إصداراتمقالات

الطبيعة الشاذة

(Homosexuality)المثلية الجنسية بالإنكليزية          :
“هي توجه جنسي يتسم بالانجذاب الجنسي أو الشعوري أو الرومنسي بين أشخاص من نفس نوع الجنس، الذكر ذو الميول المثلية يلقب “مثليًا” موجبا أو سالبا أو “مثلي الجنس” أو “شاذا جنسيًا” أو “لوطيا، أما الأنثى ذات الميول الجنسية المثلية تُلقب “مثلية الجنس” أو “سحاقية.”

لكن دعونا من تلك المصطلحات فلا يليق بتلك الحالة غير مسمى “الشذوذ”، تلك الظاهرة ليست بجديدة فهي موجودة مُنذ زمن بعيد، وإنما كان أصحاب تلك الظاهرة يفعلونها في الخفاء إلا أنه بفضل الولايات المتحدة تم تقنين هذه الظاهرة والأخذ بها تحت مسمى التحديث والتنوير، ومن قبل ذلك كان يصنف الشذوذ الجنسي تحت قائمة الأمراض النفسية، وذلك دليل واضح على أن المنهج المعرفي للنظام العالمي ليس قائما على حقائق ثابتة بل قائم على معتقدات ظنية متغيرة بحسب تغير رأى الأغلبية وفي الحقيقة ذلك أمر لا يتعارض مع منهجهم الديمقراطي كغاية وليست كإجراء، وطبعًا من قبل ذلك القرار كان يوجد الشذوذ الجنسي كما أسلفنا ولكن أليس هذا دليلا على أنّ العصر الذي نحيا فيه هو عصر شهواني فقد قيمة العقل وأصبح يتدنى في التسافل حتى وصل به الأمر لمخالفة الفطرة الإنسانية خلافًا بيّنا؟!

ربما تكمن المشكلة في جزئية الإرادة لدى الإنسان والتي هي بمعنى أدق الحرية التي يؤخذ على آثارها أفعال وقرارات هي في ذاتها تتعارض مع مبدأ الحرية الصحيح الذي فطرنا عليه لتحقيق الغاية منه فإننا خُلقنا أحرارا لكى تكون لنا حرية الاختيار بين ما هو خير وما هو شر، فما كان لنا أن نختار الخير حتى نقدر على فعل الشر لنتجنبه لكى نفعل الخير، وذلك لن يحدث إلا عندما يكون الإنسان حرا، فالحرية ذهب معناها لدى البعض وحسبوا أنها غاية في ذاتها أن تكون حرًا طليقا تفعل ما تريده بدون أي قيود ويقولون ألم نُخلق أحرارا ؟ فلما تضعون قيودا تتعارض مع حريتنا؟  وكأنهم ينسبون لنا انتكاسة الفطرة الإنسانية والتعارض مع طبيعتهم كأحرار، ولكنهم يغفلون عن سبب الحرية، فالحرية كما يعرفها الفلاسفة هي ليست التردد بين فعل أمرين، بل هي معرفة الخطأ كخطأ وعدم الإقبال عليه ومعرفة الصواب والإقبال عليه فالحرية ليست غاية كما قلنا وإنما هي وسيلة نعبر بها للارتقاء والتكامل، وليست وسيلة للتدني والتسافل.

مما أسلفنا نريد الإثبات بأن الشذوذ الجنسي فعل خطأ يتعارض مع فطرة الإنسان، وذلك سيجعلنا نُعرف ما هو الإنسان فماهية الإنسان مكونة من بُعدين، بُعد مادي محض وهو “الجسد” وذلك الجزء الحيواني للإنسان . وبُعد مجرد محض وهو “النفس” وذلك هو جزء الناطقية للإنسان أو بمعنى آخر الجزء “العاقل”، والبُعد المادي للإنسان يشترك فيه مع كافة الحيوانات ويشترك أيضًا في ميولهم “الطبيعية” مثل (الشهوة – الغضب – السعي للبقاء – دفع الضرر – ….) ولكن الفرق الذي يميز الإنسان عن باقي الحيوانات هو (العقل) ذلك العقل هو الذي يِقوم معنى الإنسانية والذي بدونه ما كان الإنسان إنسانا، مما أسلفنا يتضح لنا أنّ الشهوة تكمن في الجزء الحيواني لدى الإنسان، وأننا لا نجد أي دافع لظاهرة الشذوذ الجنسي غير الشهوة، مهما ادّعوا من مبررات لتلك العلاقات غير الطبيعية فستظل الشهوة هي الشيء المعبر الوحيد للشذوذ الجنسي، وإثبات أنّ تلك الظاهرة ليست طبيعية، هو أنّ الحيوان الذي ليس له عقل ليقبح أو يستحسن لا يأتي بها، فذكر الأسد لا يأتي إلا بأنثى الأسد، فهو بغريزته الطبيعية يعلم متنفسا لشهوته الجنسية في مكانها الصحيح، ولكنهم جاؤوا بأمر مشين وقالوا بعض الحيوانات تفعل الشذوذ الجنسي، ومحال أن يكون هذا أمرا طبيعيا إلا إذا تدخل الإنسان هنا ليفسد الطبيعة فلو قمنا بحبس حيوان ما لفترة معينة من الزمن ذلك الحيوان سيكون عنده شهوة جنسية مكبوتة وعند أقرب فرصة له سيقوم بإفراغها في أي مكان وفي أي شيء سواء كان ذكرا أم أنثى حتى وإن كان الحيوان ليس من نوعه، وذلك أمر ليس بطبيعي ولكن الطبيعي أن الحيوان لا يعتب عليه فإنه ليس له عقل يحكمه فعندما تأتي شهوته يفرغها، ولكن لو عاش هذا الحيوان حياة طبيعية فسيكون الذكر للأنثى والأنثى للذكر.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إذا افترضنا أن ما قلناه في مسألة الحيوان ليس صحيحا -و ذلك محال لأننا نراه ونشاهده بأم أعيننا- هل هذا يبرر للإنسان أن يكون شاذا جنسيا؟! بالطبع لا؛ فالإنسان بعقله يدرك المفاهيم الكلية مثل (الحكمة-العدل-….)، والنظام التكويني وفق مبدأ العدل والذي يعنى إعطاء كل ذي حقّ حقه، ومن ذلك المنطلق خُلق الذكر والأُنثى لتكون الأُنثى للذكر ويكون الذكر للأُنثى، فلو كان غير كذلك فما كان يوجد ذكور وإناث لكان يوجد على الأقل جنس واحد أو كان يوجد عالمان وكل عالم منهما يحتوى على نوع واحد من كل جنس ذلك ليس عدل فمن العدل أن يوجد جنسان مختلفان وكل منهما يحتاج للآخر، فإن الإخلال بتلك المنظومة هو ظلم بيّن وإعطاء حقوق لغير مستحقيها ومخالفة للحكمة التي تقتضى وضع كل شيء في موضعه، وهنا نخاطب الإنسان الذي تتقوم إنسانيته بالعقل  الذي يدرك مفاهيم العدل والحكمة، هل من الحرية أن تتحرر من المبادئ العقلية وتفعل ما تريده شهوتك لتصبح أدنى من الحيوان؟ أم الحرية تكمن في تحررك من قيود شهوتك والتحكم بها بقيود العقل التي قد تكون ليست قيودا بل مميزات تجعلك ترتقي من الحيوان للإنسان وتكتسب ملكاتا أخلاقية حسنة تجعلك ترتقى عن الملائكة؟ الأمر بين يديك عزيزي الإنسان، بأن تختار أن تكون عبدًا لشهواتك فتصبح حينها لا فارق بينك وبين الحيوان بل تكون أدنى منه، أو تختار أن تكون حرًّا بمبادئك العقلية فتصبح حينها أرقى من الملائكة، فهذه هي الحرية حقّا.

ونختم بتوضيح أمر لا بدّ منه، إننا لا نمهد لنفي الشواذ الجنسيين من مجتمعنا بل نودّ القول بأنهم مرضى نفسيون يتحتم علينا كمجتمع احتوائهم ومعالجتهم حتى يصبحوا طبيعيين، فكما أننا نتحدث عن العدل والقيم والمبادئ، فمن العدل إصلاحهم وتوجيهم وليس من العدل نفيهم، فهم لهم حقوق علينا يجب أن نوفيهم إياها، فإن الذي يدعو للعدل، يجب أن يتحلى  بقيمة العدل فإن “فاقد الشيء لا يعطيه”.

أحمد عادل

طالب

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة