مقالاتعلم نفس وأخلاق - مقالات

ما أفعله غير ما أعتقده، فما السبب؟ وكيف أنجح في تغيير هذا؟

لما أفعالنا أحياناً لا تطابق ما نعرفه بعقولنا ؟

جرس الهاتف يرن فيجري الولد لكي يجيب على الهاتف فيقول له والده: «أعتقد أنه عمك فلان، قول له بابا مش موجود»، بعد ذلك بأيام يكسر الولد «الفازه»، أبوه يقول له: «ليه كسرت الفازه» فيجيبه الولد «مش أنا دي أختي» فيرد أبوه: «يا ولد ليه بتكذب مش أختك، انت اللي كسرتها أنا شايفك» يستغرب الوالد كذب الطفل في حين أنه أول من سن الكذب أمام الطفل،

يعتلي الإمام المنبر: «لا تدخلوا أولادكم المدارس التي تدرس اللغات؛ إنهم يحرفون أدمغة الأطفال، يجب أن نتمسك بلغتنا الأم. بعد ذلك يجد الناس أن إمامهم يُلحق أولاده بإحدى مدارس اللغات،

يوعظ القس جماهير الكنيسة بعدم البذخ ويجب أن نقتصد ويجده الرواد يركب أحدث سيارة!».

الفجوة بين المعرفة والعمل

كل ما سبق أمر مشاهد في حياتنا العملية، إنه البون الشاسع بين النظرية والتطبيق، إنها الفجوة التي يزداد اتساعها يوما بعد يوم، نحضر الدورات ونفتخر بأننا حضرنا للمحاضر الأشهر في البلاد، نفتخر بقراءتنا للكثير من الكتب، وننتظر أن يظهر في سلوكياتنا ما قرأناه وما سمعناه فلا نجد أي أثرًا، إنها الفجوة بين النظرية والتطبيق، يخرج المذيع بإحدى القنوات الشهيرة أمام ملايين المتابعين له ليحثهم على أن يصبروا على ما هم فيه من جوع ومن حرمان وفقر فيقول: يجب أن نقتصد بينما راتبه يتعدى المليون من غير نسبة الإعلانات، إنها الفجوة بين النظرية والتطبيق.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

يخرج الداعية الشهير ويقدم المواعظ والقصص من سير الأخيار وكيف كانت حياتهم، كيف كان يعيش هذا الرجل الصالح فالذي كان طعامه كسرة خبز يغمسها في الزيت وكيف كان يربط على بطنه حجرًا لكي يمسك نفسه عن الطعام ويحث الجماهير على عدم البذخ والإسراف، وأثناء حديثه تجده يلبس أفخر الثياب وساعة من أجود الساعات و«الإستوديو»  تجهيزاته من الأثاث والديكور قيمته تجهزأكثر من فتاة فقيرة للزواج! إنها الفجوة بين النظرية والتطبيق.

احترام الوقت أحد الأمثلة

كثير منا يقرؤون عن أهمية الوقت، نحضر دورات كثيرة في كيفية إدارة الوقت ونقرأ كتبًا مترجمة ونحضر دورات مكلفة ومع كل ذلك عندما نعطي موعدًا لزميل نتأخر عليه بوقت طويل، ولا أهمية لقيمة ما أخناه وما قرأناه، أنا واحد من هؤلاء حضرت دورات وندوات وقرأت كتبًا في كيفية إدارة الوقت ومع ذلك كان الوقت لا أهمية عندي فأتأخر في النوم وأشاهد البرامج التي لا فائدة منها، ومع الوقت وجدت أن العمر يمضي، الأيام تمر، الساعات تمضي، ولن أستطيع أن أستعيد ولو ثانية قد مرت مع تخيلي للساعة الرملية على أن حبات الرمال المتساقطة هي الثواني والدقائق التي تمر من حياتي، كيف تمضي وتتساقط الحبات ولا جدوى من رجوعها مرة أخرى، فما مضى فات،

عند ذلك أدركت أن الدقيقة هي أغلى من الذهب، إنها جزء يمضي مني، إنني أقترب أكثر وأكثر كل يوم من محطتي النهائية! ماذا فعلت لحياتي؟ ماذا قدمت لأهلي؟ ما العلم الذي اكتسبته؟ هل استفدت منه؟ هل وقفت المعلومة عندي ولم تتعدًّ لتصل إلى الوسط الذي أعيش فيه، هل قدمت ولو كلمة بسيطة يمكن أن تفيد أحدًا؟ لا تدع المعرفة تختزن في عقلك ولا تتعداه إلى الآخرين، اكتب ولو كلمة يمكن أن تدخل السعادة والمعرفة على الآخرين لا تعلم ما قد تفعله كلمة طيبة، لا تعلم ما قد تقدمه ابتسامة وكلمة رقيقة لعامل ينظف الشارع، لفرد أمن يحرس بنايتك، لا تدع الفجوة تتسع بين النظرية والتطبيق.

ابدأ بنفسك

ما نريده من أنفسنا أن ننتفع أولا بما تعلمناه وما قرأناه، ليست أنانية أن أبدأ أولا بنفسي فالبداية من الداخل أولا ثم إلى خارج النفس، فلا نفعل كما فعل أحدهم بقوله أريد أن أغير العالم وبعد مضي السنين وعندما لم يستطع تغيير العالم قال سأغير مجتمعي وتمضي سنوات كثيرة لم يستطع فيها  تغيير مجتمعه، ليقول سأكتفي بإصلاح أسرتي وعندما وجد أنه لا جدوى من ذلك عاهد نفسه وهو على مشارف الموت أن يغير من نفسه، لكن بعد فوات الأوان!

فلنبدأ بأنفسنا تطبيق ما تعلمناه ولو كان جزءًا بسيطًا، ووصية لي أولا قبلكم أن تبدأ بتطبيق يسير مما تعلمته، فلا تشدد على نفسك ولا تحملها ما لا تطيق؛ لأنك ستجد نفسك بعد فترة قد تعبت فلا تشدد كثيرا في التطبيق.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ابدأ بالتدريج

ابدأ تدريجيا في التطبيق، لو أردت أن تتعلم لغة ما فلا تقول سأحفظ ألف كلمة أو مائة كلمة في اليوم؛ صدقني ستفتر همتك بعد مدة قليلة، ابدأ باليسير، طبق تدريجيا لكي تستطيع أن تداوم على تطبيق كل ما تقرأ وحاول أن تفيد الغير بما تعلمته وأبلغ أثر في تعليم الغير هو التعليم بالقدوة، أن تكون قدوة في أخلاقك، في معرفتك،

إن كنت تتمنى أن يكون ابنك قارئًا جيدًا مستقبَلًا؛ فاقرأ أمامه وشاركه القراءة ستجده محبا للقراءة، إن كنت تريد زوجتك أن تفعل أمرا ما، استمع لها وأنصت لها باهتمام حتى ولو كان ما تقوله لا يهمك فقط، ستجدها تفعل ما تريد لأنك اهتممت بها وبما تقوله، إنه التطبيق لما تقرأ وتسمع. طبق ما تتعلمه تضيق الفجوة بين النظرية والتطبيق.

اقرأ أيضاً:

لما نقول ما لا نفعل ؟

لماذا نحن مميزون بالعقل ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اعرف نفسك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

محمد سليم

عضو بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالإسكندرية

مقالات ذات صلة