مقالاتأسرة وطفل - مقالات

تربية أنفسنا قبل أبنائنا .. تأثير القدوة وعلاقتها بعملية التربية؟

تربية الأبناء مسئولية عظيمة

في أحد الفصول دخل الطالب بدون أن يستأذن أو أن يقرع الباب، وفي مرة أخري قاطع أحد الطلاب المعلم وهو يشرح الدرس، مع العلم أنه تم التنبيه على عدم المقاطعة حتي يفهموا النقطة كاملة. وجد المعلم نفسه أمام سؤال “لماذا يدخل الطلاب بدون استئذان إلي الفصل ويقاطعوني وأنا أشرح الدرس! مع أني نبهتهم العديد من المرات على هاتين النقطتين؟ وبعد تفكير طويل وجدت الإجابة: إنه لم يكن قدوة لأطفاله في هاتين النقطتين؛ فهو يدخل عليهم الفصل دون استئذان ويقاطعهم وهم يجيبون على أسئلته؛ فقرر أن يغير هذا الأسلوب وأن يكون قدوة لأطفاله ليقتدوا به، وبالفعل في اليوم التالي جاء ميعاد الحصة ووقف المعلم عند باب الفصل وطرق الباب وقال السلام عليكم ثم دخل، نظر الأطفال إلى بعضهم باستغراب وجلسوا يتهامسون بينهم ما الذي يفعله معلمنا؟ لماذا يطرق الباب ويستأذن قبل الدخول؟! ثم بدأ الشرح وسأل أحد الطلاب سؤالًا وبينما كان الطالب يسترسل في الإجابة قاطعه المعلم بدون قصد ولكن كان رد فعل المعلم مختلفًا عن كل مرة فلم يكمل حديثه كالعادة بل توقف واعتذر للطالب عن مقاطعته له في الحديث – هكذا هي تربية الأبناء – وتكرر رد الفعل تجاه هذين الموقفين طوال أيام عديدة مع عدة مواقف أخرى من المعلم أمام الطلاب حتى حدثت المفاجأة! أصبح الطلاب يستأذنون قبل الدخول ويعتذرون عند مقاطعة معلمهم أو زميل لهم بالخطأ في الكلام. فقرر المعلم أن يبدأ من خلال تربية وتعليم الأطفال بعض الأخلاق الحميدة يكتسبوها معه طوال فترة الدراسة ولكنه اكتشف أنه لكي يعلمهم تلك الأخلاق يجب أن تكون عنده وليس ذلك فقط بل يجب أن يطبقها في حياته وأمامهم حتى تصبح ملكة أخلاقيه عنده وعند أطفاله .كان هذا دور المعلم فكيف يكون دور الأب والأم؟! نطالب أطفالنا بعدم فعل أشياء سيئة ونحن أول من نفعلها أمامهم، نطلب منهم عدم الكذب وعندما يرن جرس الهاتف نشير إلى طفلنا بأن يخبره بأننا نائمين أو غير موجودين! عندما نعلم أنه حصل على درجاته العالية في الدراسة بالغش لا نعاقبه ولا نلومه على ذلك بل نبارك له على نجاحه، وبهذا نشجعه كل مرة على أن يفعل ذلك، نريد من أطفالنا أن يكونوا سفراء للأخلاق الحميدة وهم لم يروا منا إلا عكس ذلك -ليس في كل شيء حتى لا نقع في التعميم ولكن في أغلب المواقف-
ولكي يصبح طفلك إنسانًا خلوقًا كما تريد “محترم ومؤدب وعنده أخلاق زي ما بنقول” فيجب علينا أن نكون نحن النموذج الذي يأخذ منه تلك الأخلاق، أن نكون القدوة التي يستمد منها كل جيد ويتعلم منها كيف يفرق بين الصحيح والخطأ وكيف يفكر ويعتمد على ذاته. أن نكون ذلك النموذج ليس في البيت فقط بل في الشارع وعند الأقارب وفي كل مكان يكون فيه أطفالنا معنا، يجب علينا تربية أنفسنا وأن نعمل على إصلاحها وإكسابها الملكات الأخلاقية الطيبة، ولن يتم ذلك بشكل نظري فقط؛ فالملكات الأخلاقية لن تترسخ في أنفسنا ما دمنا لم نخرجها إلى الواقع ولم ننفذها ونعمل بها، وعندما تصبح كذلك سنفعلها بشكل تلقائي دون تفكير مسبق. استعن أيضا بالقصص التي تحمل قيمًا تربوية، وأرى أنه من أجمل الأشياء أنه عندما يواجه الآباء موقفًا معينًا في عملهم أو الشارع أو وسائل المواصلات ويتمسكون بالحق وبالأخلاق، فمن الجميل أن يشاركوا هذا الموقف مع أولادهم ويحكوا لهم كيف تصرفوا فيكتسب الأولاد معرفة التصرف الصحيح في المواقف المشابهة، وكيفية الثبات على الحق والتمسك بالفضائل.
صلاح أطفالنا من صلاحنا وفسادهم من فسادنا. لذلك تربية النفس قبل تربية الابن. فنحن نريد أن نبني الجيل الذي طالما كنا نريد أن نراه حولنا.

#جيل_عاقل_خلوق_لمجتمع_فاضل.

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إسراء سيد

عضو فريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة