قضايا شبابية - مقالاتمقالات

الرجل والحصان

(الرجل والحصان) اسم مسلسل أُنتج في الثمانينات بطولة الفنان الراحل “محمود مرسي” يقدم فيه شخصية الشاويش، والذي في عهدته حصان، وقد كبرا معا في السن مما يتوجب حسب قانون الميري التخلص من الحصان بضربه بالنار؛ لأنه يشكل عبْء، الأمر الذي رفضه الشاويش وفر هاربا مع حصانه حتى لا ينفذ فيه القانون .

المسلسل يريد أن يبلغنا رسالة أن الشاويش الذي كبر في السن هو الآخر يرى نفسه في الحصان، وأن المقصود هو التخلص منه نفسه وليس الحصان، حتى لو أنه سيطبق القانون على الحصان فقط، وهكذا كبار السن يرون أنفسهم بلا قيمة في المجتمع كلما كبروا في السن، وأن الشباب يحلون مكانهم، ويعتبرون ذلك قتل معنوي لهم.

فضل كبار السن

كبار السن يحملون من خبرات الحياة وتجاربها ما يؤهلهم ليكون لهم موقع الريادة في إرشاد الشباب وتوعيتهم في معترك الحياة ورحلتها، والصراع الموجود الآن بين جيل الشباب والجيل الأكبر سنًا هو ضجة مفتعلة مبنية على سوء فهم؛ فالشباب يظنون أنهم قادرون على المضي في حياتهم بمعزل عن استشارة الكبار، والكبار بدورهم يتسلطون بسلطتهم الأبوية على الأصغر منهم سنا باعتبارهم غير ناضجين وقليلي الخبرة.

قرأت لكاتب عراقي يقول أنه يتعلم من الشباب مالا يتعلمه من هم في سنه، يتعلم من الشباب حب الحياة والتطلع لها بروح الفتوة، إنهم يحلمون ولا حدود لأحلامهم، يتعلم منهم التفكير البرئ الذي لاتشوبه شائبة الغاية تبرر الوسيلة. إنه تفكير يصل إلى المنطقية في الوصول للهدف، يتعلم منهم الإصرار الذي يفوق التحدي في الوصول لما يطمحون له أيا كانت العقبات والمعوقات.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هكذا قال الرجل الكبير في السن والمقام ماتعلمه من الشباب الأصغر منه سنًا، وقد أفرد لذلك مؤلفا يسرد فيه ما لاحظه من الشباب وما تعلمه منه، ونحن الشباب بدورنا نعترف بفضلهم علينا فيما خبروه من تجارب الحياة ونقلوه إلينا في شكل قصص نأخذ منها العبر والحكم.

خبرات السابقين

كنت أحب الجلوس مع من هم أكبر مني سنا وبالأخص جدي كنت أتوسم فيه العقل والحكمة ومعرفة حقيقة الحياة بحق وعن دنيا يخشى تنافسها كما تنافسها الذين من قبلنا فأهلكتهم، وكان يقول لي إن الدنيا كلها ملكي؛ فأستغرب فيقول لي نعم ملكي إذا مشيت في أى مكان فيها لا يجرؤ أحد أن يقول لي لا تمشي هنا إذا هي ملكي، لقد تعلمت منه أن لا أكتئب ولا أحزن فالدنيا كلها ملكي حتى ولو لا أملك فيها عقال بعير.

جلست يومًا مع رجل أعمال كبير في السن فأسدى لي نصيحة دون أن أطلب منه؛ إلا أنه رأى مني حب الاستماع إليه والتركيز فيما يقول فوقع ذلك منه موقع الإعجاب والتقدير، قال لي إذا دخلت في مشروع ما وأردت اقتراض مال لهذا المشروع لاتقترض كل رأس المال من البنك؛ بل اقترض جزء منه فقط حتى إذا لم تستطع السداد لأي ظرف ما لاتكون الخسارة عليك كبيرة بل بسيطة، وهذا كان درس تعلمته من رجل هو بالمناسبة غير متعلم ولكن علمته الحياة وخبرته.

أخبرني صديق عمي أنه وهو في مرحلة الشباب كان يعمل في القاهرة وهم يمشون هو وأصدقائه وسط البلد وجدوا الفنان الكبير “محمود المليجي” يجلس في أحد الكافتيريات يشرب القهوة، فالتفوا من حوله وحدثوه وحدثهم، وقال لي أن الفنان الكبير نصحهم قائلا أنتم في مقتبل العمر قد تمر عليكم ظروف لايملك فيها أحدكم مالا، وحتى ولو كان الأمر كذلك احرصوا أن تظهروا أمام الناس بمظهر جيد، وضرب لهم مثالا أن الشاب ولو لم يملك حتى جنيه واحد في جيبه يكفي له أن يكون بمظهر جيد أمام الناس ويكون حريص على ذلك؛ لأن في ذلك عزة له وكرامة.

فلنبحث عن العقل والحكمة

نحن الشباب علينا أن يبحث كلا منا في نطاق عائلته على من هم أكبر منه سنا ومقاما ونتوسم فيهم العقل والحكمة ونجالسهم ونتحدث إليهم لنستفيد منهم قبل أن يفارقونا، فهم كما كان يقال لي عنهم في عائلتي فاكهة مخلية أي فاكهة سريعا ما سينقضي موسمها، فاحرص على الاستفادة منها قبل أن ترحل، واحرص على البحث عنهم كما تبحث عن الكتب المقروءة؛ فهم بحق كتب مسموعة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

رسالة إلى الشباب المفكر

تغذية المسنين

العجوز صاحب الوجه الفريد

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

على زين العابدين

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة