إصداراتمقالات

الأخلاق بين النسبية والاطلاق

الأخلاق بين النسبية والاطلاق

إذا تطابقت المسالك تطابق المآل!

هكذا الحال دوماً، ولكل شيء قوانينه التي تحكمه .. للفيزياء قوانينها، وللرياضيات قوانين يجب مراعاتها تفادياً للزلل، وكذلك الحال بالنسبة للتفكير; فله قوانينه الأساسية التي تحكمه، وللعقل بديهيات مطلقة ثابتة لا تقبل التبديل وإلا وقع ما لا يقبله العقل. وأول قوانين التفكير “قانون الهُوية” ويقول بأن الشيء هو نفسه، “أ” هو “أ”، “محمد” هو ” محمد “، “القلم” هو “القلم”، وأيضاً “الحق” هو ” الحق”، وينافي العقل اجتماع النقيضين; فلا يكون الأمر حقاً ولاحقاً في آن واحد وفي مكان واحد ومن زاوية واحدة أبداً. ولكن ما الذي يجعل “القلم” قلماً ؟ أوليست صفاته القائمة واقعاً ؟ وهل تغير تصورات البشر له -إذا اختلفت- من حقيقته ؟، بمعنى هل إذا قال شخص بأن “هذا القلم ” “كرسي” يجعله ذلك كرسياً؟ بالطبع لا .. وكذلك الحق، لا تجعله تصورات البشر-إذا اختلفت- باطلاً، أو نسبياً; فهو قائم موجود مستقل عن تصورات البشر! والوصول للحق له طرقه ومناهجه أحدها المنهج العقلي الذي يعتمد القياس البرهاني بقوانينه الثابتة، فالحق الواحد هذا يمكن الوصول إليه، وإذا التزمت قوانين التفكير حفظت العقل من الوقوع في الخطأ، وإذا تطابقت المسالك تطابق المآل! كذلك الوضع بالنسبة للمنظومة الأخلاقية، هي ثابتة مطلقة في حقيقتها، لا تحددها تصورات البشر المختلفة فتضفي عليها النسبية ، ويصيب منها الإنسان أو يخطئ بالقدر الذي يسمح به تجرده. وقد كانت العرب قديماً تنصر الرجل إذا احتمى بها مروءةً لا تنظر في أمر المروءة، وتصورات القوم لها، فلم تكن تختلف تلك التصورات أصلاً! فهي منظومة مطلقة ، فالصدق صدق، والخيانة خيانة، وإما أن يكون الأمر أخلاقي أو يكون لا أخلاقي، أما رميها بالنسبية –على غير الحق- من شأنه أن يجعلها منظومة هشة، لا مجال للاعتماد عليها، ولا يمكن اعتبارها أساساً لمجتمع إنساني. وثبات المعايير التي تحكم حياة الإنسان من شأنه الإبقاء عليها، وما استمر هذا الكون ذلك العمر المديد إلا لأن نظاماً ثابتاً مطلقاً يحكمه، وإلا لكان ذهب منذ زمن بعيد، والكون للإعمار والاعتبار أيضاً.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

داليا السيد

طبيبة بشرية

كاتبة حرة

باحثة في مجال التنمية العقلية والاستغراب بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

حاصلة على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

مقالات ذات صلة