إصداراتمقالات

العقل من الله ولله

يقول الحكماء أن معرفة الله فطرية؛ أى أن الإنسان يعرف الله بالفطرة، ومعرفة الله الفطرية تعنى؛ أنه بداخل كل إنسان وفى قلبه وعمق روحه توجد إمكانات وبذور معرفة الله. وأن فطرة كل إنسان تدفعه إلى التساؤل عمن خلقه؟! ولم خلقه؟! ويصبح بداخله فضول لإيجاد إجابات لهذه الاسئلة. وإن لم يَسْع هو لمعرفة هذه الإجابات؛ سيظل كل ما يملكه هو الفضول. وقد يفقد هذا أيضًا؛ذلك لأن هذه المعرفة الفطرية ليست بالقوة التى تغنى تمامًا عن التفكير والتأمل ومحاولة معرفة الله بحق. وإن استسلم الإنسان لفضوله هذا وقرر تعميق معرفته بخالقه فعليه أن يتحرى آيات الله فى الكون، وفى نفسه، ويستخدم عقله لحل ما عجز عنه حسُّه.
فعندما ينظر الإنسان إلى جميل صنع الله فى الكون، ويتأمل فى الطبيعة من حوله سيرى بكل وضوح أنَّ لهذا العالم قوة مدبرة حكيمة ،ويدًا قديرة تدير شؤون هذا الكون. وقد أُمر الإنسان بالتفكر فى خلق السماوات والأرض والنبات والحيوان وهذا من الأصول الأساسية للمعرفة الإلهية؛ وهذا من الناحية الحسِّية.
فهل يكفى هذا لمعرفة الخالق معرفة تليق بجلاله وعظمته؟! أيكفى هذا لمعرفة أن خالق هذا الكون لابد أن يكون واجبًا فى وجوده {تخيل عدم وجوده ينافى العقل} وما سواه ممكن{تخيل وجوده أو عدم وجوده لا ينافى العقل} ؟! هل يمكن للتأمل فى الطبيعة أن يوصلنا لمعرفة أن ذات الله وجود غير محدود ،بينما لكل موجود من الموجودات حدود ونهايات؟! هل يمكن للنظر فى الطبيعة أن يخبرنا كيف أن الله واحد وحدة ليست من قلة ولكنها وحدة تفرد فليس كمثله شئ؟! كيف نعرف أن الكون لابد له من إله ؟وأنه هو الخالق بحق والمستحق للعبودية وأنه أرسل الرسل والرسالات؟!

إن الفائدة التى تعود من النظر فى الطبيعة وآيات الكون قليلة جدًا بالمقارنة بالفائدة التى تعود من التفكر فى الأفكار العقلية المحضة؛ فالإنسان موجود تكمن فيه القدرة والاستعداد لبلوغ أسمى مراتب الكمال والدرجات المعنوية، وما منحه الله العقل والقدرة على الوصول إلى ما هو مجرد وغير محسوس إلا ليساعده على هذا الجانب التكاملى. ولكن إذا اقتصرت حياته على الحدود الطبيعية والحياة الحسّية، لم تكن هناك حاجة لهذا العقل! ولم تكن هناك حاجه إلى تلك الرسائل الربانية فى النصوص التى تدفع الإنسان دفعًا نحو هذه الأفكار العقلية!!
ومن اختار تعطيل العقل عن التفكر فى ذات الله سبحانه ،واعتقد أن وظيفة العقل هى حفظ النصوص وإقامة شعائر التعبد وحسب؛ فهذا من شَغَلَ عقله بإقامة العبودية دون إدراك الربوبية ففاتته العبودية ولم يدرك الربوبية.

دعاء محمود

طالبة بكلية الطب جامعة المنصورة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة