إصداراتقضايا وجودية - مقالاتمقالات

!في حادث شديد القسوة, قالوا أن الجوع هو قاتله, ولكن كان الجهل هو المجرم

في حادث شديد القسوة من أحداث الحياة اليومية التي نحياها، مات هذا الرجل المسكين جوعا بعد محاولاته المضنية للحصول على ما يسد شديد جوعه؛ حيث قام بعرض سيارته للبيع مقابل أن يحصل على الغذاء ، لنجده بعد أيام قليلة وقد مات جوعا وفقد حياته!

ولكنه ليس الوحيد، فمئات الآلاف من الناس محاصرين محرومين من كل شيء لا طعام ولا ماء ،لا حياة، ولم يبقى لهم إلا الهواء الّذي لو استطاع محاصروهم أن يمنعوه عنهم لفعلوا ذلك بقلب مطمئن ونفس سعيدة! وفي مقابل الموت جوعا وقتلا وتشريدا، يجلس الجناة على أرائك منمقة أمام موائدهم وفاخر ما تحمله، يتداولون صور الطعام على مواقع التواصل الاجتماعي تهكما على الجوعى المحاصرين تحت شعار التضامن معهم! بأي مهزله نحيا؟؟

ولكن ماذا نتوقع نحن من هؤلاء؟  الرحمة؟ أم العدل؟  كيف نتوقع منهم ما لا يستطيعون فهمه ولا وجود له في قواميس حياتهم؟  فهؤلاء لا يتحدثون إلا بلغة المصالح والمنافع، فما يحقق لي #المنفعة ويعطيني القوة فهو الحق، وحصولي عليه هو العدل، ولو كان المقابل موت الآلاف من البشر الذين لا قيمة لحياتهم ولا وزن!

لم يقتل هؤلاء المساكين الجوع إذن، أو الحرب فقط، لم تقتلهم الطائفية ولم يذلهم التشرد ويودي بحياتهم برا وبحرا وفقط؛ فالجوع والحصار، الحرب و القسوة والطائفية، الفرقة والعنصرية  إنما هم في الحقيقة أشكال متعددة وأذرع خبيثة وأوجه بغيضة  لشيء واحد ألا وهو  #الجهل .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فالجهل كما يقول أفلاطون هو أصل كل شر، الجهل بحقيقة الإنسان وغاية وجوده انتجت مسخا للإنسان يحيا جسدا بلا روح بقلب تملأه القسوة ،ملبس فاخر ومسكن واسع وسيارة فارهة وعقل فارغ! الجهل بمعاني الحق وحقيقة العدل والذي أنتج تتويج الظلم وشيوع المظالم والسخرية من المظلومين والزيادة في ظلمهم، فالعالم الذي نحياه الآن يعاني من تشوه المفاهيم وضلال الأفكار ، تطغى عليه العبثية وتحكمه المنفعة، ويسوده حق #القوة، فمن يملك القوة يحكم العالم، حتى وإن كان معتوها مختلا لا يعرف معنى للفضيلة، ولا يرى أن الحياة حق إلا لنفسه، ولا يفكر إلا في كيفية زيادة أمواله وحساباته في البنوك وارتفاع قيمة أسهمه في الشركات العالمية !

إنه عالم المادة، المادة فقط التي تنادي به الفلسفات المادية النفعية ويدرس في الجامعات ، ويتشدق به من يدعون الثقافة في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، إنه الجهل المركب، المقيت المستشري، الضارب بجذوره في العالم لاسيما مجتمعاتنا التي تعاني ويلات هذا الجهل متمثلة في الفرقة والتقسيم والطائفية والتخوين، فتتباين أحوالها ما بين الغنى الفاحش حيث ترمى أطنان الطعام في القمامة، في مقابل الجوع الطاحن الذي يروح ضحيته الآلاف من البشر حيث لا يجدون كسرة من الخبز أو شربة من الماء!

وسنظل نحيا هذه الويلات، ونموت جهلا كل يوم  ونستيقظ على سقوط الآلاف من الضحايا، بأبشع الوسائل، وأحقر السبل، بلا ورع، ولا خوف، سيستمرون  في التحكم بنا وبمصائرنا وحيواتنا طالما نحن غارقون في غيابات الجهل، و لا أرى حلا لذلك إلا بالوعي، إلا بالإفاقة والصحوة مما نحياه، ومعرفة الطريق. الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بامتلاك الأدوات التي نستطيع بها أن نحصل على المعرفة الصحيحة، فنعرف الحق ونتخذه سبيلا، ونحقق العدل في أنفسنا ، لنجده في مجتمعاتنا كلها، ونصبح باتباع الحق وإقامة العدل قوه عظمى تستطيع نشر العلم والخير والجمال والمعرفة للعالم أجمع، تستطيع التصدي للظلم والوقوف أمامه، تستطيع العيش بكرامة والموت بعزة وشجاعة

.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

#بالعقل_نبدأ

منى الشيخ

مطور برامج

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالاسكندرية

مقالات ذات صلة