علم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

الأخلاق

الأخلاق حجر الزاوية في أي مجتمع من المجتمعات، والعمود الفقري لأية أمة من الأمم.

بها وحدها ينمو ويترعرع، ويعلو شأنه، وينتظم أمره، ويتماسك بنيانه، ويترسخ قوامه.

من خلالها يتشكل الوعي الجمعي للأفراد، ومن ثم تتكون أسسه القويمة، وركائزه السليمة، وآليات وجوده، وعناصر بقائه، وأدوات علائه.

دعت كل الشرائع السماوية إلى قيمة الأخلاق بوصفها المكون الرئيس لأية ديانة، تقوم على الحق والخير والجمال.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لا أدل على ذلك من أن باب الأخلاق والحديث عنها يأتي في صدارتها باعتبارها شيئًا لازمًا لوجودها.

أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام

إن الناظر في الدين الإسلامي، ديننا الحنيف، وشرائعه السامية، ليدرك أن الأخلاق تحتل مكانة كبيرة.

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حصر رسالته في تقويم الأخلاق، وتصحيح معوجها، وذلك حينما قال: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، ولا يخفى على متذوق اللغة أن لفظة “إنما” تفيد الحصر والقصر.

من ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم كي يصحح المسار الأخلاقي لجاهلية عفنة كانت قد انجرفت عن سبيل الهدى، وتمرغت في دروب الهوى، وتغيت طرق الشيطان، وتسلطت على بني الإنسان، فساحت في سبل الغواية، وابتعدت عن صوى الهداية.

بيد أننا لا ننكر أن هذي الجاهلية قد عرفت بعض مكارم الأخلاق، نعم، من مثل المروءة، وإغاثة الملهوف، بل وجدنا الكرم الذي اشتهر به العرب، بل ألفيناهم يضربون المثل الأعلى فيه، ويأخذون فيه بسهم وافر.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كان منهم حاتم الطائي، ولهذا رأينا الرسول صلى الله عليه وسلم يضعه في المرتبة التي يستحقها، مع أنه مات على الكفر، بل يقوم بإكرام ولده الصحابي الجليل عدي بن حاتم الطائي، اعترافًا بأهمية الكرم حتى وإن كان جاهليًا.

الانهيار الأخلاقي وفساد السلوك

هل الاخلاق قسمة من الله 1024x683 - الأخلاقلكننا وللأسف الشديد غدونا الآن نعيش وسط مجتمع أكثر انحطاطًا من الجاهلية الأولى.

مجتمع قد انحرف عن جادة الطريق، مجتمع لا يعرف إلا المادة، ولا يعترف إلا بما يمتلكه الإنسان من مال ومنصب وسلطان.

أما ما لديه من علم وأخلاق فإن ذلك ليس في الحسبان، مهما علا علمه، أو كثر فهمه ووعيه.

تبًا لمجتمعٍ يقلب موازين الحياة، ويغير نواميس الله، ويبدل قوانين الكون، فلا يرى الحق حقًا، ولا الباطل باطلًا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مجتمع قد اتشح بالسواد، وتزيا بالانتهازية، وتسربل بالأنانية، وأصيب بالتبلد، مجتمع يعيش على أطلال المعوزين، وآثار المساكين، مجتمع يغرق في الأنامالية، ويحيا بالاتكالية، ويتسم بالفساد.

ضرورة العودة إلى الأخلاق

فغدا –من ثمة– يُحيلُ كل ما هو جميل، ويُكَدِّرُ ما هو صافٍ وبليلٌ، ويحقِّرُ كل عزيز وأصيل، ويضع كل أشمّ، وينسف كل خضم، ويهوي بكل غالٍ، ويسقط كل نفيسٍ، ويتباهى بكل خسيسٍ.

يقلل من شأن كل فضيلةٍ، ويرفع كل مشينةٍ ورذيلةٍ، ويتراقص على حزن المقهورين، ويتمايل على ترح المعذبين، وآلام المبتلين، ولا يأبه بشكاوى الضعفاء، ولا يعبأ بالبؤساء، ولا يهتم بأنات المهمشين، ولا عَبَرَات المخذولين.

وما أحرانا إلا أن نرجع إلى أخلاقنا، وإلى عاداتنا وقيمنا وأعرافنا، أخلاقنا الأصيلة، وعاداتنا النبيلة، وقيمنا التي اندثرت، وأعرافنا التي انتثرت.

نعود إلى كل ذلك حتى ينصلح حالنا، ويعلو شأننا، ونحيا كما أراد الله لنا أن نكون، أتقياء أنقياء، نحب الخير للناس، ونسعى لما في صالح أمتنا وتقدم مجتمعنا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

دور الأخلاق في بناء المجتمع السليم

بوصلة أخلاق 1024x576 - الأخلاقلنعلم جميعًا أننا لن نسع الناس بكثرة صيام، أو تواتر قيام قدر ما نسعهم بحسن أخلاقنا، وصفاء نياتنا.

لنجعل من تواضعنا مرقى لِلْخَلْقِ، ووسيلة إلى الصدق، وطريقًا إلى القلوب، ودربًا إلى ستر المعايب والذنوب، وليكن عالمنا ابتسامتنا وضحكتنا رايته، وعفونا مأربًا، وتغافلنا مطلبًا.

لنحسن إلى أنواتنا وذواتنا، ولنجعل من التسامح مركبًا، ومن الحباء مأدبًا، ولنهرب بذواتنا من الشر والإيذاء، والضر واللأواء، ولنحسن الظن، ولنجبر الخاطر، ولنتعامل بما نراه من الظاهر.

حينها، حينها فقط، يمكن أن ينصلح حالنا، ويصبح الخُلق طريق حياة، وطوق نجاة.

اقرأ أيضاً:

الآداب

نحو عهد أخلاقى جديد

قيمة كل امرئ ما يحسنه

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. محمد دياب غزاوي

أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية- جامعة الفيوم وكيل الكلية ( سابقا)- عضو اتحاد الكتاب

مقالات ذات صلة