مقالاتقضايا وجودية - مقالات

الصفة الأولى -الفراغ الوجودي

كثيرون لا يعلمون إجابات الأسئلة الوجودية الكبرى . فلا يعلم إجابة من أنا؟! ولماذا أعيش؟! وما الهدف من الحياة؟ فهو يعيش حياته في حالة توهان وبلا غايات أو أهداف. ولذلك تجده كثير التقلب لا يدري إذا كان يدري أو لا يدري. فهو يسير في الحياة كالسفينة التي تُبحر بلا وجهة محددة فتتلاطمها الأمواج التي قد تؤدي بها إلى التوهان في البحر أو الغرق أو حتى بالهلاك تحطمًا على الصخور.

غياب الغاية عن الإنسان

إذا كان الإنسان لا يعرف من هو، فهو مع أي شيء وفي أي شيء لا معالم له ولا هُوية؛ فهو إمعة إن أحسن الناس أحسن، وإن أساؤوا أساء. لا موقف له. وهذا يفسر لنا قبول الكثيرين إلي أي شيء قبيح أو حسن فلا فارق. فهو لا يمتلك هوية أصلاً، ولا يمتلك مرجعًا له في كثير من الأمور في حياته. وهذا يؤدي إلى الفوضى وضياع العمر والوقت وظلم الإنسان لنفسه ولغيره.

ونرى ذلك في ملبس كثير من الناس وأشكالهم وطريقة تصرفاتهم التي تؤكد انسلاخهم من هوياتهم بل والتباهي بها أحيانًا ونَعت من لا يجاريهم بالتخلف والرجعية. فتفرض عليهم ثقافات غيرهم وأخلاق غيرهم وسلبيات غيرهم فيقبلونها كما يشربون الماء البارد ولا يتنعَّر وجه أحدهم لا لشيء ولا لأي شيء لأنه ليس بشيء.

أما إذا كان الإنسان لا يعلم لماذا يعيش ولا ما الهدف من الحياة؛ فذلك هو ما يفتح الباب للانتحار الذي كثر في عالمنا العربي والإسلامي خاصة لأن مَن يُنهي حياته لم يعد يجد لها غاية أو هدفًا. وعند أي اختبار أو ابتلاء يفشل ولا يطيق صبرًا؛ فينهي حياته في جريمة بشعة نكراء وتَعَدٍ صريح على واهب الحياة و خالق الخلق .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وأيضًا الذي ليس له غاية يعيش حياته خبط عشواء و يكتفي بمأكله ومشربه وتكاثره كما الحيوانات فلا ينصر قضية ولا ينتصر لأخلاق و قيم. فالمهم أن يُلبي احتياجاته وغرائزه وقد يفعل أي شيء حلال أو حرام أو يظلم الناس فلا هم له إلا مصلحته ومنفعته هو ومن بعده الطوفان وهو ما يصدقه واقع الحياة والعمل…أليس كذلك؟!

ضرورة الرؤية الواقعية المنطقية

والذي يُحدد الهُوية ويصقلها ويجيبك على بقية الأسئلة الكبرى الرؤية الواقعية المنطقية للوجود يشترك فيها كما ذكرنا في المقال السابق منهجية عقلية تعرف قيمة الدين والعلم.

تلك الرؤية الواقعية ترسم الإجابات على الأسئلة الوجودية الكبرى فهي تحدد طرق الوصول لأحقية الأمور المادية وكذلك طرق الوصول للأمور الغيبية في منظومة معرفية مترابطة ومتجانسة وشمولية في نفس الوقت وبغيب تلك الرؤية؛ غاب الوعي والسلوك السليم وافتقدنا الهوية وأصبحنا نعاني من الغربة في شتي جوانب الحياة.

ولذلك إن الفراغ الوجودي من أخطر ما يكون وخاصة إذا كان لا يشعر به الكثير من الناس. الفراغ الوجودي يُهدد هوياتنا وحياتنا وعلاقتنا بالناس ولا حل لنا إلا بالرجوع إلى نمط التفكير السليم الذي يحدد ما هو الإنسان وكيف يحيا حياة إنسانية كريمة يعرف الغاية من وجوده وسبل تحقيق أهدافه وفق رؤية ومنظومة فكرية وأخلاقية مدعَّمة بالدليل والبرهان حتى تكون المقدمة لحياة ثابتة لا تميل مع كل منعطف بسبب ضعفها المعرفي.

اقرأ أيضا:

الجزء الأول من المقال

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الإنسان الباحث عن الأسباب والعلل والقوانين

المدرب وصالة الوجود والعدم للألعاب الرياضية

م. خالد عبده

مدرس الهندسة الميكانيكية

عضو بفريق بالعقل نبدأ القاهرة

 

مقالات ذات صلة