مقالاتقضايا شبابية - مقالات

الملافظ سعد… فاخترها بعناية، قصة تعرفي على العالم

عن ثقافة السب والشتم في مجتمعاتنا

قاربت على إتمام أسبوعي الرابع عشر ماكثًا في سكنٍ أشبه بالجنة؛ وكيف لا وهو مملوء بمشاعر الأمان والدفء التي تغمرني وتُطرب أذنَيّ بنغمٍ يصدر عن دقات قلب حنون يتكامل مع صوت أنفاس عذبة ليُشكلا معًا سينفونية هادئة تُدخل الراحة والسكينة على نفسي.يا ليت هذا الطرب المتناغم استمر طويلاً دون تدخُلٍ لأصوات أُخرى جديدة تصل إلى مسامعي لتحول دون سماع طربي الأول .

أصواتٌ غريبةٌ تارة تكون ذات نبرة حانية رقيقة؛ فتبث في نفسي هدوءًا وفي قلبي سعادة وفرحًا. وتارة أخرى تكون ذات نبرة صاخبة شديدة فينصاع لها نبض قلبي بالتسارع والاضطراب؛ فهي أصوات مزعجة؛ يؤذيني ويؤلمني سماعها وتثقلني بمشاعر الضيق والقلق.

أسبوع تلو الأسبوع وشهر تلو الشهر يَمرّان عليّ ثقالاً ليستمر الحال على ما هو عليه من لحظات جميلة تأنس بها نفسي. فقد انتظرتها بفارغ الصبر في وسط ساعات من الصخب والإزعاج .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وها قد حانت لحظة الميلاد؛ لتتواجه جُلّ حواسي مع عالم تألم بسببه سمعي كثيرًا وبث حزنًا في وجداني عميقًا؛ لأتمنى بشدة أن أعود إلى رَحِمِ أمي متقبلًا بطيب نفس وبرضا تام كل ما كان يصيبني فيه من اضطراب أو قلق فقد كان نعيماً مقارنة ً بما أنا فيه الآن. فما هذا الذي أسمع وما تلك الألفاظ الشديدة التي تضرب طبلة أذني دون سابق إنذار لتملأ كياني ألماً وحزناً؟!

تمر سنين العمر تباعًا لتعتاد أذني على سماع كلمات السب والشتم شيئًا فشيئًا؛ حتى أكاد أألَفُها فلم يعد يضجرني سماعها كما كنت في عهدي الأول الساذج البرئ؛ حتى أصبحت تنساق على لساني بسلاسة أثناء حديثي مع الأصدقاء والأهل والمعلمين لأقف مذهولاً أمام ازدواجيةِ مربٍ أو معلمٍ يزجرني ويعاقبني ويلومني بشدة بسبب ترديدي لألفاظ وكلمات السب التي يصفها بالبذائة والسوء وهي عينها تجري على لسانه، أو مندهشًا أمام من يقبل بهذه الكلمات من قِبل الأصدقاء والأحبة بدعوى التودد والتقرب إليهم وعلى النقيض يواجهها بالزجر ورفع الدعاوى القضائية بالسب والقذف من قِبل مخالفيه الرأى.

عذرًا بنيّ؛ ففي ظِل اختلال معايير الصواب والخطأ، وتدرج المنهي عنه دينًا والمعيب أدبًا وخُلقًا إلى العادة السلوكية المقبولة و المستحسنة من قبل البعض، فإنك بُنيّ أصبحت ضحية لألسنة تقذف بالسوء والأذى في كل زمان ومكان وللأسف ليست مقتصرة على فئة مجتمعية دون غيرها .

فكل ما يرسخ في أذهان أبنائنا عن طريق عائلاتهم ومعلميهم وأصدقائهم وكافة أفراد مجتمعاتهم وما يُصدّر لهم في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي له غالب الأثر على طبائعهم وسلوكياتهم بالسلب أو بالإيجاب.

فيجدر بنا أن نعي ثِقل هذه المسؤولية التي تقع على عاتقنا لتكون خطوة أساسية ومهمة للبحث عن حلول تبدأ بنشر توعية أخلاقية؛ يتبناها كل فرد ليُوقف ويكسر دَور بذاءة اللفظ وتدنيه ـ الذي اعتدناه حتى تناسينا قبحه – بلسان طيب يعقل ما سيقوله قبل التلفظ به وحتى إن زل اللسان وتعثر مرارًا؛ فلا بأس من مراجعة النفس والاعتذار لمن أسأت إليه أياّ كان عمره أو مقامه وتكرار المحاولة غير مرة حتى تتمكن من تملك لسانك فيجري عليه الحق باللفظ اللبق الأنيق الذي يحرز أهدافه الخيّرة والسليمة دون تنفير أو خدش لحياء وأدب سامعيه .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

 

ندى علاء منصور

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة