مقالاتمنطق ومعرفة - مقالات

النص والعقل، يتكاملان أم يتعارضان؟ – الرفيق قبل الطريق (الجزء الأول)

الصدام بين النص والعقل

تنشأ الصدامات أحيانا بين المدرسة النصية والمدرسة العقلية؛ تارة بسبب التعصب وتارة بسبب الفهم الخاطئ عن الآخر، فمن ضمن ما قرأت لأصحاب المدرسة النصية -الذي يرون أن النص الديني المقدس مقدم على العقل- باعتباره هو المركز الذي لا بد أن ننطلق منه في التعامل مع الوجود

ومصادر المعرفة وفلسفة القيم، كما أنه يمدنا بماهية الغيب وكنهه، ومن منطلق النظر إلى الوحي كالمصدر الوحيد المتجاوز لهذا العالم، كان كل ما دون الوحي هامشا يرد إلى الوحي وليس العكس.

إن المنهج العقلي لا يعارض النص الديني ولا يدخل معه في صراع من أجل نيل مساحة لا يستحقها، ولكن كيف يكون النص هو المركز الذي لا بد أن ننطلق منه في التعامل مع الوجود ومصادر المعرفة وفلسفة القيم؟!

منطقة عمل العقل

فالوجود هو المفهوم الذي لا يحتاج –من بداهته- لأي نص أو فكر أو تأمل أو تجربة لكي يدركه، فمن خلال إدراكنا للوجود ينطلق العقل في البحث عن واجد الوجود، عن طريق البراهين العقلية البسيطة لإثبات العلة الأولى التي أتت بهذه الموجودات على هذا النحو من التناسق المبدع والنظام الدقيق، ثم يدرك العقل من خلال هذه البراهين صفات واجب الوجود الكاملة المطلقة من القدرة والإرادة والحكمة وغيرها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لذلك لو عُطّل العقل في هذه المرحلة من رحلة البحث عن الحقيقة، وسلّم كل مريد نفسه للنص الديني؛ فلعمري كيف سيدرك صواب هذا النص وقدسيته واتصاله بالإله، ولذهب كل فريق بكتابه، ولما أصبح هناك ميزان يرجح صدق كتاب على الآخر، فما لكم كيف تحكمون؟!

النص والعقل كل منهما يكمل الآخر

أما مصادر المعرفة، فالذي حدد دور كل منها مسبقا هو العقل، فالعقل يدرك الكليات، والعقل يضع المبادئ البديهية التي يستخدمها أصحاب المنهج التجريبي، والعقل هو الذي يسلم نفسه للنص طوعا في بعض المساحات لأنه يدرك أنه لن يدرك بعض الجزئيات إلا من خلال النص الإلهي، فلا تعارض بين العقل والنصل بل يكمل كلا منهما الآخر، فالنص هو الصراط، والعقل هو النور الذي يهدينا لكي نمشي على الصراط مطمئنين.

كذلك إدراكنا لفلسفة القيم بالعقل هو الذي يرشدنا لصحة النص الديني، فلأن العقل آمن أولا بحسن العدل وقبح الظلم؛ فلن يقبل نصا يحرض على سفك الدماء البريئة، ولا كتابًا يدعو للركون الدائم للظلم، ولا منهجًا يتسامح في أكل أموال الناس بالباطل، ولا نظرة دونية للمرأة باعتبارها مخلوقًا نجسا غير معتبر، ولا فلسفة ترى الحساب في نهاية العالم هو تساوي القاتل والمقتول في الثواب والعقاب.

فلولا العقل ما اهتدينا، ولولا النص ما صليّنا ولا زكيّنا…

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضا:

 العلوم النظرية والعلوم التطبيقية.. أيهما أهم ؟

التعميم الأعمى يلاحقنا .. لماذا هو أعمى ؟ وكيف لنا أن نتخلص منه ؟

القوى الكامنة في الإنسان .. لماذا نحن مميزون بالعقل (1)

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أحمد السيد

بكالوريوس تجارة
خريج معهد إعداد الدعاة بوزارة الأوقاف
باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة