مقالات

بدأت بنقص مياه النيل

المستنصر بالله الخليفة الخامس من خلفاء الدولة العبيدية الفاطمية في مصر والثامن منذ نشأتها في المغرب، وأشهر أحداث عصره الشدة المستنصرية أو ما يعرف في كتب المؤرخين بـ”الشدة العظمى”، هي مصطلح يطلق على المجاعة والخراب الذي حل بمصر لمدة سبع سنوات عجاف (457هـ – 464هـ / 1065م – 1071م).

ما هي الشدة المستنصرية في مصر؟

الشدة المستنصرية مصطلح يطلق على مجاعة حدثت في مصر، نتيجة غياب مياه النيل في مصر لسبع سنين متواصلة عرفت بالعجاف، نهاية عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، في مستهل النصف الثاني من القرن الخامس الهجري من تاريخ الدولة الفاطمية في مصر 1036 – 1094.

الشدة المستنصرية بدأت فعليًا سنة 457 هجريًا، طبعًا بدأت بنقص مياه النيل، ومن ثم نقصت السلع في الأسواق وزادت أسعارها، روى المؤرخون حوادث قاسية، فلقد تصحرت الأرض وهلك الحرث والنسل، وخطف الخبز من على رؤس الخبازين، وأكل الناس القطط والكلاب، حتى أن بغلة وزير الخليفة الذي ذهب للتحقيق في حادثة أكلوها، وجاع الخليفة نفسه حتى أنه باع ما على مقابر أبائه من رخام، وتصدقت عليه ابنة أحد علماء زمانه، وخرجت النساء جياعًا صوب بغداد.

ذكر ابن إلياس أن الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء، وصنعت الخطاطيف والكلاليب لاصطياد المارة في الشوارع من فوق الأسطح، وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الخليفة المستنصر بالله وأيام حكمه في مصر

20210925 133936 - بدأت بنقص مياه النيل

يذكر أن الخليفة المستنصر قد امتدت فترة حكمه لستين عامًا، ويذكر أن الحسن بن الهيثم قد زار مصر في عصر الدولة الفاطمية وأشار عليهم ببناء سد عالٍ على النيل، إلا أن مشروعه رفض من الخلافة فكانت النتيجة ما حدث من شدة، وظلت الفكرة حتى كتب لها التنفيذ في ستينيات القرن العشرين ببناء السد العالي، الذي وقى مصر خطر السنين العجاف التي غالبًا ما كانت تستمر بالسبع سنوات، ويذكر أن محمد علي بعد خروج الحملة الفرنسية كانت مصر أمامه ليحكمها منذ 1803م، إلا أنه رفض الولاية ومنسوب الفيضان منخفض، ولم يقبل إلا بعد انتهاء الأزمة التي حسبت على خورشيد باشا الوالي العثماني.

نعود للشدة المستنصرية وما جاء بكتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، تأييدًا لما سبق نسوق ظهر الغلاء بمصر واشتد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفساد، وأكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به، وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط، وبلغت رواية الماء دينارًا، وبيع دار ثمنها تسعمائة دينار بتسعين دينارًا اشترى بها دون تليس دقيق، وعمّ مع الغلاء وباء شديد، وشمل الخوف من العسكرية وفساد العبيد، فانقطعت الطرقات برًا وبحرًا إلا بالخفارة الكبيرة مع ركوب الغرر، وبيع رغيف من الخبز زنته رطل في زقاق القناديل كما تباع التحف والطرق في النداء: خراج! خراج! فبلغ أربعة عشر درهمًا، وبيع أردب قمح بثمانين دينارًا. ثم عدم ذلك كله، وأُكلت الكلاب والقطط، فبيع كلب ليؤكل بخمسة دنانير.

أشهر مجاعات مصر

3 سنين والوضع بيسوء بالتدريج، خلاص، الناس هتموت من الجوع فعلًا والأسواق مفيهاش بضاعة، والأتراك بيحاربوا السودان في إسكندرية والبحيرة والصعيد، والبلد مفيهاش أمن وبالتالي التجارة شحت جدًا، وبقى في خطورة على القوافل التجارية إنها توصل للبلد بأمان، بسبب قطاع الطرق اللي استغلوا حالة الانفلات الأمني الموجودة، حتى التجار اللي اشتروا ممتلكات الخليفة بعد ما الأمراء الأتراك أجبروه على بيعها عشان يدفعلهم مرتباتهم، لقوا صعوبة في إخراجها من البلد بسبب قطاع الطرق، فاضطروا إنهم يحرقوها رغم روعتها عشان يستخلصوا منها الذهب والفضة والجواهر، فيسهل عليهم حملها وإخراجها من البلد، وضع مزري أجبر الناس لأول مرة على أكل جثث الحيوانات النافقة، قيل عن السنة دي: “واشتد الغلاء بمصر، وقلت الأقوات في الأعمال، وعظم الفساد والضرر، وكثر الجوع حتى أكل الناس الجيف والميتات”.

لحظة الانهيار كانت سنة 461 هجريًا وما بعدها، السنة دي حرفيًا كانت البداية الحقيقية لأحداث غاية في السوء وبداية حقيقية لتلك الشدة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقالات ذات صلة:

هل سمعت عن حريق مدينة الفسطاط زمن الفاطميين؟

في بلاد الذهب

قصة إنشاء خان الخليلي

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. وائل زكي الصعيدي

خبير مناهج وطرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها/ جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية

محاضر في: جامعة الدراسات الأجنبية كلية العلوم الإسلامية الصينية / بكين – الصين

دكتوراه فى المناهج وطرق تدريس اللغة العربية

ماجستير في أدب الأطفال، ودبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس، رئيس قسم الموهوبين بإدارة ميت أبو غالب التعليمية دمياط سابقاً

عضو اتحاد كتاب مصر

مقالات ذات صلة