المحتوى العربي وهوس الشهرة
هوس الشهرة
مما لا شك فيه أن الرغبة في الشهرة غريزة بشرية مثل غيرها من الشهوات، وإن كانت هذه الشهوة مقرونة بشهوة أخرى هي جمع المال فإنها تصبح أشد شراسة وإلحاحا على البشر، وخاصة اليافعين والشباب الذين يشاهدون أمثالهم يجنون شهرة كبيرة ومالا وفيرا من تقديم محتوى سهل،
مثل عرض يومياتهم، أو معارضة بعض الثوابت الدينية والأخلاقية لمجرد إثارة الرأي العام وإحداث بلبلة تكثر من متابعيهم، بل ويصل بهم الأمر أحيانا إلى نشر مقاطع مصورة تدعو صراحة إلى الفسق والفجور، لا يهمهم ما الأثر الذي تتركه مثل هذه المقاطع في نفوس الناس،
لكن الهم الأكبر هو كثرة المتابعين وجني المال، وكأنهم يسيرون على مبدأ “كارل ماركس“: الغاية تبرر الوسيلة. الغريب في الأمر أن بعضهم ادعى على نفسه المرض، والبعض الآخر كان يفعل ذلك بمساعدة والديه.
هوس الشهرة خلل نفسي أم أسري؟
هنا دعونا نقول أن الأمر ربما يعود إلى خلل نفسي ما مثل فقد الإحساس بالتقدير الذاتي والمجتمعي، لكن هذا بالتأكيد ليس السبب الرئيس،
فمما لا شك فيه كما قلت سابقا أن الحصول على الشهرة والمال بسرعة البرق هو الدافع الأساسي والأكثر إغراء لهؤلاء الشباب،
بل والآباء والأمهات الذين فقدوا صفة القدوة الأبوية، حين سعوا لتلك الأهداف الدنيوية الزائلة مهملين ما فيه مصلحة أبنائهم، بل والمصلحة العامة للمجتمع ككل.
ضعف المحتوى العربي
من الملاحظ في هذا الصدد ضعف المحتوى العربي على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، في حين أننا نرى محتوى أجنبيا ممتازا في مختلف المجالات المفيدة، مثل تبسيط العلوم والتكنولوجيا وغيرها الكثير،
وكأننا عندما رغبنا في تقليدهم تعمدنا تقليد الجانب السيئ فقط، مع العلم أن المحتوى الهادف يوصل للشهرة وجني المال أيضا، إلا أنه يحتاج إلى جهد في الدراسة والإعداد، فهل نحن كسالى نحب الأعمال السهلة فقط؟ أم أن هناك أسبابا أخرى؟
بالطبع لدينا الشباب النشيط المجتهد الذي يحتاج إلى فرصة ليثبت نفسه، لكنه يصاب بالإحباط عندما يشاهد غيره ممن يتم الإقبال عليه رغم تفاهة محتواه،
دور وسائل الإعلام
وهنا لا بد من ذكر دور وسائل الإعلام، فكم من مقدم محتوى تافه تم دعوته إلى برنامج تلفزيوني شهير أو إلى حضور حفل أو مؤتمر لمجرد تسميته “شخصية مؤثرة”، ألم ترى وسائل الإعلام أنه مؤثر بالسلب وليس الإيجاب؟
هل أصبحت وسائل الإعلام تسعى أيضًا للكسب المادي فقط؟ أين إذن رسالتهم وميثاقها؟ إن مثل هذه الأفعال لا شك معاول تهدم المجتمع، المجتمع الذي يعيش فيه المؤثر الإعلامي ونحن جميعا.
إحصائيات عن المحتوى العربي
حسب التقرير السنوي لعام 2019 بمنصة “HOOT SUITE” العالمية وصل عدد مستخدمي المواقع لـ 136.1 مليون شخص في الوطن العربي، أي نحو 53% من عدد سكان المنطقة.
وأثبتت إحصائيات السوشيال ميديا الحديثة أن 86% من النساء و70% من الشباب يفضلون البحث عن المؤثرين (Influencer) بالسوشيال ميديا والاعتماد على آرائهم بشكل كبير قبل اتخاذ قراراتهم.
والسؤال هنا أليست هذه الأرقام صادمة إذا تخيلنا كم المعلومات المغلوطة والأفكار المشوهة والمبادئ المنحطة التي يتم بثها بآلاف الساعات على هذه المواقع؟
ولا تتخيل أن الأمر بعيد عنك، فإن كنت تراقب نفسك فلن تستطيع مراقبة كل من حولك، والإنسان لا يعيش بمعزل عن مجتمعه، كما أن تكرار المشاهدة ولو بالصدفة يجعل بعض الأمور تترسخ في ذهنك دون أن تدري.
نصائح ختامية
ختامًا أنصح نفسي وأنصحكم بمقاطعة كل محتوى تافه حتى لا نساهم في انتشاره دون أن ندري، أما نصيحتي لكل من يريد صناعة محتوى،
لا تصنع محتوى دون أن يكون لك رسالة، لا تصنع محتوى دون أن تتقبل آراء الجمهور، لا تصنع محتوى وتتعجل الشهرة والربح لا تصنع محتوى لأن هذا ما يطلبه الناس، فصانع المحتوى هو المؤثر الذي يقود الجمهور وليس العكس.
دعونا نقود هذه الأمة للرقي حتى تعود كما كانت أعظم الأمم.
اقرأ أيضاً:
كيف يُوجه الإعلام العقل الجمعي
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا