إصداراتمقالات

الحمية الأخلاقية

الحمية الغذائية هي أي نظام غذائي يتبعه الشخص , قد يكون لفترة محدودة أو يكون نظاما دائما مدى الحياة .

قليلون هم من لم يجربوا الحمية الغذائية , فالمعظم قد مر بظروف اضطرته لمحاولة التحكم في نوع الطعام و توزيع الوجبات , فهناك من يحتمي من الغذاء الدسم خوفا من زيادة الوزن , و هناك من يحتمي من نوع مخصوص من الطعام لأنه يسبب حساسية , و آخر يمتنع تماما عن شرب القهوة لأنها تؤثر على القلب , و هناك من يحتمي من الطعام الحار بسبب القرحة المعدية …

فتتنوع الاسباب , و تتنوع طرق الحميات , و يبقى في النهاية صراع واحد .. صراع مع النفس و ما تشتهيه ..

صراع بين معرفة العقل و سيطرته و بين هوى النفس وشهوتها لمختلف الأنواع من الأطعمة .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فالعقل يعرف مرض الجسد وكيفية العلاج ويعرف خطورة وضررهذا النوع من الطعام , فيمتنع عنه من أجل صحة أفضل .. و على قدر اقتناعه بأهمية الحمية على قدر التزامه بها و مقاومته لشهوة النفس .

هذه الحمية الغذائية تكون من أجل ذلك الجسد الفاني , من أجل هذا السجن المؤقت للروح , في هذه الدنيا الزائلة

فهل توجد حمية أخرى من أجل الروح , من أجل ذلك الأثر الدائم للسعادة ؟!

نعم .. يوجد , إنها تسمى الحمية الأخلاقية .. في هذا النوع من الحميات يكون أيضا الصراع بين العقل وهوى النفس من أجل الامتناع عن بعض الصفات والأفعال , فشهوة النفس في المال توجب صفة البخل والطمع , و شهوة النفس في السلطة توجب الظلم و الاستبداد , و شهوة النفس في حب النفس توجب العجب والحسد .

كل تلك الصفات نسميها أمراضا أخلاقية يجب علاجها , لأن تأثيرها على النفس يكون سلبيا فهي لا توصل للسعادة الحقيقية , بل هو وهم السعادة , وفي بعض الأحيان عندما يكون الإنسان صادقا مع نفسه يكون أثر تلك الأمراض هو التعاسة والألم النفسي .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

من يريد العلاج فعليه أن يتبع حمية .. لكنها ليست كأي حمية , هي تسمى الحمية الأخلاقية و يكون الهدف منها هو تهذيب النفس . كل فعل هو ضد رغبة النفس ويكون موافقا للعقل فهو تهذيب للنفس ويدخل ضمن الحمية الأخلاقية .

عند إعطاء الصدقات يكون ذلك علاج للبخل والطمع , لأنك تعطي دون انتظار المقابل , عندما تتخلى عن منصب كبير لمن هو حقا أصلح يكون علاجا لداء السلطة لأنك تضع شخصا آخر في سلطة حاكمة عليك , عندما تمتدح غيرك كالاعتراف بتفوقه عليك يكون ذلك علاجا للعجب و الحسد لأنك ترفع مقام شخص آخر غيرك وتلفت إليه الأنظار بعيدا عنك , والأمثلة الأخرى كثيرةلايسعني حصرها .

فالعلاج الأخلاقي يكون بتربية النفس و تعويدها على ترك ما ترغب فيه بشدة , حتى لو كان شيئا لا ضير منه , لكن الهدف هو عدم تعلق النفس بما يمكن أن ينقلب سلاحا ضدها , تربيتها على التخلي عن كل ما يربطها بالماديات , تعويدها على التجرد .

كل ذلك يبدأ من العقل .. بإعطائه المعرفة الكافية التي تمكنه من السيطرة على أهواء النفس , بتعليمه كيف يقيم الأفكار ويفهم ما حوله فيضع كل شيء في مكانه وحجمه الصحيحين , و ما ذلك إلا التكامل الصحيح الذي بدوره يوصلك للسعادة الحقيقية , السعادة الدائمة لأنها سعادة الروح , الروح الباقية .

الحمية في النهاية هي الصراع بين العقل وشهوات النفس !

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فهل تقدر ؟! … لابد أن تقدر .

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

رشا الشتيحى

طبيبة أسنان

محاضرة وباحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالاسكندرية

مقالات ذات صلة