مقالات

أنا غيرهم أكيد هنجح في الي معرفوش يعملوه! لماذا نفس الطريق؟

لا تمشِ في ذلك الطريق!

“أنا خير منه”  لسان حال كثير من البشر عندما يقدمون على فعل شئ فعله آخرون وفشلوا، عندما يقوم أحدهم بتحذيرك من عاقبة ما تفعله وأنه سبر أغوار ذاك الطريق السئ قبلك ووجد فيه ما لم يطقه أو يتحمله فإنك لا تُلقي لهذا الكلام بالًا وتظن أنك أقوى وأكثر جلدًا منه وتُقرر المضى قدما رغم التحذير ثم تمر السنون وينتهى بك الأمر حيث انتهى بصاحبك وينتهى بك الأمر تقول لأحدهم أيضا لاتفعل ولكنه يفعل.

قصص كثيرة

أذكر قصصا كثيرة لأشخاص تم تحذيرهم من عاقبة صداقة شخص فاسد، وأذكرُ ردهم أيضا بأنهم يعرفون شخصا قد صادقه وظل صالحا، ثم يتفاجئون بأنهم بمصادقتهم له قد أصبحوا أسوأ منه، وقصصا أكثر عن أناس تم تحذيرهم من عاقبة تواجد أبنائهم فى بيئة أوروبية دون رقابة وقد أقسموا أن أولادهم أقوى من أى مُغريات، ليسوا أقل من فلان الذى عاش هناك فترة من العمر دون رقابة وعاد كما هو، ثم يتفاجئون بأبنائهم يتصرفون كما يتصرف الأوربيون ويحملون هوية وثقافة أوروبية.

وغيرها الكثير من القصص التى ربما سمعت أنت عنها، طالما تسائلت لماذا يقدم الناس على فعل شئ كل الشواهد العقلانية تؤكد عواقبه الغير محمودة ؟ ليس ذلك فحسب بل لماذا يقدمون على فعله رغم وجود آخرين مروا بنفس التجارب وانتهى بهم الامر فى أسوأ حال؟

 لماذا نمضي في نفس الطريق ؟

ووجدت الإجابة، أنه من ضمن تسعمائة تسعة وتسعين رجلا انتهى بهم الحال بالفشل، ربما تجد رجلا نجح فى أمر ما مما يعطينا الأمل، ونحن كبشر نحب الأمل، نحب شعور وجود شخص نجح فى ما استحال فعله ولكن الكارثة أننا نجعل من هذا الشخص القاعدة وليس الاستثناء، ونظن أننا مثله وأنه ليس أفضل منا بل ليس هناك بشر أفضل منا أو يستطيع أن يقوم بشئ لا نستطيع أن نفعله نحن، نظن دائما أننا الاستثناء وأننا أشخاص غير عاديين.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وإن فشل الأشخاص العاديين فى مواجهة شئ يصعب جدًا مواجهته فسنصمد نحن، نظن أننا على قدر من الثقافة والفهم والعلم يؤهلنا لفعل أى شئ ومواجهة أى أمر ورغم أننا نرى أشخاصا أكثر علما وفهما قد سقطوا بسبب السير فى الطريق الخاطئ، نكمل؛ لأننا نتمنى أن نُعرف بأننا مَن عبرنا الطريق الخاطئ الملئ بالطين دون أن نتسخ، نتمنى أن نكون استثنائيين، أن يُشار إلينا بالبنان، أن نكون -نحن- من نجونا ولكننا فى الغالب لاننجو.

لا أتحدث هنا بالطبع عن الكد والعمل والاجتهاد والمحاولة عندما يَمل الآخرون المحاولة،  بل أتحدث عن أمر تشير كل الدلائل أنه سيفسدك لا محالة ، أتحدث عن الهروب من الواقع الذى سيخبرنا بقدرنا الحقيقى، أتحدث عن الخيالات التى تجعلنا ننظر فى المرآة ونرى أنفسنا عظماء، بينما ربما نحن فى حقيقة الأمر لسنا بتلك العظمة، أتحدث عن التغاضى عن هذا السؤال الذى يجب أن نسأله قبل أى شئ ..

الحل

هل سنستطيع بما لدينا من علم وفهم أن نواجه هذا الطريق أم لا ؟ هل أنا فعلا ذلك الشخص الذى أظنه أنا ؟ ما الذى يؤهلنى لسلوك هذا الطريق؟ وهل من سقطوا قبلى فعلا كانوا أقل منى فهما وعلما ؟ أم أنا -هو- من يحتاج إلى الفهم والعلم؟ ، ربما يا صديق الطريق أوعر من أن تسير فيه ولا عيب فى ذلك، وربما تحتاج أن تتزوَّد للطريق قبل أن تنطلق ويجب أن تنتظر قليلا وأيضا لا عيب فى ذلك.

يجب أن ندرس أى طريق نسير فيه بعقلانية ونستشير السابقين ولا نظن بأنفسنا خيرا ولا نظن أننا الاستثناء، وأن نعلم جيدا أننا -مجرد- بشرا ليس لدينا قوى خارقة وأن ننظر لأنفسنا بعين الحق ونرى قدر أنفسنا الحقيقى دون تهويل أو تضئيل، فإن انطلقت وتمنيت أن يحدث الأفضل دون دراسة أو علم أو بحث -ظنا منك أنك تستطيع بقدراتك التى توجد فى مخيلتك أنت فقط أن تنجح -هو الحمق بعينه.

أما أن تبدأ فتعرف قدرك الحقيقى وتبدأ فى رحلة التزود من أجل الطريق فهو العقل بعينه، فإن أثبتت لك كل الشواهد أنك لن تخرج من هذا الطريق إلا متسخا، فَفَكِّر مرة واثنين وثلاثه، وتزوَّد للطريق مرة واثنين وثلاثة ومع كل ذلك لا تظن بنفسك خيرا، خذ حذرك دائما لأنك لست بالضرورة خيرا منهم، لاتسقط فى الفخ الذى وقع فيه الكثيرون قبلك.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لا تركب قاربا معيبا وتظن أنك ستكون الناجى الوحيد، ولا تسلك بركة طين وتظن أنك أنت الوحيد الذى سيخرج نظيفا، لا تعِش فى وهم أنك ستكون أنت الحالة النادرة!

اقرأ أيضا:

 لُب الزيتونة .. البحث عن السبب الجذري أفضل من معالجة الآثار الناتجة عنه

أخلاقيات العمل .. كيف ننمي الأخلاق داخل بيئة العمل!؟

محمد صلاح… الرأي والرأي الآخر

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

دينا عاطف

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة