إصداراتمقالات

المؤمن والملحد.. متى ينتهي الصراع بينهما؟

المؤمن والملحد وحل الصراع

لفت أنظارنا تعدد النقاشات بين من سنسميهم بشكل اعتبارى مؤمنين وملحدين، وتنوعت بين الخوض فى العقائد والأيدولوجيات والسلوك وخاصة السلوك

فأصحاب المذهبين ممن قلّت معارفهم وشحّت يكرس اهتماماته لتتبع الأفعال والإشارات حتى يستخدمها مقدمات فى برهان
يقصم به ظهر المذهب الآخر
ويريد بهذا أن يبين أن من فسد سلوكه فبالأحرى مذهبه باطل،

ويا لها من مغالطة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لفت أنظارنا التنوع والتعدد وأيضًا لفت أنظارنا عقم النقاشات، أى عدم إنتاجها،

بمعنى أنها لا تثمر عن شئ سوى تباعد الأطراف وحصول التشوهات فى المجتمع ونفور وتمهيد لحرب يفنى فيها الطرف الآخر.

وفى وسط المعمعة يخرج البعض قاصدًا الوسطية مناديًا أنه كفى وليعتقد كل أحد ما يريد،

وحتى هنا قد ننادى بندائه حتى يجهل ويدبر الحديث ويقول فكلاكما على حق.

الحق واحد ومطلق وثابت

وعلى هامش المراد ننوه أنه لا يمكن أن يكون كلاهما على حق، لأن هذا اجتماع للنقيضين إذ لا يمكن أن يكون هناك إله موجود وغير موجود فى نفس الزمان والمكان.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

نعود إلى الطرفين عين المقال.. النقاشات ستظل عقيمة لسببين،

أولاً لا توجد أرضية مشتركة للحوار،

ثانيًا: القصد ليس إصابة الحق بل إثبات باطل الآخر، بمعنى أن الاستدلال يحكمه المعتقد وليس العكس.

الدين من منظور أعمق

نحب أن نحلل الموقفين لنستبين مواضع الاتفاق والاختلاف

لابد وأن يكون الدين سواء كان سماويا أو أرضيا يهتم بترقى الإنسان وسموه، لابد أن يهتم بأموره ويساعده على تلبية احتياجاته،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وهذا هو ميزان التثبت من الأديان وهو حقيقة الإنسان نفسه،

فهناك من يرى أنه جسد فقط يقوم بالحركات والوظائف البيولوجية

وهناك من يرى أنه أكبر من ذلك هو لديه معنى مرافق للجسد، شئ غيبى غير ملموس مهيمن على جسده،

وكل شخص يسعى لنظرية أو “دين” يكون غايته أنه يساهم فى تحقيق حقيقته، فالإنسان الذى يرى حقيقته تنتمى لهذا العالم يكون سعيه فى هذا العالم فقط،

وأما من يرى أن له شق فى هذا العالم وشق آخر ليس من عالم الشهود يكون سعيه بالتوازى فى عالمين،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فيسعى لسد حاجاته الملموسه المادية من هذا العالم ويسعى إلى عالم آخر يشتاق إليه ولا يهدأ إلا عندما يتعرف عليه ويستمد منه ما يكمله،

فهذا هو الإنسان على العموم مفطور على حب ما هو كامل.

الخلاف بين المؤمن والملحد

فالآن لدينا القائل بأنه جسد فقط يسمى نفسه ماديا وصاحب الرؤية الأخرى قال أنه إلهى،

المادى سعى لتحقيق نفسه فى عالم المادة والإلهى سعى لتحقيق الجزء المادى من ما هو مثله وما هو مجرد من ما هو مثله،

فلا يعقل أن أجد سعادتى الروحية فيما هو مادى، هذا توهم بالسعادة

فكما قلنا كل إنسان يعرف أن حقيقته تساوى كذا فيسعى لتحقيق هذه الحقيقة،

ومن هنا يتفرق البشر على حسب تفسيرهم لكينونتهم، ولكن نحن فى عالم واحد يعيش فيه كل هؤلاء البشر الذين اختلفوا فى تعريف ماهيتهم فالماديون قالوا أننا أبناء الطبيعة،

والطبيعة لم تتكلم وتطالبنا بشئ والإلهيين أقروا للإله بالحاكمية والخالقية والرازقية، فهم اختلفوا فى المنشأ وبالتبعية اختلفوا فيما يترتب عليه من سلوك،

فسلوك هذا سيكون غير سلوك ذاك ونظام يوم الإلهى سيكون مختلف عن نظام يوم المادى وهذا هو بيت القصيد

فالملحد يفعل ما يفعله و المؤمن يفعل ما يفعله لأن هذا ما تدفعه عقيدته لفعله وهو ما لا يجب أن يكون موضع نقاش بين الطرفين..

لا السلوك ولا النظرية التى تحدد السلوك إنما ما يجب أن نتحاور عليه هو المنشأ.. هل هو من هذه الطبيعة أم من ما ورائها؟

الفلسفة مقدمة للتدين

هل توجد مشكلة؟
طبعاً توجد مشكلة،

إن الجو العام فى الحقيقة يغرى للإلحاد والتهتك، فلا يوجد على الساحة سوى المتطرفين من الطرفين ولا نرى أو نسمع حسًا لأئمة حق يبينون حقيقة الأديان بالدليل والبرهان،

فحضارتنا خلت من المفكرين والفلاسفة والمتكلمين وبقى على السطح المتخلفون الجاهلون يحملون رؤية مشوهة عن إله يشبه آلهة الوثنين بالقوة والفعل..

فلماذا أتبع مسلك المتدينين وتلك هي
أفعالهم؟

الحوار مقدمة للتعايش

لماذا يجب التحاور أصلاً؟

لأنه لابد من حدوث التزاحم والتنازع، فكل منهما يعيش بحقيقة تختلف عن الآخر وكلاهما سيضطر للتعامل مع بعضهما البعض

فصاحب القيم الأخروية ويوم الحساب سيكون له حسابات مختلفة عن صاحب القيم النسبية الخالية من مبدأ الجزاء عن الأعمال،

فنجد الملحد مثلاً لا يفهم لماذا يعيش المؤمن هذا النمط من الحياة، لأنه يراه من واقع إيمانه هو بعبثية الخلق بمعنى أنها رحلة إلى اللاهدف ولا تتحمل كل هذا التكلف

وأيضًا المؤمن سينظر للملحد نظرة المغضوب علية المستلزم للعقاب المنحل المتهتك،

وأيضًا قرارات المؤمن والملحد وسلوكهما بخصوص المجتمع ستتعارض لأنهما شركاء فى نفس المجتمع

فإذا فقد الاثنان طاولة الحوار فسيحدث الشقاق والتشوه النفسي فى المجتمع كما ذكرنا

ولا يصلح أن نعتبر أن الحل هو أن يدع كل منهما الآخر لشأنه فهذا يستلزم فصل المجتمعات على أساس فكرى وعرقى كما يحب أن يرانا المستعمر والاستبداد.

من أين نبدأ

كيف يكون الحل؟

الحل هو المعرفة كالبدء بنقطة الخلاف وهو نشأة الخلق وليس السلوك، فهذا هو مناط النقاش،

وأن يتم حصر النقاش بين هيئات معرفية فلسفية تمثل الطرفين،

وأن يتم استبعاد المتطرفين فكريًا من الجانبين عن طاولة الحوار وإيداعهم المصحات النفسية،

وأن يتم وضع نقاط الاتفاق وهى موجودة إن أمعن الطرفان النظر ( المؤمن والملحد )،

فكلانا موجود بشري نتفق فى الوجود ونختلف فى المعنى فلنتفق أن العالم المادى يجمعنا سويًا ولنجعله يسعنا سويًا ولنطوره ونصلحة ونعمره ونحافظ على مقدراته لأجيال أخرى

ونضع للجميع أنظمة تعليمية تعلم الإبداع ومدارس روحية لتعليم الفضائل باختلاف مرجعياتها الفكرية، وأهم نقطه العمل على وضع نظام سياسي يضمن كل هذا ويجعله من أولوياته

وهو تزكية المجتمع وتنويره وأن يكون عادلاً يعطى لكل موجود ما يناسبه من الحقوق.

إن الملحد سيحب الطبيعة التى خلقته وسيخرج أحسن مافيها ويعمرها،

أما الملحد المتطرف الذى يريد فقط أن يرى تفشي الشهوات وهتك المحارم لا نعنيه فى مقالنا هذا

وأيضاً المؤمن سيتحرك من منطلق أنه خليفة الإله ويجب أن يعمل عمل الإله وهو عمارة الأرض والحفاظ على مقدراتها وإقامة العدل

أما المؤمن الذى يريد أن يفنى غير المؤمن ويريد حلب الماعز وبيع الخبز على أبواب الصوامع لا نعنيه هنا فى هذا المقال.

 

اقرأ أيضا… العاطفة والعقل…حرب لا تنتهي وصراع يصعب على الكثير عقله

اقرأ أيضا… الصراع الحضاري وأزمة الحضارة

اقرأ أيضا… فلسفة الصراعات الصين نموذجا

لمتابعة قناة اليوتيوب اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات اضغط هنا

مقالات ذات صلة