القصة دي كفيلة إنها تغيّر وجهة نظرك للعالم تمامًا .. قصة (The Cheddar Man) أو رجُل شيدر
في يوم من الأيام خرج مدرس التاريخ البريطاني المتقاعد “Adrian Targget” في نزهة بمنطقته، عشان يُفاجأ بصورة لحد شبيه ليه جدًا مالية جريدة المدينة إللي هو مقيم فيها، مدينة “شيدر” في مقاطعة “سومرسيت” البريطانية.
الصورة دي أصلًا كانت قالبة العالم كله وقتها، مش بسبب الشبه بينه وبين المدرس المتقاعد وإنما لأسباب تانية.
كهف غوف
الحكاية بتبدأ مع اكتشاف أعماق جديدة في كهف “غُوف”، إللي كان قبل كده بالنسبة للعامة اسمه “ثقب غوف”، لأنه كان عبارة عن ثقب في جبل صغير، مع سنة 1898 قدر واحد من المكتشفين أنه يحفر جُوّة الثقب ده أكتر.
عشان يكتشف أنه مش مجرد ثقب رملي، وإنما ده كهف بحد ذاته، واستمر الحفر جوة الكهف وصولًا لما أسماه الباحثين بعد كده بحُجرة الماسة.
مع استكمال الحفر في الكهف تم اكتشـاف إن جُوّاه كمية كبيرة جدًا من المياه، وبتتبُّعها وصلوا لمجرى نهري بس جاف، بيرجع يتملي تاني مع الأمطار وإللي بتسبب فيضانات تمتد أحيانًا إلى ثلاثة أيام.
إنسان شيدر
كل ده كلام جميل، بس عادي، يعني ناس اكتشفت كهف عميق كانوا فاكرينه مجرد ثقب، إيه الجديد؟ الجديد بقى يا رفيق والمرعب حقيقي ما يلي:
مع استكمال الاكتشـافات قدروا يكتشفوا شيء مذهل، بقايا عظمية بشرية في قلب الكهف، يروحوا بيها على المعامل عشان يكتشفوا إن أعمار البشر أصحاب البقايا دي عمرهم أكتر من 14 ألف سنة.
طيب..
مش يمكن دول “النياندرتال” أو “الهومو” إللي هما أشباه البشر إللي اتوجدوا قبلنا؟ زي ما تم ذكرهم في التراث الإسلامي بأسماء “الحن والبن” وكده، عادي يعني ساعات بنلاقي بقايا عظمية كده وأعمار أطول من كده.
كان الرد بلأ..
ده بالتحليل الكربوني اكتشفنا إن الهياكل دي بشرية إنسانية من نفس جنسنا، يعني البشر كانوا عايشين في المكان ده من 14 ألف سنة وشوية، وبسبب البدائية إللي كانوا فيها زي ما أنت عارف عيشتهم كُلها كانت في الكهوف فعلًا.
ما وراء الكهف السياحي
بس إللي تم ملاحظته إن البقايا البشرية دي –بعد بحث سبب الوفاة– وفاتهم مكنتش طبيعية، بل إن تم قتلهم وبشكل بشع جدًا.
بعض الدراسات قدمت إن بعد الفحص تأكدوا إن كثير من البقايا البشرية دي كان سبب رئيسي في وفاتهم إنهم تعرضوا لأكل لحُومهم أحياء.
مقدمات زي دي، خلتنا نسأل سؤال مهم، ما الذي حدث حقًا في كهف منطقة “شيدر”؟
بحسب الفحوصات إللي تمت على البقايا العظمية البشرية الموجودة في الكهف، قدرنا نتوصل أن كان في مجموعة بتأكل لحوم البشر.
ده السبب في الأشكال إللي لقيناها من البقايا العظمية، لأن كلها تحتوي على علامات تقطيع وتكسير مع إزالة اللحم.
وده مالوش حل تاني غير إن حصل زي أكل للحوم البني آدمين دول، مع تكسير لعظامهم.
هل أكل القدماء لحوم البشر؟
من باقي المقتنيات إللي لقيناها هناك، زي أقحاف بتُستخدم في الأكل والشرب، اتضح لنا إن دي مكنتش غير حوادث أكل لحم البشر بشكل مُجرد، يعني مش طقس ديني ولا حاجة، إحنا لقينا بقايا طفل عمره 3 سنين لما مات، وبقايا 2 مراهقين.
الأبحاث أكدت إن الكهف ده كان بيتم استخدامه للأضحيات البشرية، وأكل لحوم البشر، ولك أن تتخيل أصوات الصراخ والعويل إللي كانت في البقعة المظلمة دي من الكون من 14 ألف سنة.
المذهل لما لقينا هيكل عظمي كامل لشخص، يعتبر أقدم هيكل تم اكتشافه في بريطانيا ليومنا هذا، هيكل سليم مفيش فيه أي مشاكل، غير ثقب في جمجمته بيرجّح وجود عنف كسبب للوفاة.
بعد تعريض هيكله للكربون المُشِع، ومطابقة الحمض النووي قدرنا نتوصل لصورته زي ما أنت شايف.
عيونه زرقاء، شعره ناعم مش مجعد، وقدرنا كمان من خلال إننا عرضنا الكلام ده كله على نظام حاسوبي معقد نوصل لتتبُع الحمض النووي بتاعه، وهنا كانت الصاعقة.
اختبار الحمض النووي
الحمض النووي بتاع رجل شيدر مطابق لحمض نووي يخص ناس عاشت في نفس المدينة دي، ولسه عايشين فيها، بل الأدهى إن نسبة التطابق الشكلي في الملامح تكاد تكون مثيرة للدهشة بينه وبين عجوز من نفس سلسلة الحمض النووي.
العجوز ده هو “Adrian Targget” إللي قولت لك عليه في أول البُوست، يعني “أدريان” ده أصلًا بينتمي لنفس البقعة على الأرض من آلاف السنين، ونسله بيمتد لأكثر من 300 جد عاشوا في نفس المنطقة طول السنين إللي فاتت.
بين يوم وليلة “أدريان” مدرس التاريخ المتقاعد بقى أشهر من نار على علم.
اكتشف إن عائلته أصلًا مُقيمة في نفس المكان متحركتش منه منذ آلاف السنين، وده شيء مذهل في حد ذاته، واخد بالك من الشبه الفظيع بينهم؟
إللي يهمني دلوقتي، إن ده واحد من الاكتشافات إللي بتُؤكد إن عمر الإنسان على الأرض أطول من الدارج، وبيوصل لـ15 ألف سنة ويمكن أكتر.
وده لو اعتمدناه هنقدر نفهم حاجات كتير زي الحضارة المصرية القديمة، ونغيّر وجهة نظرنا ليها كونها حضارة بدأت من 7 آلاف سنة، أو أكتر من كده وبكتير.
اقرأ أيضاً:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا