مقالاتسارق ومسروقفن وأدب - مقالات

سارق ومسروق – الوجه التاسع والعشرون

أربعون وجها للص واحد "متتالية قصصية"

وجه البنت التي عشقها أيام صباه ولم ينسها لا يغادره أبدا، يأتيه بغتة مختلطا بوجوه كل من سرقها، ما إن يلمحه حتى تتهلل أساريره، ويجري نحوه بينما هو جالس في مكانه، ويقول له وهو يغالب دموعه:

ـ صرت الفتى الذي تحملين به.

وحين لا يجد ردا، يكمل هو، متطلعا إلي وجهها الصبوح:

ـ صار لدي مال، وأصبحت هذا الذي كنت تحلمين به.

لا يسمع صوت البنت ، لكنه يرى وجهه يتقدم وجوه المسروقين، وبينما هو يمد يديه ليلمسه في فرح، يرتد مذعورا يمسح بمنديله الورقي آثار البصقة التي أطلقتها تلك التي تركته في الزمن الأول، وظل مسكونا بها، يجمع كل ما حوله، وهو يتمنى أن تدركه في اللحظة التي يكون فيها أغنى ممن ظفر بها، فتركع أمامه وتعتذر.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

طالما انتظر هذه اللحظة حتى في منامه، لكن الحلم جاءه بما لم يتوقعه، إذ ظهرت له هي، ليس كما هي الآن كأم لبنتين وولد، إنما كفتاة في الزمان الذي كانت عليه وقت أن تركته، وقاله له:

ـ أثبتت السنين أنك لم تكن لي.

مد عينيه إليها وقال بصوت غارق في البكاء:

ـ فعلت كل هذا مدفوعا بما رأيته يسعدك.

نظرت إليه في استهانة وقالت:

ـ لا يسعدني أبدا أن يقف اللصوص في طريقي.

وقبل أن ينطق، بصقت عليه، وانصرفت، دون أن تتوقف لحظة، وتدير عنقها لتراه.

اقرأ أيضاً:

الوجه الأول، الوجه الثاني، الوجه الثالث، الوجه الرابع

الوجه الخامس، الوجه السادس، الوجه السابع، الوجه الثامن

الوجه التاسع ، الوجه العاشر، الوجه الحادي عشر،الوجه الثاني عشر

الوجه الثالث عشر، الوجه الرابع عشر، الوجه الخامس عشر

الوجه السادس عشر، الوجه السابع عشر، الوجه الثامن عشر

الوجه التاسع عشر، الوجه العشرون، الوجه الحادي والعشرون

الوجه الثاني والعشرون، الوجه الثالث والعشرون، الوجه الرابع والعشرون

الوجه الخامس والعشرون، الوجه السادس والعشرون

الوجه السابع والعشرون،  الوجه الثامن والعشرون

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

د. عمار علي حسن

روائي ومفكر مصري