إصداراتمقالات

قاتلى سقراط

قاتلى سقراط

هكذا كانت قصة الصراع عبر كل العصور ، بين حاملى لواء الحق والعدل والمعرفة والحكمة وبين كارهيها ومنتقديها حاملى لواء الزيف والزخرف الدنيوى والمصالح المادية الرخيصة

منذ أكثر من 300 عام ق. م فى أثينا عندما كانت الحضارة اليونانية فى أوجها، ظهر سقراط

لم يدع أنه حكيم أو فيلسوف بل ربما لم يكن يدرك ذلك .. فقط كان يفعل شيئًا واحدًا بسيطًا تجاهله كثيرون من بنى عصره ووطنه ..

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كان يفكر ..

هو لم يخترع شيئاً جديداً، كل البشر يملكونه؛ العقل .. ذلك الذى إن أسلمته لفطرته لعمل وفق قواعد وقوانين بديهية فطرية لا يختلف عليها اثنان. لم تكن المشكلة لدى سقراط   .. بل كانت لدى من أغرتهم السلطة والنفوذ والمطامع وحب الدنيا فأعمت قلوبهم وشوهت فطرتهم وجبلتهم على اتهامه بشتى أنواع الاتهامات الكاذبة ، إنه يجمع الشباب حوله،  إنهم يستمعون إليه وتطمئن عقولهم وقلوبهم لما يقول، إنه يحدثهم عن الحق والخير والجمال الذى أودعه الخالق فى مخلوقاته فوجدوا حديثه ينسجم مع فطرتهم الإنسانية، يسلك طريقه إلى عقولهم بهدوء ووداعة وكيف لا وهو حديث البسطاء ، وهو حديث العقل والمنطق !!

 الحق واحد والخير واحد والعدل واحد 

هكذا هى الحقيقة عندما تدركها لن تستطيع منها فكاكًا لسبب بسيط أنها منسجمة مع قواعد وقوانين الكون، منسجمة مع قواعد وقوانين العقل ، منسجمة مع الفطرة الإنسانية فى استحسانها للجمال والخير وتقبيحها للظلم والشرور

ماذا يفعل سقراط ؟ لقد أصبح مصدرًا للتهديد؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إنه يقول إن الأغنياء والفقراء لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات !

إنه يقول أن الإله واحد !

إنه يقول أن العدل أن يأخذ كل ذى حق حقه !

إنه يقول أن حكومة الشعب لا تكون إلا أن يتولى عليهم أحكمهم وأرشدهم فيهديهم إلى سواء سبيلهم !

هل نتركه يعبث بعقول الشباب فيثورون علينا؟ هل نتركه يهدد مصادر قوتنا ويقضى على نفوذنا بين الناس ونحن ملوك أثينا ونبلاؤها وأشرافها ؟!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إنه كافر بالآلهة ، وبنظام الدولة ، هو لا يحترم القانون !!

وقرر نظام الدولة إعدام سقراط  .. أعدمته الديمقراطية التى ما فتأ ينتقدها … تلك الديمقراطية التى لا تلتفت سوى للعدد وتقر ما جاء به ظلمًا كان أو عدلاً !!

” إن قتلى سيؤذى أثينا أكثر من بقائى على قيد الحياة “

هكذا تخيلوا،  فلنعدم سقراط  ولينتهى كل شىء، ونسوا أن الحق لا يموت،  وأن الحق واحد ومطلق وباق،  نسوا أن سقراط إنسان واحد وغيره أناس كثيرون سيأتون، نسوا أن حقيقة الإنسان واحدة لا تتغير ، مهما اختلف الناس حوله ومهما تصارعوا ، مهما شوهوه وغيبوه وحقروه وزيفوه يبقى فارسًا واحدًا منتصبًا فى الميدان، تركع أمامه كل الأباطيل والغرور، لأن سلاحه أقوى من كل سلاح ، لأن قوة الحقيقة لا تدانيها قوة ، لأنه مهما عاند الإنسان نفسه لن يستطيع أن يفر من مواجهة قوة المنطق والحق فهى لا تتغير

“إن من يحارب مخلصًا في سبيل الحق لن يمتد به الأجل إلى حين ، ومن أجل هذا فأنا لا أخاف الموت، ولا أعرف طعمه. ولعله شىء جميل، غير إنى على يقين من أن هجران واجبى شىء قبيح، لذا فحين أخير بين الموت الذى يحتمل أن يكون جميلاً وترك الواجب الذى هو من غير شك قبيح، فإنى لا أتردد فى اختيار الأول فوراً “

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تناول سقراط  السم وفى يقينه قد وقر الموت،  وفى يقينه قد هان كل شىء أمام الحقيقة التى لا تموت،

 أن تعانى من خطأ أحدهم أفضل من أن تقوم أنت بالخطأ،  إن من يقوم بالخطأ يضر نفسه، ضررًا يفقد روحه صفاءها 

هكذا كان مصير أعظم مفكرى العصور ..

هؤلاء هم بنو اسرائيل داخل أروقة أورشيلم يتواطئون مع الرومان على صلب المسيح وإعدامه ..

هؤلاء هم بنو معاوية فى صحراء كربلاء يحيطون بالشهيد الحسين وأهل بيته وقلة ممن لحقوا به وثبتوا على الحق ..

هؤلاء هم الأنبياء والأوصياء والعلماء والمفكرين والمصلحين يعانون من اضطهاد وويلات عبدة الطاغوت فى كل عصر وحين، فلا هرب.

وكيف الهرب من مصير هو أهون على النفس من مغايرة حقيقتها !!

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

دينا خطاب

باحثة في علوم التفكير والمعرفة

فريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة