مقالات

حياة يقودها عقلك أفضل بكثير من حياة يقودها ناس-فلتحدد القيم1

هجوم على القيم !

ما الذي ستفعله إن كانت كل القيم في العالم تحت الهجوم ؟

لنكتشف معًا إن كانت القيم الحقة و القيم الفاضلة تحت الهجوم أم لا .

لنبدأ بأم المعارك وهي معركة الحق والباطل، فمصطلح الحق تم  تدليسه كثيرًا، كيف لا وهو أهم القيم في هذا العالم ، فلسفة النسبية تقول أن “الحق نسبي” !! إذًا ان كان الحق نسبيا، فكيف نعرف متى نستخدمه ؟ ونرد على ذلك الادعاء بطرح سؤال : هل ما تقوله نسبي أم مطلق ؟ فإن كان نسبيا، فلا يصح ادعائه ذاك ولا يُعتد به ، وان كان مطلقا فإنه يُناقض نفسه، ففي هذه الحالة يكون الحق مطلقا على عكس ادعائه. وقيل أن الحق هو حق القوة أو حق من معه السلطة، فمن يمتلك القوة أو السلطة هو من معه الحق ! إذًا الضعيف لا يكون على حق أبدًا لأنه ضعيف !

 وقيل أن الحق هو ما أجمع عليه أغلبية الناس ! إذًا من المستحيل أن يجمع أكثر من 50 في المية من الناس على أمر خاطئ تمامًا !  وتقول فلسفة البراجماتية أن الحق هو ما ينتفع به ! إذًا فإن كان الظلم نافعا فهو حق ! وإن كانت السرقة  نافعة فهي حق !

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مع تبيان أن كل تلك الادعائات خاطئة فما هي صفة الحق إذاً؟ الحق مطلق، فمن وجهة نظر فلسفية هو” ما يتفق مع الحقيقة” أو بتعريف أدق هو: “سرد الواقع كما هو”، بمعنى أخر أنه هو “المطابق للواقع”، فإن كان ناتج المعادلة الرياضية لحاصل جمع اثنين زائد اثنين يساوي أربعة حقًا وهو كذلك، فحتى لو أجمع الأغلبية أنه يساوي خمسة وحتى لو كان الأنفع أن يساوي خمسة– في حالة التعاملات المالية مثلا– وحتى لو كان من معه السلطة أو القوة يريده أو يراه مساويا خمسة، فالنتيجة تظل أربعة قطعا ولا نقاش فيها فهي حقيقة مطلقة، وإن كانت مياه البحر مالحة، فهي مالحة حقًا مهما تغير الزمان والمكان.

القيم لا علاقة لها بالأغلبية

حتى لوقالت الأغلبية أوالقوي أو كان الأنفع غير ذلك… إن رأت كل تلك الادعائات أن مياة البحر عذبة فهي تظل مالحة لا محالة، وفائدة تعريف الحق تعريفًا ذاتيًا صحيحًا، أن منْ يتبعه يجب قبل ذلك أن يعرف ماهو، ومنْ منّا لا يتبعه؟ فالحق أحق أن يُتّبع.

لننتقل إلى قيمة ثانية مهمة ، لنرى إن كانت هي الأُخرى تحت الهجوم أو بمعنى أدق، إن كانت هُوجمت أم لا، وهي الحرية، الحرية التي أصبحت غاية! بدلا من أن تكون وسيلة لتطبيق العدل. فلسفة الليبرالية  ترى أن الغاية العظمى هي الحرية المطلقة! فليس غريبًا عندما ترى البعض في حالة من التيه بعد حصوله أوامتلاكه للحرية المطلقة، إذ لايدري ما الذي سيفعله بها، وليس غريبًا عندما ترى الناس ترتكب جميع الجرائم بإسم الحرية

فترى منْ يسرق ومنْ يقتل ومنْ يزني ومنْ يشرب الخمر ومبرره أنه حر! فراجعوا أنفسهم، كل منْ يدعم هذه الفلسفة، ووضعوا لها قيدًا وقالوا أنت حر ما لم تضر! إذًا فكيف تكون حرية ولها قيود، حتى وإن كان قيدًا وحيدًا! فالحرية هي اللاقيد، فهذه الفلسفة شديدة التناقض وشديدة الضعف.

الحرية التي دخلت في السياسة، فنشأت الديموقراطية على أساسها، فترى الجاهل أو الغير المؤهل يرشح نفسه لأي منصب ومبرره أنه حر! وأن رأي العالم في مجال ما أو قضية ما يتساوى مع رأي الجاهل، لكن الحقيقة أن في غالب الأمر، يكون رأي العالم مبني على علمه أما الجاهل يكون رأيه مبنيا على هواه، وهل من المنطقي أن يقود الطائرة أحد من راكبيها لمجرد أنه رشح نفسه لقيادتها، وحصل على أغلبية أصوات الراكبين بغض النظر عن قدرته على قيادة الطائرة!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

العقل و القيم

والمنهج العقلي يرى أن الحرية مطلوبة وبشدة لكي تحقق العدل فهو الغاية الأعظم، فالحرية هنا وسيلة لكي تحقق العدل في نفسك ومن ثم المجتمع، فالمجتمع ماهوإلامجموعة من الأفراد الذين إذا حققوا العدل في أنفسهم حققوا العدل في المجتمع.

لننتقل إلى قيمة العدل، قيل أن العدل هو ما ارتضى به الطرفان! أليس من الممكن أن يتفق الطرفان على شيء هو ظلم لطرف ثالث أو لأطراف أُخرى؟! فما أكثر الأمثلة على ذلك التى نرى فيها اتفاق أطراف على شيء في حقيقته ظلم للغير، وقيل أن العدل هو المساواة! أليس من الظلم أن يعطي المعلم الدرجة النهائية لطالب أجاب على الامتحان كله وأيضًا نفس الدرجة لطالب لم يجاوب على الامتحان كله! ومن الكوارث التي نشأت بسبب تعريف العدل بذلك عندما تسمع بأن المساواة في الظلم عدل!! وفي المثل: “ظلم بالسوية،عدل في الرعية”، فما أقبح هذا على الادعاء الذي يحث على الظلم! فلا أدري أي عدل ذلك الذي يتضمن ظلما!

فالعدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، ولا يختلف ذلك التعريف باختلاف الزمان أو المكان لأنه تعريف مطلق لا يتغير أبدًا، والأقبح من ذلك أن العدل تم استبداله بأسوأ القيم مثل المنفعة، فترى الكثير يُفضل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، فتخيل أن نأتي لرجل يحصل على مبلغ ضخم من المال مقابل وظيفته التي لا تستحق كل هذا المبلغ ونقول له أن من العدل أن نُقلل راتبك ولو قليلًا، تخيل معي ردة فعله وشعوره اتجاه هذا الخبر، ومن هنا نشأت (الأنا) او كما يُقال (انا أولًا) أو (المهم أنا)، ومن هنا نشأت القيم مثل المادية التي أطاحت بالأخضر واليابس .

القيم العليا ليست مادية

المادية التي تراها في كل مكان من حولك، وفي كل سلوك عند أغلب الناس، المادية التي حتى انتشرت في القصص لكي يتعظ بها الناس!
المادية التي دخلت في الزواج، فكانت كالسرطان المُميت حتمًا. فترى الشاب يطلب الزواج من والد البنت، فيقول والد البنت في أول الحديث للشاب: ( احنا بنشتري راجل )، وفي آخر الحديث يظهر وكأن الوالد يبيع بنته كالآلة، فمن يدفع أكثر هو الذي أحق بها!

ألم يقرأ للرافعي قوله “لا توافق لقلبين قبل توافق فكرهما”؟ أم لم يقتنع بكلامه ؟  ولكن تتعالى أصوات البعض بأن هذا هو مافرضه علينا الواقع، وعلينا أن نتعايش معه ! حقًا !! نتعايش مع واقع نحن من أنشأناه بأنفسنا! فبئس هذا الفكر الذي يطالب بأن نتعايش مع المادية بدلا من أن نُحاربها محاربة الخير للشر، ومحاربة العدل للظلم، فهذا هو الباطل بعينه، حقًا ضعف الطالب والمطلوب .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

المادية التي دخلت حتى في تعريف السعادة بل أصبحت المادية أساسًا للسعادة !!
في الجزء الثاني من المقال سنرى معًا كيف أصبحت المادية أساسًا للسعادة -الوهمية – في عصرنا الحالي، وكما يُسمى عصر ما بعد الحداثة، بالإضافة إلى أنه سيتم تعريف السعادة – الحقيقية – وكيفية الوصول إليها، وأيضًا سنُجيب على السؤال الذي طرحناه في بداية المقال.

اقرأ أيضا:

حرب القيم – 2

 مولانا الخبر عاجل

 لأنى حر…عن مسؤولية الإنسان

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

خالد حسام

عضو فريق مشروعنا بالعقل نبدأ المنصورة

مقالات ذات صلة