مقالاتسارق ومسروقفن وأدب - مقالات

سارق ومسروق – الوجه الرابع عشر

أربعون وجها للص واحد "متتالية قصصية"

“إذا حلمت أنك سرقت نقودا فهذا ينبئ بأنك في خطر وعليك أن تزن خطواتك وتَحْذَر”…

هذا ما قرأه السارق في كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين. لم يقرأ الكتاب كله بالطبع، فهو يضيق بالقراءة، وإن اضطر إليها فيخطف منها خطفا، لذا كتب في محرك البحث “جوجل” عبارة تقول: “تفسير حلم من سرق نقودا”، فجاءه التفسير منسوبا إلى صاحب هذا الكتاب.

كان حُلما مقبضا، عدَّه هو كابوسا، وهو يمسح عرقه المتصبب ويسحب شهيقا عميقا معتقدا أنه قادر على أن يزيح في دفقة هواء نقي واحدة هذا السد الطارئ الذي قام فحال دون أنفاسه المنتظمة.

مد يده والتقط زجاجة مياه من فوق “الكوميدينو” وصب في جوفه الكثير، متذكرا في هذه اللحظة ما سمعه ذات يوم، دون أن يتذكر قائله، من أن الماء في الجوف أو على الجسد يبدل من حال إلى حال.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

السارق والعجوز

نظر إلى زوجته التي كانت غاطسة في قاع النوم، وراح يستعيد ما رآه في منامه، بعد أن أغمض عينيه قليلا كي يستدعي كل شيء. رأى نفسه يقف أمام جدار مرتفع، قفز كي يعتليه لكنه سقط على ظهره، ولاحت له كوة صغيرة، كان عليه أن يضرب جنباتها لتتسع، ففعل بقادوم أتى إليه من حيث لا يعلم، ولا يطلب. ولمَّا صارت قادرة إلى تمرير جسده مر، فرأى عجوزا نائما تحت خزانة عالية ذات خشب متين، تتوسطها مرآة، وأبوابها مغلقة.

جذب بابا من مقبضه فلم ينفتح، فضرب الزجاج بقادومه، فتناثرت الشظايا في كل مكان، بعضها ضرب رأس العجوز فانتفض واقفا، فعاجله الذي تسلل إلى البيت بضربة قوية على رأسه، لكنه لم يسقط، ولم ينبجس دم منه رغم شدة الضربة، إنما طالت قامته، ولاحت خلفه حقيبة ضخمة أظهرها الشرخ الواسع في المرآة المكسورة، تطل من جنباتها أوراق نقدية خضراء اللون، هرع إليها ورفعها.

لم يقاومه العجوز، إنما اكتفى بالنظر إليه في استهانة، بينما هو قد حمل الحقيبة الضخمة على كتفه اليسرى. حاول الخروج من الباب فلم يقدر، ولم يكن أمامه من سبيل سوى العودة عبر الكوة التي أتى منها.

وصل إليها وأخرج جسده من الجدار، ثم سحب الحقيبة لكنها لم تمر. انحشرت، وفُتحت فظهرت له مكدسة بالدولارات، فتراقص مكانه، وجذبها، لكن الكوة راحت تضيق، ثم تلاقت فوق ذراعه الممدودة وعاد الجدار إلى هيئته الأولى، فصار جسده في الخارج، ويده قابضة على الحقيبة في الداخل، بينما الساعد مخنوق بين قوالب طوب أحمر تلاقت وتماسكت بفعل خيوط أسمنت ساحت وجمدت.

اقرأ أيضاً:

الوجه الأول، الوجه الثاني، الوجه الثالث، الوجه الرابع

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الوجه الخامس، الوجه السادس، الوجه السابع، الوجه الثامن، الوجه التاسع 

الوجه العاشر، الوجه الحادي عشر، الوجه الثاني عشر ، الوجه الثالث عشر

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

د. عمار علي حسن

روائي ومفكر مصري

مقالات ذات صلة