مقالات

الاحتباس الحراري

الدعوات للتصنيع والإنتاج يتردد صداها في كل مكان من هذه الأرض باعتبارهما من العلامات البارزة على التقدم، وتتمنى كل شعوب المعمورة أن تبلغ المدى فيهما دون توقف. نعم إن التصنيع والإنتاج يساهم في رفاهية الشعوب الاقتصادية، بل ويساعد الدول المتقدمة صناعيا على السيطرة حتى سياسيا على الدول الأخرى غير المتقدمة، والتي لا تمثل لها غير أسواق استهلاكية لمنتجاتها، تنافس شديد وحرب مسعورة جعلتنا نتغافل عن التأثير الأيكولوجي (البيئي) على كوكب الأرض والذي يتمثل في استخدام المواد الكربونية في التصنيع بانبعاث ثاني أكسيد الكربون co2)) من المصانع ومحطات توليد الكهرباء وعوادم السيارات وفي الزراعة وزراعة الغابات وتكنولوجيا البناء والتعدين… وغيرها من قطاعات الاقتصاد في العالم والتي تستخدم الوقود الأحفوري في نشاطاتها “البترول والفحم”.

إن استمرارنا في حرق الوقود الأحفوري الغني بالكربون من أجل 85 في المائة من الطاقة التي تسير المصانع والشركات والأنشطة الاقتصادية وكافة مناحي الحياة اليومية على الأرض ينفث كل أربع وعشرين ساعة 90 مليون طن إضافي من التلوث الناجم عن ظاهرة الاحترار العالمي إلى داخل القشرة الرقيقة جدا للغلاف الجوي المحيط بكوكبنا، ونتيجة لذلك تتصادم الحضارة الإنسانية مع العالم الطبيعي وتسبب أضرارا جسيمة للنظم الطبيعية المهمة التي يعتمد عليها ازدهارنا كجنس بشري، ومن تجليات هذا التصادم ومظاهره احتمال انقراض ما يقرب من 20 إلى 50 في المائة من الكائنات الحية على الأرض في هذا القرن، وتحمض المحيطات حيث تمر خصائص البحار نفسها بتبدلات جذرية جراء الاحترار العالمي حوالي 30 في المائة من انبعاث ثاني أكسيد الكربون التي يسببها الإنسان ينتهي بها المطاف في المحيطات حيث تتحلل إلى حمض ضعيف، وتتجمع في كميات هائلة مما جعل بالفعل المحيطات في العالم أكثر حمضية من أي وقت مضى وذلك خلال الخمس والخمسين سنة الماضية، أحد المخاوف المباشرة هو أن ارتفاع مستويات الحموضة إلى درجات مرتفعة تخفض من تركيز أيونات الكربون التي لا غنى عنها بالنسبة إلى أنواع الكائنات التي تصنع القواقع والشعاب المرجانية، وللشعاب المرجانية أهمية خاصة وفق الخبراء؛ فربع الكائنات المائية التي تعيش في المحيط تمضي على الأقل جزءًا من دورة حياتها داخل الشعاب المرجانية أو عليها أو حولها، يتسبب أيضا الاحتباس الحراري وما يسببه من ارتفاع في درجات الحرارة للهجرة المناخية نتيجة التغيرات الجارية في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند والذوبان المستمر لكتل الجليد الضخمة فيها نتيجة ارتفاع درجات الحرارة مما يؤدي إلى ارتفاع “متعدد الأمتار” في مستوى سطح البحر في هذا القرن، ومن ثم فإن المناطق المنخفضة معرضة بوجه خاص إلى الارتفاعات في مستوى سطح البحر الناجمة بشكل أساسي عن ذوبان وانهيار الكتل الجليدية الضخمة في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند، ويقدر عدد الذين يعيشون في مناطق ساحلية منخفضة حوالي 634 مليون شخص هؤلاء معرضون لأن يكونوا لاجئي مناخ، ويهجرون أراضيهم بعد أن تغمرها المياه بسبب الفيضانات التي ستكتسح أماكن سكناهم، والدول التي توجد بها مناطق ساحلية منخفضة الهند والصين وأندونسيا والفلبين وبنغلاديش والولايات المتحدة الأمريكية وفيتنام وتايلند ومصر، مما سيسبب ما يعرف باللجوء المناخي إلى أماكن أكثر أمنا، ولكن أي الأماكن سوف تتحمل هذه الأعداد الضخمة؟!

لا شك أن هذا الوضع سيسبب الكثير من الفوضى، وكل ذلك على سبيل المثال لا الحصر في تأثير هذه التغيرات المناخية من ارتفاع درجات الحرارة على كوكبنا الأرضي بسبب أنشطتنا الصناعية المتزايدة إلا أن الجهود المبذولة من جانب الدول الصناعية الكبري لا ترقى وحجم المشكلة الواقع فيها كوكبنا الأرضي!
صحيح أن دول الاتحاد الأوروبي انضمت لمعاهدة كيوتو لخفض الانبعاثات الكربونية وكذلك انضمت الصين مؤخرا مع اتجاه الصين للاعتماد على الطاقة الشمسية كبديل لتوليد الطاقة خاصة أن الصين هي الأولى عالميا في صناعة الألواح الشمسية، إلا أننا نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية تنسحب من اتفاقية كيوتو في عهد الرئيس دونالد ترامب مع أن أمريكا مسئولة عن 15 في المائة من الانبعاث الكربوني على مستوى العالم فدونالد ترامب من أنصار القائلين بأن زيادة درجات الحرارة هي ظاهرة طبيعية لا دخل للأنشطة الصناعية فيها!
لذا فعلينا أن نتحمل جميعا المسئولية؛ لأن الوضع جد خطير فليس لنا مكان غير هذا الكوكب لنعيش فيه نحن والأجيال القادمة؛ فلا بد من تضافر جهود الدول ومؤسسات المجتمع المدني للحد من هذه الظاهرة الخطيرة وإيجاد الحلول من أجل إنقاذ هذا الكوكب.
تابعونا في المقال القادم…

https://www.youtube.com/watch?v=HwFuZEl7Ii0 failed to embed.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ليه الشر ؟ الدنيا جنة ولا نار؟

في سبع سنين .. التغيرات وعلاقتها بالإلحاد

بين جناحي الخوف والرجاء .. اتركوا الفتى

على زين العابدين

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة