مقالات

كن مثل بلال! – كم بلال يعيش بيننا اليوم ؟ولماذا يسخرون منه؟

إن بلال يغسل يديه قبل الأكل، كن مثل بلال.
إن بلال يدفع تذكرة المواصلات ولا يتهرب، كن مثل بلال.
إن بلال لا يصادق الفتيات، كن مثل بلال.

بلال هو شخصية وهمية ابتدعتها وسائل التواصل الاجتماعى، وأدى انتشار الكثير من “البلالات” لدرجة أنك لا تستطيع أن تحدد من هو بلال الأول.
بلال شخصية يستخدمها الغير لتقديم مثل يُحتذى به فى أفعال معينة ثم ينصحك في النهاية أن تكون مثل هذا البلال، الموضوع توعوي بشكل مجرد، تم تقديمه بعدة صور منها المنشور والمرسوم، وهو أسلوب معروف فى نشر الأفكار، أن أتكلم عن شخص فعل كذا وكذا ثم تطور به الأمر لينال كذا وكذا…

وهذا شئ حسن لذا عليك بتقليد هذا الشخص لتنال نفس النهاية السعيدة، وأظن أن هذه الحملة البلالية كانت تسير فى خطها التوعوى حتى ظهر بعض الشباب غير الراضي الثائر المتمرد ليأخذ بلال لينكل ويغرر به.

فجأة صار بلال تهكمياً “إن بلال يتنفس من أنفه، كن مثل بلال”
صار لا أخلاقياً “إن بلال يشرب المخدرات، كن مثل بلال”
صار بلال له ألف صورة وكل صورة تشير لمعنى مختلف غير الآخر، وكل جهة تستغل بلال لهدف يخدمها هى فقط، فتحول بلال من داعٍ للقضايا الأخلاقية والقيم إلى داعٍ إلى العديد من الأمور المتناقضة وغير الأخلاقية والنسبية والإباحية، تاه بلال فلم تعد تعرف من أين جاء؟ وأين هو؟ وإلى أين سيذهب؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ما سر تحول بلال؟

قد يكون من استخدم بلال فى البداية قد غير أفكاره ومعتقداته فتغير بلال معه، وقد يكون السبب هو رد فعل دعاة التحرر السلبي وفض المجالس هو خَلق بلال آخر ليشوش على بلال الداعي إلى الأخلاق، وقد يكون السبب هو يأس البعض ومللهم من التنظير والتبشير فصارت السخرية من الواقع ومحاولات الإصلاح عادتهم، وقد تكون هناك أسباب أخرى لم نستطع أن نحصرها.
ولكن هل قد يكون السبب هو بلال نفسه؟ لماذا حصرنا المشكلة في من استخدم بلال وتناسينا بلال نفسه؟
ستقول أن بلال شخصية وهمية ليس لها فعل أو رد فعل.

بلال التائه

أوافقك القول، لكن تخيل معي للحظات أنه لا يوجد عدة “بلال” وأنه يوجد “بلال” واحد فقط، بلال مسكين ضعيف حزين، بلال لم يجد من يحنو عليه، بلال يعيش فى عالم دوره فيه هو أن يكون مفعولًا به، بلال عبدٌ مأمور، ليس له رأي أو توجه، تارة هو قيمي، وتارة هو متطرف، وتارة هو وطني، وتارة هو كاره للوطن، تارة هو منحل، وتارة هو يبحث عن الإله.

بلالنا ليس لديه خطة لشىء، يبحث عن الإجابات فى عقول غيره ولا يعلم أي العقول أرجح وأي الرجال أحق بالاتباع، بلالنا يشعر بالضآلة واليأس فى عالم يسير نحو الهاوية حُباً وعِشقاً فى أن تنتهي مهزلة الحياة، بلالنا فكر كثيراً فى الانتحار وما منعه هو أن الناس ستتكلم عنه بالسوء بعد موته، بلالنا ينظر للأفق ويبكي ويتساءل ماذا الآن؟ من لديه قضية يحتاج إليَّ لكى أمثل فيها فصلاً عن السعادة المفروضة؟

الإشكاليات التى تملأ عقول شبابنا وفراغ الساحة من المُربيين والمُعلميين والقادة قد حول شبابنا إلى “بلال”
شبابنا يمر بأزمة عظيمة لا يشعر بها أولياء الأمور لأنهم لا يستهدفون تطويرهم وتنميتهم وتحضيرهم لمستقبل عظيم، بل هم لهم غرض واحد فقط لا غير هو استخدامهم لأغراضهم المتدنية الأنانية.

كن مثل بلال هذا

ذات مرة وأنا أتصفح المواقع وجدت بياناً منشوراً وموقّعاً من “بلال” مضمونه أنه سأم من الخيوط والأيدى وأدرك قدراته ومسك زمام حياته وبنى له شخصية راسخة مرموقة وملأ وعاء عقله بالمعرفة ووعاء قلبه بالأخلاق، وأنه آتٍ لأولئك المُستأجرين الطاغيين وأنه حامي المستضعفين المساكين، وأنها مسألة وقت حتى ينتهي عهد السادة والعبيد، إنها مسألة وقت حتى يسود عهد بلال المتخلص من استكبار المسكتبرين.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

انشرحت نفسي عندما قرأت بيان بلال فقررت أن أقوم من على جهازي لأكون مثل بلال.

اقرأ ايضاً:

مأساة المجتمع الأزرق

ماذا أنتجت لنا النسبية الأخلاقية ؟

هو الفيسبوك بيجيب اكتئاب ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

مقالات ذات صلة