إصداراتمقالات

إدراك المعاني

إدراك المعاني

حروفُ أبجدية، تكونُ كلمة، وكلماتُ تلو الكلمَات تُكَوِّن عبَارَة، وعبارات تُزاحمُ عبَارات لتُكَوِّنَ زخمًا من الفِقْرَات. عينُ تبْصِر، ولِسانُ مُتحرِّكُ في جوف تتراصُّ فيه الأسنان بثنَاياهَا، نفَسُ يتَحَرَّك متتابع،وقلبُ ينبِض ليضُخَّ الدَّمَ إلى هذى الأعضاء لِتقرأ تلك الكلمات. هذي الكلمات..وقد قرأتها..ونطقتها وقد ترجمها عقلُك إلى كلام مفهوم  ؛ تتلوه فترى أنه في نطاق المفهوم وليس مجرد المنطوق، فلقد أدرَكها عقلُك ! عْقلُكَ الوثَّاب، الذي لايقنعُ بـ.. لا يقنعُ بِمَاذا؟! عقلُك الدَّائِمُ التّفكير! تُرَىٰ لِم؟! أَتُرَاهُ لِمَ لا يَرْكَنْ أو يستكين؟! لمَ لمْ يسعدْ حينما سَعِدَتْ البطنُ واستكانت بامتلائها، حتى وأنَّهُ قدْ ساعدها بأن تَشْرَع آكِلَةً وسخَرَّ لهَا جميع الحواسَ طوَاعِيَةً من أجل أن تَشْبَعْ! لِمَ لمْ يقنعْ أويَرضَىٰ حينمَا أحبَّ قلبُهُ فتَاة داعَبَتْ مَشَاعِرَهُ وبذَلَ الغاليٰ والنَّفِيس من أجلِ أنْ يَتَزوَّجها ويستجْدِي رِضَاهٰا؟! لِمَ هُوَ دَائِمُ البَحْث؟! وعنْ مَاذَا يَبْحَثْ؟!الى إدراك المعاني ؟ لِمَ لَمْ   يَقْنَعْ حِينمَا عامَل نفسَهُ كـ” الآلة ” وأتمَّ جمعَ وحِفظَ كمِّ المَعْلُومات لِيُحَقِّقَ بِهَا ويَنَالَ أعلَىٰ الدَّرَجات؟! لِمَ يُدْرِكَ أنَّهُ كَـ”الحمار” الذِّي يَحمْلُ أسفَار؟! تُرَىٰ ألِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكَ “كُنْهَ  المعاني ” ؟! هل هذا مَا أدَّىٰ إلىٰ عدم اقتناعه وإدرَاكِهِ أنَّه يُزَيِّفَ سعَادتِه؟! العَقْلُ فِيٰ بحثِهِ الحثِيثِ الدَّؤوب عَن مصدَرِ سَعَادَتِه، بحثِهِ عمَّا يُشْبِعُه، بحثِهِ عنْ مَا يُطَمْئِنُ دَاخِلَهُ الخَاويٰ رغمَ أفكارِهِ التِيٰ لا تَتْرُكُهُ حتّىٰ فِيٰ منَامِه. العَقْلُ الذِي يُسَلِّم بِ “بديهيات” لا يختلِفُ عليهَا اثنانْ، ويجتهِدُ فِي وضعِ قوانين وأحكام سليمَةٍ، وهو في طريق بحثِه يستبدِلُ فكرةً بِأُخرىٰ ثَبُتَ عِوَجُها ويُدْرِكَ في نِهَايَةِ الأمرِ أنًّ هُناك نَقصُ يَعْتَرِيه وأنَّ هُناكَ فِي عالم الوجود كمالُ لا يستطيعَ تَصَوُّره أو تَخَيُّلُه.. يُدْرِكُ أنَّ هذا العقل مهمَا وَصَل وبلغ من تفكيرٍ  سويٍّ يترتَّبُ عليه سعادتهُ.. عاجزُ أمَّام كمَالٍ لا يَسْتَوعبُهُ عقلُ! فيكتشفُ العقلُ أنَّهُ مجرَّد أداة ومهما سمَا لنْ يتَخَلَّى عن “ذي الكَمَال” . ذو الكمالِ الذي ابتعثَ الرُّسُلَ لِيتَعَرَّفوا إِلَيْه، ولا أدْرِي أيُّ عقلٍ يَطِيقُ هذَا، أيُّ نفسٍ تَحمَّلت هذا الحملَ الثَّقيل كَي تُضِيئ الأرض من مشارقها إلى مغربها بـ “نور الرِسَالة” . إنّنَا -معشر المسلمين- حِينمَا نتَحَوَّل من الفوضى العقلية التِي ابتُلينَا بها الآن، ونُدرِكَ ” المعاني ” ستكون تلك المعاني كالصفعات والجلدات على ظهورِنا، فهذه المعاني  التي نحفظُها -عن ظهر قلب- لم تكُن تُجاوز الحناجر.. قدْ بلغت الأفئدةَ الآن! رَحِمَكَ اللهُ يا -عمر- لم تَكنْ تُجاوزْ العشرَ آياتْ حتَّى تُدْرِكَها. أسألُ اللهَ ألّا يُحَمّلَنَا مالاطاقة لنا به، وصَلِّ اللهم وباركَ على مَنْ عَرَفَكَ حقَّ معْرِفَتك. والحمدُ للّه الذي أنْزَلَ على عبده الكِتَابَ ولَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

داليا عادل

طالبة بكلية الطب – جامعة المنصورة

باحثة ومحاضرة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة