مقالات

فيلم الكارتون الفأر الطباخ

فيلم الرسوم المتحركة ( الكارتون ) الفأر الطباخ ( الفار الطباخ ) تدور أحداثه حول فأر يحلم بأن يصبح طاهيا ولا يريد أن يصير طاهيا عاديا بل يضع أمام عينيه أفضل طاهٍ عرفته باريس فى أفضل مطعم فى باريس. والفأر الطباخ فى هذا الفيلم قد يمثل انعكاسا لبعض الطبقات فى مجتمعاتنا, الطبقات التى لا تملك المال ولا النفوذ ولا السلطة ولذلك يحاول المجتمع أن يفرض عليها مكانة معينة ولا يرى لأفرادها حقا فى أى مكانة أخرى بل قد يرى أن محاولة أى فرد من هذه الطبقات للتقدم واكتساب مكانة أفضل اعتداءً على حقوق الغير.

فى بداية الفيلم نرى الشخصيات الرئيسية فى الفيلم كالفأر الطباخ ريمى والفتى لينغوينى والناقد ايجو وهم يدورون فى رحى المجتمع وكل منهم يتبع مجموعة من العادات والقوانين التى لا يعرف ماهيتها ولا يرى لها أثرا محمودا.

فالفأر ريمى يجد نفسه مضطرا للذهاب مع والده وأهله لجلب الطعام من القمامة والذى يعتبره سرقة ومضطرا لاستخدام موهبته فى تمييز أنواع الطعام المختلفة بالشم فقط فى اكتشاف السم الذى وضع على الطعام كما أنه اعتاد سماع التحذيرات والتنبيهات الكثيرة التى تحذره من إطلاق العنان لحلمه المحال تحقيقه

ولينغوينى الذى وجد نفسه مضطرا لاستجداء وظيفة عامل نظافة فى مطعم هو فى الأصل لوالده, ومضطرا لتقبل الإهانة والسخرية الدائمة لأنه الأضعف والمحتاج للمال.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

والناقد ايجو الذى اعتاد رؤية الخوف فى أعين من ينتقدهم واعتاد تقديم النقد اللاذع للطهاة واعتاد التملق من الجميع لأنه يملك المكانة والنفوذ.

ولكن تبدأ أحداث الفيلم فى إبراز الفكرة الرئيسية والتى هى محور الفيلم وهى فكرة الخروج عن المألوف فكل من هذه الشخصيات الثلاثة قرر الخروج عن المألوف وتغيير الحاصل فى المجتمع من حوله.

فنجد الفأر ريمى يقرر تجاهل قوانين مجتمعه وتحذيرات أهله والثورة على عادات مجتمعه ومجتمع البشر وتخطى الصعاب للوصول لحلمه ولينغوينى الذى خرج هو الآخر عن المألوف وقرر التسليم بالأفضلية لفار والناقد الذى تجاوز كل الحدود فى الخروج عن المألوف حيث خرج عن المألوف فى المجتمع وخرج عن المألوف لنفسه وما اعتادته نفسه لسنوات طويلة.

فكيف كان خروجهم عن المألوف هذا؟؟؟ وكيف استطاعوا تغيير وضع خاطئ مترسخ فى فكر المجتمع؟؟؟

يمكننا أن نلخص ما احتاجه أبطال الفيلم وما قد يحتاجه أى شخص لتغيير عادات خاطئة فى المجتمع فى كلمتين وهما المعرفة والأخلاق.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الفأر الطباخ عندما قرر الخروج عن المألوف تجاهل معايير المجتمع الخاطئة لطالب المعرفة وبدأ يبحث عن المعرفة الحقيقية بدأ فى تحصيل المؤهلات الحقيقية لطالب المعرفة والتى ستساعده على تحقيق حلمه، فقام بقراءة كتاب الطهى ومتابعة برنامج الطهى واستغل موهبته فى تمييز مكونات الطعام بالشم بشكل سليم وسخرها لخدمة هدفه، وقام ريمى بتهذيب نفسه وتحلى بالأخلاق التى منعته من القبول بالسرقة حتى فى أكثر الأوقات جوعا وتعبا وحاجة للطعام رفض التنازل عن أخلاقه ورأى أنه لو سرق لأى سبب فإنه سيدنو بمعرفته إلى منزلة تصبح فيها معرفته بلا قيمة بدون الأخلاق.

ولينغوينى لكى يخرج عن المألوف كان لا بد أن يتمتع بقدر من المعرفة والأخلاق.. المعرفة التى جعلته يكتشف جهله فى مجال الطهى ويقر به وجعلته يكتشف أفضلية من هو دونه ظاهريا فى المجتمع ويقر له بهذه الأفضلية ويسلم له، والأخلاق التى سمحت له بالتواضع وتقبل فكرة التسليم لفأر حتى أنه سلم له مطبخه بالكامل يفعل به ما يشاء.

والناقد الذى كان لا بد من تمتعه بالمعرفة والأخلاق للإقدام على ما فعله. لقد كان عنده من المعرفة فى مجال عمله ما يؤهله لاكتشاف الجمال والإتقان فى شئ حتى ولو عُرض عليه لأول مرة وأهلته لمعرفة أن هذا الشئ يستحق منه الخروج عن المألوف، وكان عنده من الأخلاق ما أكسبه الشجاعة للتنازل عن المكانة والمنزلة التى بناها لنفسه خلال سنوات كثيرة من أجل قول كلمة حق.

إذا فالمعرفة والأخلاق أو الأخلاق والمعرفة هما المؤهلان الأساسيان واللذان لا بد أن يتحلى بهما من يرد الثورة على العادات الخاطئة وإحداث فارق حقيقى فى المجتمع ولا بد من تلازمهما فلا يمكن الاكتفاء بواحدة منهما فقط ولكن لا بد من تنميتهما معا.

ولكن هل كل خروج عن المألوف صحيح؟؟ وهل دائما العادات والقوانين تكون مكروهة؟؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إن المجتمع كوحدة كلية أو كأفراد لا بد من خضوعه لمعايير ومبادئ كلية تحكمه وتحكم أفراده وهذه المعايير لا بد أن تكون سليمة وتؤدى إلى التقدم الحقيقى للمجتمع وترتقى بأفراده جميعا ولا بد أن تكون موضوعة وفقا لقوانين سليمة مطلقة كقوانين التفكير التى يقدمها علم المنطق، وعندما يخرج المجتمع عن هذه المبادئ بشكل يؤدى إلى تأخره بدلا من رقيه ويضر بالحياة السوية لأفراده هنا يُطلب منا الخروج عن المجتمع وفى حقيقة الأمر أنه فى هذه الحالة المجتمع هو الخارج عن الطبيعى والصواب ونحن نحاول الالتزام بالصحيح, ولكى نستطيع اكتشاف أن المجتمع انحرف عن المبادئ السليمة ولكى نستطيع مواجهة هذا ومحاولة تنبيه المجتمع فلا بد أن نتحلى بالمعرفة والأخلاق.

والفرد عندما يبدأ رحلته فى تحصيل المعرفة والتحلى بجميل الأخلاق قد تشغله الصعاب التى يواجهها عن إدراك الفائدة النهائية والخير الذى سيعم عليه وعلى مجتمعه؛ فسنجد أنه فى حين كان أصدقاء الفأر يلعبون ويلهون ويبحثون عن الطعام كان هو يقرأ الكتاب ويحاول تنمية موهبته فى الطهى ورأيناه كان معرضا للقتل والضرب كثيرا خلال أحداث الفيلم.. سنجد أن الفتى كان دائما يعيش حالة من القلق والخوف من أن يكتشف أحد الفأر معه ومطعمه الذى أغلق نتيجة خروجه عن المألوف.. والناقد الذى تخلى عن وظيفة ومكانة كان يعتقد أنها تشكل حياته بالكامل… لقد واجهوا كل هذه الصعاب ولكنهم فى النهاية وصلو إلى سعادة حقيقية سعادة ما كانوا سيصلوا إليها لو تجاهلوا نداء المعرفة والأخلاق بداخلهم سعادة ما كانوا ليحصلوا عليها لو استبدلوا الكمالات الحقيقية بالكمالات الوهمية.

فالمعرفة والأخلاق كما يقول الحكماء دائما هى الكمالات الحقيقية للإنسان وما دونهما كمالات وهمية توهم الفرد بأنها سبيل سعادته, فالكمالات المادية كالطعام والشراب والملبس والمال وهكذا هى كمالات لا تحقق السعادة للفرد حيث أن الإنسان يحتاجها بقدر محدود ولغرض محدود وأى محاولة للاستزادة منها أكثر من المطلوب تؤدى للضرر والأذى أما المعرفة والأخلاق فهى كمالات حقيقية وهى السبيل الحقيقى للسعادة وأى استزادة منها تعنى المزيد من الرقى والرفعة والتقدم نحو الكمال ومهما استزاد منها الفرد لا يكتفى فيجب علينا ألا نستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير.

فيلم بطاريق السيد بوبر (Mr. Popper’s Penguins)

فيلم “المستعصية” عندما يكون الاختلاف مبررًا للقتل

اضغط على الاعلان لو أعجبك

دعاء محمود

طالبة بكلية الطب جامعة المنصورة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة