فن وأدب - مقالاتمقالات

اللص الجميل – الجزء الأول

قصة قصيرة

سأعترف أمامك بأدق التفاصيل، ولكن يجب أن تتحملني حتى أنتهي، وتذكر أن تلك أوامرك سيدي، نعم أنا اللص المحترف الذي يقف دوما بمحطة قطارات رمسيس، ساعة الذورة هي أفضل وأروع ساعاتي، لست نشالا تمتد يدي بجيوب الضحايا لأخرج بحافظة نقود قد تكون مليئة بالبطاقات والأوراق، ولكن لص من نوع مختلف؛ متخصص في الإليكترونيات الثمينة وفقط!

تتعجب طالما أني لص إليكترونيات لماذا لا أقف أمام التجمعات التجارية الكبرى مثل سوق العصر وكمبيومول وما شابه؟! لا سيدي هؤلاء الخارجين بعد عملية الشراء يكون الجهاز بيدهم مثل الوليد الجديد، يحيطونه بعناية واهتمام بالغين تجعلهم متشبثين به أكثر من تشبثهم بالحياة!

أما هنا في محطة القطارات يكون الجهاز الذي أترقب لحظة اقتناصه شيئا جانبيا أو ثانويا، تحين حتما لحظة تغافل عنه أكون منتبها لها كالصقر، وقبل أن تفيق الضحية من غفلتها التي لا تتعدى الثواني، أكون قد ابتعدت كثيرا بالغنيمة بين الزحام.

الجوالات الذكية والحديثة والحاسوبات المحمولة واللوحية هي ما أخرج بها من غنائم غالبا، ولا يتعدى نصيبي أكثر من جهاز كل يومين، فقط مرة أو مرتين كنت في حاجة لمبلغ كبير لطارئ لا يمكن تأجيله، اضطررت فيه إلى اقتناص جهازين في يوم واحد ولكن كان أحدهما نهارا والآخر ليلا. خطر جدا أن يظهر وجهك ويتم التعرف عليك في مكان يكون مسرحا لصرخات متتالية بأن سُرقت، اكتسبت مهاراتي التي تطورت بالخبرات المتتالية مع كل يوم يمر عليّ هناك.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

حتى جاء ذلك اليوم المشهود ..

كنت واقفا مرتكزا على جانبي في زاوية تكشف لي الكثير، وأنا أستمتع بهوايتي الجديدة قبل الفوز بالغنيمة، وهي قراءة الوجوه ومعرفة الكثير من الصفات الشخصية عبر القليل من التصرفات والحركات التي يراها البعض تلقائية.

هذا الرجل الذي يتلفت كل دقيقة ناحية السائرة بجواره أيا كانت صلته بها، هو يحبها حبا جما ويشعر بالشفقة عليها من معاناة السفر معه، يكفي أن تعلم هذا عندما ترى في كل التفاتة منه أنه يطالع وجهها أولا ليرى أمارات الألم، ثم يهبط ببصره ناحية الحقيبة التي تجرها وعند ذلك يظهر الضيق عليه، لأنه يثقلها بها بالرغم من أنه يحمل خمسة أضعافها.

هذا الذي يحمل حقيبته أسفل إبطه يشعر بأن ما تحويه ثمين جدا، ولكن من مظهره ولباسه لن يكون ما بها من كنوز سوى وريقات وشهادات تحمل سيرته وحياته الماضية، ويمضي بها للحصول على سفر أو ترقية أو انتقال لعمل جديد.

وأخيرا ظهرت الفريسة، فتاة متوسطة الحجم ممتلئة الوجه بيضاء كالثلج هادئة الجمال، ملابسها غير متكلفة ورقيقة ومتناسقة الألوان لأبعد مدى، ويزينها حجاب متألق بألوانه الزاهية التي تناجي بقية ألوان ثوبها وتدس أطرافه بين ياقتي معطفها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كان يبدو عليها التوتر وهي تتلفت حولها وتعدل من وضع الحقيبة على كتفها وتسحب نفسا عميقا، كأنما تستجمع قواها التي هي في حاجة لها إلى رحلتها الشاقة، التي من الواضح أنها الأولى إلى غايتها هذه المرة، رائع! هذه هي الفريسة المنتظرة، فبها كل المواصفات المثالية والمتطابقة مع كتالوج سرقة الأجهزة الإليكترونية بمحطة قطارات رمسيس!

لهذا اندفعت مسرعا لأكون على مقربة منها ويداي متأهبتان ومنتظرتان لحظة الصفر، ولم تتأخر كثيرا، فبينما هي تريد وضع يدها بجيب المعطف لتخرج منه شيئا ما، انزلقت الحقيبة الخاصة بجهازها الإليكتروني من فوق كتفها، فتلقفتها مسرعة بيدها التي خرجت هاربة من الجيب قبل أن تصل لمبتغاها، ووضعت الحقيبة على الأرض مستندة إلى ساقها،

لتعود مرة أخرى بيدها لتخرج حافظة نقودها تجهيزا لدفع ثمن تذكرة السفر، وعيناها لا تكفان عن الرمش السريع دلالة التوتر والمعاناة التي هي منغمسة فيهما، وبعد أن عدت نقودها وذهبت بها ليسراها لتعتصرها مع يد الحقيبة الأخرى التي تحمل بقية أغراضها، وعندما همت أن تنحني نصف إنحناءة لتعيد حمل حقيبة حاسوبها المحمول كانت صدمتها البالغة باختفائها تماما!

هل صرخت أم التاعت أم ماذا حدث؟ لا أدري فقد كنت في هذه اللحظات أحث الخطى خارجا من المحطة هابطا بسرعة بنفق محطة مترو الأنفاق لأختفي بداخله، تاركا الضحية تصارع كل المشاعر السلبية التي تتناسب مع قوة تحملها للصدمة.

كان من الطبيعي جدا وقتها ألا أضيع وقتا، وأن أذهب مباشرة إلى مقهى الإنترنت الخاص بشيكو لأخرج له البضاعة مهولا من قدرها وأنها حتما تختلف عما سبقها، وهو كالعادة يقلبها مهونا منها بعد أن يفتحها متفننا في استخراج العيوب التي تخسف كثيرا بالسعر الذي قد نتفق عليه.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ولكن لأن الجهاز يخص فتاة فالربح لا يكون بالمال فقط، الفضول لما يحتويه الجهاز من أسرار يؤخر من مرحلة المال خطوة كاملة، ولهذا بعد ساعة كنت بغرفتي أستخرج الجهاز من حقيبته المحكمة غالية الثمن، الجهاز بلونه القرمزي والملصقات التي تشغل ظهره يظهر بأنها أنثى مرفهة ورقيقة الإحساس إلى مدى بعيد، فتحت الجهاز وأنا أدعو بألا يطالبني بكلمة سر لفتحه، وقد كان،

فقد ظهرت لي على الفور صورة سطح المكتب الزرقاء، والتي تحمل شريطين ملتفين حول بعضهما البعض وبينهما خطوط حلزونية تصل بينهما تشبهان كثيرا شكل الدي إن إيه الخاص بالبصمة الوراثية، استبعدت هذا وقلت هي حتما صورة لسلم من الحبال المجدولة لأرجوحة تتمنى أن تحوز مثلها!

كان سطح المكتب لا يحوي إلا ملفين وورد وصورة، بالطبع أسرعت لفتح الصورة فإذا بها صورة لها وهي تقف بين حشد كبير من أناس يبدو عليهم الأهمية القصوى! لو كانت ترتدي زيا رياضيا لقلت أن هؤلاء أعضاء لجنة أوليمبية عالمية، أتوا مصر خصيصا لمكافأتها على المركز المتقدم الذي حازته في أي رياضة مجهولة لدينا، والتي غالبا نحصد فيها كل المراكز العالمية بسبب جهلنا بها!

حسنا المعلومة الأولى أنها شخصية ناجحة جدا في مجالها فما هو هذا المجال؟ لم أجد لافتة واحدة بالصورة ترشدني لذلك! فأغلقتها لأفتح أول الملفين وكان بها المفاجأة الأولى التي كانت بداية كل ما أنا فيه الآن! فقد كان الملف عبارة عن سيرتها الذاتية معدا بعناية وأناقة وتصميم رائع رقيق لا مثيل له..

الاسم: فادية الأنطاكي، فادية ونعلمه اسما مصريا صميما، فما دخل أنطاكية التركية بنا؟ هل لها أصول بها، ولكن هززت رأسي وأنا أتذكر محروس السويسي القادم من سوهاج والذي لم يسمع عن محافظة السويس من قبل!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تاريخ مولدها أصغر مني بثلاثة أعوام، ما زالت في طور الشباب والانطلاق والمرح واللهو إن توفر لها، مرحى! يبدو أنني سأجد الكثير مما يسرني.

متخرجة من كلية العلوم قسم الفيزياء، مثلها مثل مئات الآلاف ولجوا هذا القسم وتخرجوا منه ليعملوا في محلات بيع الحقائب الحريمي أو محصلين لفواتير الكهرباء والمياه!

ماجستير، ورسالة الماجستير في استخدام الليزر مع الأورام الليفية، كعلاج آمن يمنع الجراحة اللازمة لاستئصاله، أعتقد بأنها ثابرت كثيرا حتى تعمل مربية برياض الأطفال أو مدرسة علوم للصف الثالث الابتدائي بعد المعاناة لأجل رسالة الماجستير الثقيلة هذه!

دكتوراه في استخدام الليزر لأجل أورام البنكرياس، أعتقد أنها حتما تعمل مدرسة الصف الثانوي وقد يكون ذلك بمدرسة لغات، من المستحيل أن يصبر امرؤ على كل هذا ويفشل في تحقيق حلمه.

انتقلت من خانة المؤهلات إلى خانة الخبرات لأجدها تعمل بأحد أكبر المراكز البحثية في استخدامات الليزر للأغراض العلاجية، ماذا؟! هل يوجد عندنا شيء كهذا؟ وأين يختفي؟ وكيف توصلت هي إليه؟!

يبدو أني سألج عالما جديدا محاطا بالخيال العلمي، سأجد نور الدين محمود وهو يستقل سيارته الصاروخية ليقلها إلى المنزل، وسلوى زوجته تهدده بسلاح نيوتروني، لو كررها لن تتردد في تبخيره به فهي تغار عليه حتما! وابنته نشوى لا تلاحظ كل ذلك وهي مستلقية مع الألعاب الهولوجرافية!

مالنا نحن وهذه الأشياء؟ نحن ندرسها لكي نحصل على شهادة نتباهى بها أو تساعدنا في العمل بوظيفة حكومية أيا كانت مهما اختلف المسمى! هل بدأوا التطبيق بالفعل عندنا وأصبح منا من هو قادر على التعامل مع تلك الطلاسم النظرية؟! فوجئت بها تدرجت في جميع أقسام هذا المركز، ولها باع طويل في التعامل مع مراكز علاج أورام الأطفال، ولها اسم وثقل ويتم طلبها بالاسم لحضور ندوات عالمية آخرها كان باليابان!

أغلقت الملف يحوطني الاندهاش الكبير! كان الأمر أشبه بمشاهدة أفلام توم وجيري، وأنت تتابع وتضحك وتمرح وتتعاطف مع القط توم، في نفس الوقت الذي تنبهر وتغبط فيه الفأر جيري، ولكن لديك يقين لا ينازعه شك بأن هذا محض خيال، وإذا بك عندما تغلق التلفاز تجدهما يتصارعان أمامك مباشرة في صالة منزلك! بالطبع ستهز رأسك وتحاول الاستفاقة من الخبال الذي يعتريك. ولهذا هززت رأسي وقلت فَلْنرَ رائدة الفضاء هذه ماذا تختزن في جهازها؟

فتحت أول جزء من قرصها الصلب، فإذا به يعج بكتب ومراجع وأفلام تخص أبحاثها ودراستها وعملها، يبدو أن الإثارة لن تكون من نصيبي هذه المرة.

فتحت الجزء الثاني فإذا به يحمل صور العائلة وأفلاما لهم في الأفراح والمناسبات المتعددة، فرحت به وبدأت أستطلع كيف تبدو هذه المخلوقة القادمة من كوكب كريبتون. وإذا بي أجدها فتاة عادية تماما، هي نفس الفتاة التي تراها بمترو الأنفاق تعبث بجوالها، أو تلك الفتاة التي تراها بالأسواق تمسك بطرف ثوب تستعرضه، وعندما ترى ثمنه تبتسم ابتسامة مجاملة وتنطلق لترى غيره.

وهي الفتاة التي تحتفظ بغلاف قطع الشيكولاتة الملونة كأنها أوراقا نقدية ولا يسهل عليها التخلص منها! ولكن يبدو عليها أنها قليلة الحركة والكلام، تختار جانبا قصيا لتجلس فيه والابتسامة لا تغادر وجهها، وتصفق بيديها مع اللحن الذي تستمع له وهي تهز رأسها على نغماته.

لم أجد لها صورة واحدة بدون حجابها أو وقارها المدهش هذا! قلبت الكثير من المجلدات، ولم أجد سوى بعض البرامج الخاصة بالحاسوب ومجلد خاص بالقرآن الكريم بصوت الشيخ المنشاوي، ومجلد ليس به سوى صورة لها حين كانت طالبة في السنة النهائية ويبدو أنها كانت بحفل تخرج بين جميع زملاء دفعتها.

تعجبت لِم تخصص مجلدا بأكمله لهذه الصورة فقط؟ ولماذا فارقت مجلد صور العائلة الكبير؟! خرجت من المجلد وفحصته لأرى خصائصه، ولمعت عيناي بقوة واندفعت الدماء بعروقي واعتدلت في جلستي، ها قد وصلت للإثارة التي أبتغيها!

المجلد حجمه يتعدى ثلاث جيجات وليس به سوى صورة واحدة! لذا فهو يحمل الكثير من الملفات وربما المجلدات المخفية، رائع أيتها العالمة الذرية، أظهري لنا وجهك الآخر، سوف أستمتع كثيرا وأنا أرى جوانب نقائصك البشرية التي لا بد منها.

على الفور توجهت لإظهار جميع الملفات المخفية ولم يظهر لي سوى مجلد واحد، حاولت فتحه فإذا به يطالبني بكلمة سر! بئسا، ولكن مرحى كذلك؛ معنى هذا أن المجلد يحوي أدق أسرارها، وأنا قتيل هذا المجلد لن أبارحه حتى أعلم محتواه.

لن أحمل الجهاز لشيكو قبل معرفة سر هذا المجلد، ولكنني في حاجة إلى معاونته لي في هذه المهمة، فما السبيل؟ اتصلت به مسائلا عن حل، فما كان منه إلا أن طالبني بهذا المجلد كي يتعامل معه، وهذا ما أرفضه، فقال لي أن أتعلم بنفسي بالبحث على شبكة الإنترنت طالما أنه أمر شخصي وسري لهذه الدرجة، وقد كان..

يومان كاملان تعطلت فيهما عن متابعة وظيفتي في محطة القطارات، وأنا متضرع في محراب التعلم وتجربة ما تعلمته مع هذا المجلد، وللأسف فشلت كلها!

وجاءني الحل بغير سعي إليه، أحد المواقع التي كنت أتعلم بها كان يستوجب الاشتراك به مسجلا بريدي الإليكتروني حتى يمكنني مطالعة مواضيعه، إذ به يرسل لي رسالة بأن هناك دعما فنيا للحوار المباشر مع أحد أفراد خدمة العملاء عبر صفحات الموقع. على الفور فتحت هذه الصفحة وذهبت إليهم لأعرض عليهم مشكلتي، وبعد أكثر من عشرين سؤالا أرسل لي برابط لبرنامج كان مثل المفتاح السحري فقد قام بفتح المجلد بالفعل!

كدت أن أقبل الشاشة، مرسلا بهذه القبلة لذلك الرجل الذي ساعدني في الوصول إلى بغيتي! لم أمنع نفسي من الوقوف متقافزا وراقصا بمنتصف غرفتي! كنت كمن يبحث عن إبرة في كومة قش ونجح في الوصول إليها بالفعل.

سحبت نفسا عميقا كمن سيقبل على أمر خطير يشكل فارقا كبيرا في حياته، وفتحت المجلد، وكانت خيبة ظني الكبرى! فقد كنت أتخيله مليئا بملفات فيديو كبيرة تشغل كل هذا الحيز، ولم أجد سوى ملفات قراءة بصيغة البي دي إف، ومعها ملف صوتي واحد، أسرعت بفتحه فحتما سيحمل اعترافاتها الليلية، ولكن يبدو أن خيبة الأمل قد راق لها مغازلتي، فلم يكن الملف سوى أغنية نجاة بصوتها الحالم وهي تتباكى قائلة: متى ستعرف كم أهواك! ولكن تساءلت ما الذي يدفعها كذلك لإخفاء أغنية عادية كهذه؟! وكانت الإجابة أن هذا المجلد يحوي قصص حبها المشتعلة وهذه الأغنية هي التي تمثل لها أعمق وأمضى ذكرى لها!

عادت حماستي مرة أخرى كانت الملفات مرقمة بأرقام متسلسلة وتواريخ متتالية ففتحت أول ملف صاحب أقدم تاريخ لأقرأ ما فيه، وليتني ما فعلت! لم أرَ في حياتي رقة إحساس لهذه الدرجة!

لم أرَ مشاعر متدفقة بهذا الشكل!

لم أكن أعلم بأن الكون به ملائكة تسير على الأرض مثل هذه المخلوقة!

دهشت لأن هناك قلوبا نقية ما زالت تنبض في هذه الأرض!

كانت مرتبطة بزميلها في العمل، وكل يوم تعود لتخط مشاعرها نحوه وتقييمها لخطواته وكلماته وكل ما صدر عنه في هذا اليوم! لم تمل من كتابة هذه اليوميات لمدة عامين دون أن يلحظها أو يشعر بنبضات قلبها الصارخة والهاتفة باسمه مع كل دقة، وليته ما علم ولا أدرك ذلك!

فعندما شعر بها بدأت تظهر في كتاباتها ردود أفعاله معها. من واقع خبرتي كرجل وصياد ماهر كذلك، لقد كان الوغد يريد بعض التسرية والتسلية طالما أنها متاحة ولا تعب! لم يشعر هذا الوحش أن كلمة واحدة منه قد تدفعها لتنتشي فرحا وسعادة، أو تجعلها باكية ليلها والحزن يعتصر قلبها، وتظل تناجيه عبر كلماتها هنا بهذه الملفات التي وقعت بيدي، والتي حتما لا يعلم عنها شيئا! لقد تذوقت العذاب ألوانا دون أن يشعر أو يدري!

وأخيرا بمنتهى البساطة وبعد شهرين فقط، أخبرها بأنها ظالمة وتفتقد لكثير من مقومات الحياة المشتركة! كل ذلك لأنها أرهقته بمطالبها العاطفية، والحقيقة أنها لم تستجب لمحاولاته الدنيئة بالخروج عن إطار الأدب والوقار في كل شيء!

لست أدري كيف أتاني الصبر لقراءة كل هذا! هل هو صدق كلماتها ومشاعرها؟ أم لأنها فريدة من نوعها وأردت استكشافها؟! كنت أثناء قراءتي أعلم بأني متربع داخل رأسها، أقرأ أفكارها التي لم يطالعها أو يدرِ بها أحد!

فهذه الملفات سرية للغاية وهي تثق ثقة مطلقة باستحالة الوصول إليها، خجلها وخوفها على مشاعرها بهذه الدرجة، ورقتها وبساطتها مع قيمتها العلمية جعلتني أقف متحيرا جدا! لا يوجد إنسان متكامل هكذا! هناك نقطة غائبة، هناك ضلع ناقص يجعل كل ذلك منطقيا، ونسيت تماما ما كنت منغمسا فيه قبيل رؤيتي لها، وعزمت على خوض المجهول لأكتشف هذا الضلع!

اقرأ أيضاً:

الملاك

أربعون وجها للص واحد “متتالية قصصية”

لا يحمل اسمي

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. أحمد السعيد مراد

طبيب وروائي – عضو اتحاد كُتاب مصر

مقالات ذات صلة