مقالات

أوقات الأزمات وتجلي التفكير العلمي .. الجزء الثاني

طرق جمع المعلومات والبيانات الخاصة بمشكلات الأزمة

توقفنا في مقال سابق عند خطوات المنهج العلمي في التصدي للأزمات، وذكرنا أن هناك طريقتين في جمع المعلومات والبيانات عن كل مشكلة من مشكلات الأزمة موضوع البحث: طريقة تقليدية، وأخرى جديدة، نتناولهما في هذا السياق بالعرض والتحليل.

أولا: الطريقة التقليدية في جمع المعلومات والبيانات:

تعتمد الطريقة التقليدية في جمع المعلومات والبيانات على وعي القائمين على حل المشكلات التي شكلت الأزمة، أي قدرتهم على إدراك واقع النظام أثناء الأزمة، وقدرتهم على إدراك ما يجب أن تكون عليه قدرة النظام الحالي لتخطي الأزمة، والإحساس أن هناك فرقا بين ما هو كائن وما يجب أن يكون عليه النظام.

مميزات جمع المعلومات بالطريقة التقليدية

ومن الآثار الجيدة لجمع المعلومات والبيانات بالطريقة التقليدية الآتي:

  • الوقوف على الحقائق والبيانات والمعلومات الدقيقة، والتي تخدم الهدف من حل مشكلات الأزمة.
  • معرفة حدود أو إطار كل مشكلة من مشكلات الأزمة، ويتضح ذلك من التشخيص الجيد لهذه المشكلات.
  • الاطلاع على الآراء والافتراضات المختلفة التي يمكن أن تسهم في حل مشكلة الأزمة.

فما هي مصادر جمع المعلومات والبيانات في الطريقة التقليدية؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مصادر جمع المعلومات والبيانات بالطريقة التقليدية

audit 3929140 640 1 - أوقات الأزمات وتجلي التفكير العلمي .. الجزء الثاني

تختلف مصادر جمع المعلومات والبيانات الخاصة بمشكلات أي أزمة من الأزمات طبقا لاختلاف مجال الأزمة وطبيعتها، هل الأزمة إدارية أم بحثية؟ أم أزمة تجمع بين البحث والإدارة؟ وعلى الرغم من اختلاف طبيعة كل أزمة عن أخرى فإن هناك مصادرا متشابهة في جمع المعلومات والبيانات، نذكر منها نوعين:

أولا: في عملية الإدارة:

تختلف مصادر جمع البيانات والمعلومات في عملية الإدارة طبقا لاختلاف طبيعة نظام العمل الذي حدثت خلاله الأزمة، ومن مصادر جمع المعلومات والبيانات التي تتشارك فيها غالبية أنظمة العمل الآتي:

  • الأفراد العاملون بالمؤسسة التي حدثت فيها الأزمة.
  • المستفيدون من خدمات المؤسسة، أولئك الذين أول من تتأثر مصالحهم سلبا فور حدوث أزمة.
  • الوحدات والأقسام الأخرى المعنية، والتي لها صلة مباشرة بالمؤسسة المأزومة.
  • المؤسسات الأخرى التي تعرضت لأزمة مشابهة، حيث نجحت في حل مشكلاتها بأسلوب علمي، ومن ثم تخطي الأزمة.

ثانيا: في عملية البحث العلمي:

كما تختلف مصادر جمع البيانات والمعلومات في عملية الإدارة طبقا لاختلاف طبيعة نظام العمل، تختلف كذلك مصادر جمع المعلومات والبيانات في البحث العلمي طبقا لاختلاف طبيعة البحث، ومن هذه المصادر الآتي:

  • تجارب يجريها الباحث بنفسه على مشكلات الأزمة الحالية.
  • إحصائيات يجمعها الباحث بنفسه.
  • بيانات أعدها باحثون سابقون عن أزمات سابقة، و مشكلات سببت أزمات.
  • سجلات ووثائق ومخطوطات.
  • الدراسات والبحوث العلمية.
  • النشرات والمجلات والدوريات.

على من تقع مسئولية جمع البيانات في الطريقة التقليدية

ونلاحظ في الطريقة التقليدية في جمع المعلومات والبيانات أن عملية جمع البيانات والمعلومات تقع على عاتق الأفراد أو العلماء، فالتمركز في الطريقة التقليدية يكون حول الفرد أو العالِم، الذي يقوم بنفسه بجمع المعلومات والبيانات، وأن مصدر المعلومات والبيانات إما بشري أو مادي من كتب وسجلات ووثائق.. إلخ.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وبعد جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بكل مشكلات الأزمة المطروحة بالطريقة التقليدية، سواء في عملية الإدارة أو عملية البحث العلمي، يعمل المسئول أو الباحث على تحليل هذه المعلومات والبيانات، يهدف من خلال هذا التحليل إلى اكتشاف علاقات الارتباط بين كل سبب محتمل وبين كل مشكلة من المشكلات التي تسببت في حدوث الأزمة.

اقرأ أيضاً:

الجزء الأول من المقال

المعلومات والمعرفة وصناعة القرار

هل هناك طريقة للتأكد من صحة المعلومات؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ثانيا: الطريقة الجديدة في جمع البيانات والمعلومات:

تعتمد الطريقة الجديدة في جمع المعلومات والبيانات على عدة عوامل مشتركة بين الإنسان (العالِم/المدير) وبين التكنولوجيات الفائقة (الآلة).

حيث تستند الطريقة الجديدة إلى قاعدة ترى أن الإنسان يستطيع جمع المعلومات والبيانات الصغيرة وتحليلها بنفسه بدقة وجدارة كما يحدث في الطريقة التقليدية،

أما جمع وتحليل البيانات الكبيرة المنتشرة عبر شبكة الإنترنت وبعض الشبكات الأخرى عملية صعبة، لا يمكن القيام بها بجدارة وقدرة عالية دون استخدام أدوات التقنية الحديثة، وهذا يرجع لطبيعة هذه الطريقة الجديدة ورغبتها في نتائج أكثر دقة وشمولية من نظيرتها التقليدية.

مميزات جمع المعلومات بالطريقة الجديدة

ومن الآثار الجيدة لجمع المعلومات والبيانات بالطريقة الجديدة الآتي:

  • تحقيق أكبر قدر ممكن من الموضوعية، حيث إن هذه الطريقة تقلص كثيرا من دور الإنسان/العالِم في عملية جمع المعلومات والبيانات، وتعتمد اعتمادا كبيرا على خوارزميات معينة.
  • عملية كلية شمولية نقوم من خلالها بحصر جميع البيانات والمعلومات المتوفرة عن مجال المشكلات المسببة للأزمة بسهولة ويسر، وليس الاكتفاء بعينة ممثلة عنها.
  • لا نتقيد في جمع المعلومات والبيانات بحدود وإطار مشكلة الأزمة، ولا نهتم كثيرا بالتشخيص الجيد لها.
  • توفر كثيرا من المال والوقت والجهد.

فما هي مصادر جمع المعلومات والبيانات في الطريقة الجديدة؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مصادر جمع المعلومات والبيانات بالطريقة الجديدة

email 4284157 1280 1 780x470 1 - أوقات الأزمات وتجلي التفكير العلمي .. الجزء الثانيوبسبب قلة اعتماد الطريقة الجديدة في جمع المعلومات والبيانات على الإنسان/العالِم، لا تختلف مصادر جمع المعلومات والبيانات في عملية الإدارة كثيرا عنها في عملية البحث العلمي.

ففي هذه الطريقة لا يعنينا إن كانت الأزمة إدارية أم بحثية، ولا تعنينا طبيعة المشكلات التي سببت حدوثها، وإنما الذي يعنينا هو الطريقة التي نقوم من خلالها بجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات والبيانات بدقة وسرعة ويسر.

إن مصدر جمع المعلومات والبيانات في هذه الطريقة هو الآلة، حيث نقوم بتجميع البيانات والمعلومات المتوفرة عن كل مشكلة من المشكلات المسببة للأزمة بناء على النظريات المثبتة طبقا لمجال المشكلة من خلال أدوات جمع البيانات،

بحيث تمثل النظريات المثبتة القواعد الرئيسية التي نسير على هداها في حل المشكلات، بحيث تمثل تلك النظريات الاستراتيجيات التي نبني على أساسها مصطلحات البحث عن البيانات.

آلية البحث

يتم البحث عن البيانات الخاصة بمشكلات الأزمة وجمعها والتنقيب فيها من بحيرات البيانات الضخمة المختلفة والمتنوعة والمخزنة على حواسيب عملاقة، ومن ثم العمل على الاستحواذ على المعلومات والبيانات بسرعة عالية واكتشافها و/أو تحليلها.

مستخدمين أدوات التنقيب عن البيانات Data Mining، والتي عادة تتعامل مع بيانات غير مهيكلة (كالنصوص وحركات المستخدمين) وتكون موزعة على أجهزة مختلفة عبر الشبكة.

تفعيل دور الإنسان والآلة معا

بهذا الشكل تسهم الطريقة الجديدة في جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بمشكلات الأزمة المطروحة  في تطوير التفكير التقليدي والطريقة التقليدية في جمع المعلومات والبيانات، تلك الطريقة التي كانت قائمة على التمركز حول الإنسان (العالِم)،

وجعلت من عملية جمع المعلومات والبيانات عملية مشتركة بين الآلة والإنسان، ويطلق على الحل الناتج عن هذه الطريقة “الحل القائم على الطريقة الآلية في جمع المعلومات والبيانات”،

يسهم هذا النوع من طرق جمع المعلومات والبيانات بدوره في استنباط معرفة أكثر دقة ومعقولية في أسرع وقت وأقل جهد، إنها الطريقة الأنسب لأوقات الأزمات، لأن تخطي الأزمات يحتاج إلى دقة وسرعة ويسر كي لا تتفاقم المشكلات الناتجة عن هذه الأزمات.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. وائل صبره

عضو هيئة تدريس بجامعة سوهاج، مدرس الفلسفة ومناهج البحث كلية آداب

مقالات ذات صلة