مقالات

الذهب الابيض

تاريخ القطن:

يعتبر القطن المصري (الذهب الأبيض) ذو تاريخ حافل، فكان محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة 1805هو أول من قام بزراعة القطن في مصر، تحديدا في العقد الثاني من القرن التاسع عشر عندما استدعى الخبير الفرنسي لويس جوميل بمدينة ليون الفرنسية ليشرف على زراعة القطن في مصر.

وأقام عدة صناعات تمثلت في صناعة آلات حلج وكبس القطن، وتجهيز التيلة للصباغة، ومعاصر الزيوت، ومصانع لتصنيع المواد الكيماوية، ومصانع للنسيج وكان أول مصنع يعمل به خبراء من بريطانيا، وكان الغرض من إنشاء مصنع الجوخ هو توفير الكسوة العسكرية للجيش المصري، كما تم إنشاء بورصة للقطن، وعقدت أول صفقة قطن محلية مسجلة عام 1885م،  وعندما بدأ العمل يتزايد أنشئت هيئة الإسكندرية للقطن بغرض التجارة في القطن وبذوره.

وفي فترة الأربعينيات كان القطن هو المحصول الرئيسي في الزراعة المصرية، فكانت شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى التي أسسها طلعت حرب سنة 1927م برأسمال مصري قدره 300 ألف جنيه كإحدى شركات بنك مصر، وأصبح هناك صناعة نسيج حقيقية في مصر.

وفي فترة الخمسينيات حرص جمال عبد الناصر بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 على بقاء مكانة القطن المصري، وتوسع في إنشاء مصانع الغزل والنسيج واستمر الوضع حتى الستينيات. ثم الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات وتوابعها من الخصخصة إلى بيع القطاع العام، وبدأت رحلة التراجع في زراعة القطن في مصرحتى وقت قريب.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أصنافه:

اكتسب القطن المصري سمعة طيبة بظهور القطن السكلايدس «ساكل» عام 1906 والذي انتشرت زراعته في الدلتا، والأشموني في الوجه القبلي، حتى ظهر الصنف «معرض» والذي تم استنباطه من القطن المصري الأمريكى «البيان»، وكان إنتاجيته مرتفعة، علاوة على أنه أطول تيلة من الساكل، واستمرت زراعته في ثلاثينيات القرن الماضي ثم ظهور الصنف جيزة 3 الذى كان أكثر تحملا للحرارة المرتفعة في الصعيد ثم ظهور الصنف جيزة 7 الذي تميز بارتفاع إنتاجيته ففاق صنف الساكل، بنحو 40%، ما أدى إلى التوسع في زراعته.

وتندرج أصناف الأقطان المنزرعة حاليا على المستوى المحلي تحت ثلاثة مجموعات هي

طويل ممتاز ويشمل حاليا الجيزة 45 والجيزة 70 والجيزة 88.

طويل”بحري” ويشمل حاليا الجيزة 86 والجيزة 89 والجيزة 85.

طويل” قبلي”ويشمل حاليا الجيزة 80 والجيزة 83 والجيزة 90 والهجين المبشر.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أزهى عصور القطن:

كانت الحرب الأهلية الأمريكية ( 1861 – 1865 ) وما ترتب عليها من هبوط إنتاج القطن في أمريكا سببا في انتعاش زراعة القطن في مصر وازدياد إنتاجه وارتفاع أسعاره بصورة تعتبر نقطة تحول رئيسية حاسمة في تاريخ زراعة القطن إذ قفزت صادرات مصر من 596 ألف قنطار في عام 1861 إلى 2507 ألف قنطار في عام 1865،

ومنذ ذلك الحين توطدت زراعة القطن في مصر وبدأ اهتمام الدولة بإيجاد أصناف جديدة، وتم استيراد العديد من الأنواع والأصناف لا سيما أقطان السي ايلاند المنزرعة آنذاك في جزر الهند الغربية حتى بلغت مساحته مليون فدان خلال الفترة من 1916 إلى عام 1925.

اللجنة الاستشارية الدولية للقطن (ICAC) International Cotton Advisory Committee

هي اتحاد حكومات تقوم بدراسة اتجاهات الإنتاج والصادرات والواردات واستهلاك الأقطان الخام، ولها وظائف عديدة منها التعاون في الترويج وتنمية سوق القطن،  وهي إحدى منظمات الأمم المتحدة ذات صفة متخصصة تعمل بالتعاون مع سائر المنظمات الدولية في دراسة كافة الأمور التي لها فوائد عامة.

فكرة إنشاء هذه اللجنة قد تمت في اجتماع دولي عقد بواشنطن في سبتمبر عام 1939 لدراسة الموقف القطني العالمي أمام ظاهرة كانت سائدة وقتذاك ولها تأثير سلبي كبير على أسواق القطن بسبب تواجد مخزون عالمي كبير، حيث دعي لهذا الاجتماع بمدينة واشنطن ثماني دول رئيسية منتجة للقطن

هي: البرازيل ومصر، والهند، والمكسيك، وبيرو، والسودان، والاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى شركة تصدير القطن الإنجليزية BRITISH COTTON SUPPORTING COLONIES، وشركة تصدير القطن الفرنسية FRENCH COTTON EXPORTING COLONUES، وذلك لمناقشة الموقف المتدهور المترتب على زيادة المخزون إلى مستوى يفوق الإنتاج العالمي.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أسباب تراجع القطن:

1-“الاحتلال البريطاني” منذ احتلاله لمصر عام 1882م عمل على تدمير صناعة المنسوجات في مصر وتحويلها لمصدر لخام القطن لمصانعه بانجلترا في إنتاج منسوجاتها التي غزت بها بلدان العالم ومن ضمنها مصر.

2- في السبعينيات حيث مشروعات الانفتاح الاقتصادي والاتجاه إلى ثقافة الاستهلاك والاستيراد اعتمادا على التركيز على المنتجات الغذائية.

3- التوسع في الاستيلاء على الأراضي الزراعية للبناء، وإقامة المنتجعات السياحية والسكنية.

4- اتجه البعض لبيع محالج القطن في صفقات وصفها خبراء القطن بالمتسرعة، حيث تم بيع عدد كبير من مصانع الغزل والنسيج ضمن برنامج الخصخصة.

5- تراجع الدولة عن الاهتمام بزراعة القطن وإنتاجه وتصنيعه وتصديره.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

6- تجاهلت الحكومة مشاكل الفلاحين، تزامنا مع فتح أبواب استيراد المنسوجات من دول العالم.

7- تقادم الآلات العتيقة وافتقادها للتصميمات الجيدة والعمالة ذات الخبرة التقنية.

8- تحرير تجارة الأقطان عام  1994 جعل المزارعين عرضة للتأثر بالأسعار العالمية المتقلبة .

9-ارتفاع تكاليف الأسمدة مع ضعف الطلب الداخلي على القطن طويل التيلة مرتفع السعر.

10- وتسريح جزء من عمالة شركات الغزل والنسيج التابعة لقطاع الأعمال العام في أكبر حركة تسريح للعمالة في الشركات الحكومية عرفت بــ”المعاش المبكر”.

11- ظهور بدائل ذات سعر منخفض مثل البوليستر مع المنافسة مع دول قريبة بجودة وسعر تنافسي.

استرتيجية الدولة للنهوض:

1- زيادة المساحات المزروعة من القطن تدريجيا للوصول بها إلى مليون فدان سنويا.

2- تحفيز الفلاح بعلاوة إكثار قدرها 100 جنيه عن كل قنطار قطن يورد.

3- زراعة القطن في 3 مناطق في أراضي مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان.

4- الحفاظ على جودة الصنف والعمل على زيادة الانتاجية.

5- وضع آليات جديدة لاستلام الأقطان من المزارعين لشراء 900 ألف قنطار قطن تجاري.

6- شراء 450 ألف قطن إكثار لتوفير بذرة لمساحة 350 ألف فدان تزرع الموسم المقبل.

7- موافقة لجنة تسويق القطن على تسليم 50% من أقطان الإكثار إلى محالج القطاع العام المتخصصة في هذه الأنواع.

8- تسليم 50% من باقي الكميات للمحالج الخاصة.

9- المساحات المزروعة من أقطان الإكثار العام الحالي بلغت 63 ألف فدان، 10 آلاف فدان منها بالوجه القبلي، والباقي في محافظات الوجه البحري.

10- خطة لتطوير المحالج والمغازل، بما يساهم في تعزيز القيمة المضافة للقطن المصري.

11- حظر نقل القطن المصري من محافظة إلى أخرى، أو من مركز إلى آخر، حفاظا عليه من الخلط، وذلك للحفاظ على نقاوة البذرة.

12- لجنة مشتركة تضم خبراء متخصصين من ممثلي وزارات الزراعة والقوى العاملة، وقطاع الأعمال والمالية، والشركة القابضة للغزل والنسيج، ورئيسي النقابة العامة للعاملين بالغزل والنسيج والزراعة، لوضع استراتيجية للنهوض بصناعة الغزل والنسيج.

13- تتعاقد الشركة القابضة على شراء القطن المزروع في الوجه القبلي وتحديد سعر تقديري لتحفيز الفلاح.

14- مناقشة أوضاع 6 شركات تابعة للشركة القابضة لاستصلاح الأراضي التابعة لوزارة الزراعة.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضا:

التضخم 

رغيف الخبز

الزراعة المصرية

د. مصطفي أحمد جابر

مدرس الاقتصاد وإدارة الأعمال بكلية الزراعة جامعة الأزهر بأسيوط

مقالات ذات صلة