لا يمكنك أن تشعر بلذة قطعة من الحلوى قبل أن تضعها في فمك.
كما لا يمكنك الشعور بلذتها بعد زوال أثرها من الفم وذوبانها بشكل كامل.
أيضًا النوم هو شبه غيبوبة، وهو بنص القرآن وفاة صغرى، يقول تعالى: “وهو الذي يتوفاكم بالليل”، الأنعام 60.
فكيف لغائب عن الوعي أو ميت أن يشعر بلذة؟ ومتى يشعر الإنسان بلذة النوم؟
لنترك الفلسفة قليلًا، ونولي وجوهنا شطر العلم، لنجد أن العلم قد بدأ ينظر إلى النوم نظرة مختلفة عما كان سائدًا في الماضي.
اقرأ أيضاً: الإسقاطات اللي في الأحلام دي ليها إشارات في الواقع؟
اقرأ أيضاً: جولة في تاريخ عملية التنفس
من هو المسؤول عن النوم؟
العلم يثبت أن النوم عملية سيكو فسيولوجية –تمتزج فيها الحالة النفسية مع الوظيفة العضوية– نشطة وليست سلبية، وأن مناطق عدة في مخ الإنسان مسؤولة عن حدوثه.
كما تكشف الأبحاث العلمية الحديثة أن موادًا كيميائية معينة تنتقل بين خلايا المخ، تعمل على تنظيم هذه العملية وضمان حدوثها على أكمل وجه.
نخص بالذكر هنا مادتا “الهيبوكريتن” و”السيروتونين”، إذ تثبت الأبحاث الحديثة أن لهاتين المادتين دورًا بالغ الأهمية في استقرار عملية النوم وانتظام حدوثها بشكل صحي سليم.
لكن الأغرب من ذلك أن تثبت تلك الأبحاث أيضًا أن لهاتين المادتين دورًا هامًا جدًا في التأثير على حالة الإنسان المزاجية ومدى شعوره بالسعادة والفرح، حتى أصبح العلماء يطلقون على هذه المواد اسم “ناقلات السعادة”.
متى يشعر الإنسان بلذة النوم؟
أضف إلى ذلك ما تقول به الفسيولوجيا –علم وظائف الأعضاء– من أن استهلاك أجهزة الجسم للطاقة يقل أثناء النوم عنه في حالة اليقظة بنسبة ٥ -٢٥ %، مما يضمن للجسم الشعور بالانتعاش والراحة عند اليقظة.
مما سبق يمكننا أن نصل إلى نتيجة مفادها أن النوم ذاته ليس له لذة، وأن ما يشعر به الإنسان إنما هو لذة الراحة والانتعاش الحادثة بعد النوم والناجمة عنه، هذا والله أعلى وأعلم.
اقرأ أيضاً:
التفكير الزائد قبل النوم، كيف تتخلص منه؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*********
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا