إصداراتقضايا وجودية - مقالاتمقالات

ألن تدخل كلية الهندسة؟ الن تحضري النيش في جهاز بيتك؟ أحمال على الإنسان من سيرفعها؟

يُولد الإنسان صفحة بيضاء، يولد وهو يملك الاستعداد لتلقى المعارف التى قد تكون شخصيته وسلوكه، يُولد وبداخله فطرة سليمة مُهيئة لتقبل كل ما هو طيب ورفض كل ما هو دونه.

وأول معرفة يتلقاها الإنسان تكون من المجتمع المحيط؛ فالمجتمع المحيط هو أول محيط يكتسب منه الفرد المعرفة والأخلاق والسلوك، فمجتمع كل فرد بمثابة معلمه الأول.

والشائع أن المجتمع يعطى أفراده موروثاته وعاداته، وحتى إن أعطاهم ثقافة جديدة يحرص على أن تظل ضمن معتقداته وعرفه، فالحالى أخذ عن السابق ويعطى للقادم وهكذا، ولكن لماذا اعتقدوا هذا ولماذا يريدونا أن نعتقده فإنهم قد لا يدرون!

فلقد جُعلت المصاريف الباهظة فرضًا لإتمام الزواج، والسبب أن الكل يفعل هذا ومن لا يفعل فهو مَعيب، وعندما يستنكر أحدهم ضغط المجتمع على أبنائه من أجل الالتحاق بكليات معينة يُتهم بأنه يريد لهم الفشل حتى وإن لم  تكن تطابق مهاراته، عندما يسعى الإنسان إلى تنظيم علاقاته وحياته الاجتماعية وفق ما يُريحه فإنه يكون شخصًا غريب الطباع رغم أن كل ما أراده هو ألا ينخرط فى علاقة كل ما يفعله فيها هو الجلوس فى مجالس لا يرتاح بها لسماع كلام لا يعنيه، وعندما يطلب أحدهم الفرصة لتطبيق فكر مُغاير قد تكون نتائجه أفضل يُتهم بالأنانية وعدم الفهم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقد حمَّلنا أنفسنا أوزارًا دون تفسير مُقنع لتحملنا إياها سوى أن هذه هى #تقاليد وأعراف المجتمع، وأن من لا يفعل هكذا سوف يضع نفسه محل حكايا الناس. فالمجتمع تعوّد هذا التعقيد حتى أصبح يُدافع عنه دون أن يفهم سببه، ورغم كل ما يسببه له من عناء ومشقة. فكذلك ألقى السامرىّ!

ولكن يوجد أيضًا مجتمعات تعطى أبنائها أسلوبًا فكريًا، بحيث يفكروا بأنفسهم ويغيروا فى الأسلوب الفكرى لمجتمعهم، مجتمعات تعطى أبنائها المعرفة الصحيحة التى تُمكنهم من تحديد المصلحة والمفسدة فى كل فعل وأمر، ثم تتركهم يحددون الكمال اللائق بهم كما يشاؤون.

إن الإنسان موجود مفكر ولذا فهو يميل بفطرته إلى البحث عن الحق والصواب وطلب #المعرفة والاستطلاع، والمجتمع الرافض لهذا ويأبى على أفراده المعرفة أو المعرفة التى تُظهر خطأ معتقداته يمكنه أن يصرفهم فى زمان ما وبصورة مؤقتة عن الحقيقة والاستطلاع، ولكن لا يمكن أن يكبت روح البحث عن الحق هذه دائمًا، و الإنسان لا يمكن أن يتنصل من فطرته وغرائزه التى غُرست فيه لتجره إلى ما خُلق من أجله، والإنسان كله، خلقه، سلوكه، فكره، حياته الاجتماعية وكل ما يفعل لابد أن يسير صوب ما خلق لأجله وما خالف هذا لابد أن يتركه.

وعلى هذا فإن الإنسان -كموجود مفكر- يميل فى كل مسائل حياته إلى الاستدلال، والاستدلال هذا يرجع إلى الأصول والمبادئ التى اعتقدها وترسخت لديه وأصبحت تُدير حياته.

فالإنسان مثلا عندما يواجه مسألة اجتماعية يُقيّمها أولاً فى نفسه وفكره، وطبقا لمبادئه تحتل هذه المسألة درجة معينة من أولوياته واهتماماته، وهذا يختلف من شخص لآخر طبقا لاختلاف المعرفة والمبادئ والأولويات، فنجد مجتمعات تكون فيها العفة قيمة مهمة، ومجتمعات لا تقيم لها وزنًا ونفس الحال بالنسبة للأفراد.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إذن فالفرد هو من يرتب أولويات حياته، ولا يجوز لمجتمع أن يفرض على أفراده نمطًا معينًا من الحياة، ويُجبرهم على انتهاجه، وقد نلتمس للمجتمع العذر فى رغبته أن ينبت أفراده كما نبت، لأنه يعتقد أن هذا هو الأفضل، ولكن لا عذر فى الوقوف بطريق من يريد أن يسلك دربًا آخر.

إن طبيعة الإنسان تميل إلى كل ما هو بسيط وطيب (فكل ما هو مفيد للإنسان بسيط لا تعقيد فيه) والأصل فيها هو الاعتدال، وخلاف ذلك هو الانحراف، فعندما يطلبون ممن يسعى للطيب تفسيرًا فهم مخطئون، فالتفسير الوحيد أنه طيب، أما من يحيد عن الفطرة ويُخالف الأصل هو المُطالب بالتفسير، فالحيد هذا ما يجب علينا أن نبحث عن علله. تلك العلل التى قد تدفعنا إلى أن نتبدل الخبيث بالطيب؛ سنبحث عن علله لأنه ليس طيبًا.

إن من تَيسَّر له قدر من المعرفة وأراد التغيير، فقد لا يعرف ماذا سيواجه، ولا يعرف هل سيقوى على ما سيواجه أم سيتعب سريعًا، ولا يعرف متى تضعف وتستسلم نفسه! ولكن ما يجب أن يعرف الإنسان ، أنه فى هذا الوقت يعرف ويعى ويريد التغيير، إنه الآن قادر!! فلعل طيبًا يفعله اليوم هو ما يُبقيه قادرًا غدًا! ولعل خيرًا يفعله اليوم هو ما يُقوّى نفسه من بعد ضعفها.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

دعاء محمود

طالبة بكلية الطب جامعة المنصورة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة