في الصحافة والإعلام توجد قاعدة تقول
في الصحافة والإعلام توجد قاعدة تقول لو كلب عض طفلًا، هذا لا يصلح عنوانًا لخبر صحفي، لأنه أمر طبيعي يحدث كثيرًا، لا يلفت نظر الناس، لن يزيد التوزيع والمبيعات.
لكن لو طفل عض كلبًا، هذا عنوان ممتاز لخبر صحفي، حتى لو كذب أو مبالغة، لأنه غريب ويلفت النظر.
دائمًا تحب الصحافة الحديث عن الغريب والشاذ، حتى لو كذب لزيادة التوزيع!
التضليل الإعلامي وصناعة الكذب
في الماضي كانت أجهزة الدعاية والإعلام ونشر الأخبار هم الشعراء، يكتبون شعرًا يصف أخبارًا، وتنتشر، ويضيفون المبالغات، ويشتري صوتهم الأطراف للمدح وتحسين الصورة، أو لمهاجمة وتشويه صورة المنافسين والأعداء.
كان معروف عنهم الكذب والمبالغة، لذلك يقول عنهم الله تبارك وتعالى في سورة الشعراء: ﴿وَٱلشُّعَرَاۤءُ یَتَّبِعُهُمُ ٱلۡغَاوُۥنَ ٢٢٤ أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِی كُلِّ وَادࣲ یَهِیمُونَ ٢٢٥ وَأَنَّهُمۡ یَقُولُونَ مَا لَا یَفۡعَلُونَ ٢٢٦﴾.
يقول لنا نفس وصف الإعلام اليوم! الكذب، صناعة الكذب والمبالغة، وأنهم يصدقهم ويمشي وراءهم الحمقى والغاوون! وأنهم يتنقلون من مؤسسة إلى أخرى ويتغير ولاؤهم وأقلامهم كل بضعة أشهر أو سنوات حسب التمويل! ويجعلون الرزق في أنهم يكذبون!
﴿إِلَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا وَٱنتَصَرُوا۟ مِنۢ بَعۡدِ مَا ظُلِمُوا۟ۗ وَسَیَعۡلَمُ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوۤا۟ أَیَّ مُنقَلَبࣲ یَنقَلِبُونَ ٢٢٧﴾.
لماذا تكذب وسائل الإعلام؟
وجدت بالصدفة هذا المقال من جريدة مصرية على الإنترنت، عنوان المقال أضحكني، يتحدث عنوان المقال عن كيف انتصر المصريون على هتلر (ألمانيا النازية) في الألعاب!
طبعًا الجميع يعرف أن مصر وقتها كانت مجرد إقليم فقير متخلف مريض من مستعمرات إنجلترا، بينما ألمانيا كانت دولة عظمى!
أول سؤال خطر على بالي، هل فعلًا من كتب أو نشر هذا المقال وهذا العنوان يصدق ما يقول؟
بالطبع لا، بل ويعرف أن أي شخص يقرأ هذا العنوان يعرف أنه غالبًا مبالغة أو كذب، أو تحوير لبعض الأحداث، المهم أنه غش وكذب!
لكن في الصحافة والإعلام هذا عادي وطبيعي ومقبول، بل ومحمود، تحت شعار عنوان مثير لزيادة عدد المتابعين ومبيعات الصحيفة أو نسبة مشاهدات البرنامج التليفزيوني، لتحقيق شهرة ومبيعات، وإعلانات، وبالتالي هذا هو مقياس النجاح عند الصحافة والإعلام.
الانتشار، التوزيع، الشهرة، حتى لو بالكذب أو التزوير أو المبالغة، المهم أن تلفت الأنظار لك ولصحيفتك أو قناتك التلفزيونية.
لماذا تراجعت ثقة الجمهور في الإعلام؟
لذلك تقول الأبحاث والإحصائيات أن أكثر مهنة يعتبرها الناس كاذبة ولا تستحق الثقة هي مهنة الصحافة والإعلام، إضافة إلى السياسيين (ما يقرب من 10% فقط!).
بينما أكثر مهنة يثق الناس فيها هي مهنة الطب والتعليم، التمريض والأطباء والمدرس والمعلم، (ما يقرب من 95%).
هذا طبعًا لأن مقياس النجاح في الطب والتعليم هو السمعة ونسبة الاستفادة والشفاء، بينما في الإعلام مقياس النجاح هو الإثارة حتى لو بالكذب!
الإعلام والصحافة، مهنة أفسدت سمعتها بأيديها، ويتحمل كثير من العاملين فيها ذنب الكذب والغش والتدليس والنفاق، الذي يتم نشره تحت شعار الانتشار والتوزيع ونسبة المشاهدة والتعليمات!
إلا من رحم ربي
مقالات ذات صلة:
أخلاقيات الاتصال بين عصري الإعلام التقليدي والرقمي
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا