المرأة بين الأسرة والفكر الغربي .. الجزء الثاني
نستكمل في هذا المقال حقوق المرأة داخل الأسرة، ونسلط الضوء حول بعض مفاهيم الممارسات الخاطئة التي ينظر بها المجتمع إلى المرأة داخل الأسرة، ونحاول وضع بعض التوصيات حول إصلاح تلك المفاهيم والممارسات.
مكانة المرأة بين الماضي والحاضر
تتعرض المرأة في هذا العصر إلى كثير من الظلم على مستوى معرفة دورها الحقيقي، أو في بعض المتطلبات التي ينظر لها المجتمع على أنها واجب عليها حصرًا دون الرجال.
قديمًا عدّها المجتمع مخلوقًا حقيرًا لا يرقى للعلم والحكمة وأنها ناقصة، وكانت بعض الثقافات في الهند وفي جاهلية العرب تعتبر المرأة مِلكًا للرجل، ورغم قبح وبشاعة تلك الممارسات قديمًا في حق المرأة،
إلا أننا نجد ظلم المجتمع الحديث للمرأة أكبر، لأنه يتستر تحت عناوين براقة وخادعة مثل المساواة، والحريات، وحقوق الإنسان، والمشاركة العادلة، ونصف المجتمع.
ظلم المرأة في المجتمعات الغربية
من النماذج الفجة حول ظلم المرأة في الوقت الحاضر، ما نادى به الفكر الغربي حول حرية المرأة، ذلك المفهوم الكبير والمهم، إلا أنه وضع له توصيفًا مخلًا ومغالطًا.
جعل من حرية المرأة مبررًا لتشجيع المرأة على التمرد على القيم الأسرية نفسها وقيم العفة والأخلاق، فالمرأة الحرة من وجهة النظر الغربية، هي تلك المرأة التي تستخدم منتجات التجميل التي يصنعها الغرب، وتلبس ملابس الغرب، وتتخلى عن تربية الأبناء للخادمات، وهي التي تفعل ما تشاء دون مراعاة لأي ضوابط أو حدود، هذه هي حرية الغرب للمرأة اليوم!
إن الفكر الذي يَعدّ نفسه المدافع عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، يجب أن لا ينظر إلى المرأة على أنها سلعة تُباع وتُشترى، يجب أن لا يُخرجها من مكانتها الحقيقية داخل الأسرة ليستغلها تحت عناوين وشعارات براقة، مستفيدًا من قدرته الإعلامية الكبيرة في التأثير على وعي النساء.
ظلم المرأة من زوجها
يجب النظر إلى المرأة على أنها إنسان كامل له حقوق وعليه واجبات، يجب أن تختفي مقولة المساوة بين الرجل والمرأة لما تحمله من منطوق جذاب لكن منطقها مخادع، لتحل محلها مقولة العدل بين الرجل والمرأة.
يجب أن نرفض في المقابل الظلم الذي يقع على المرأة داخل الأسرة نفسها من بعض الأزواج، وهو في الحقيقة كثير وليس بالقليل، فكثير من الأزواج يَعدّ الزوجة داخل الأسرة مجرد خادمة له ليس لها إلا القليل من الحقوق.
بينما يرى الزوج نفسه أنه صاحب أغلب الحقوق، فنادرًا ما نجد في ثقافة الرجال مفهوم مساعدة الزوجة في الأعمال المنزلية وتحمل عبء المهام اليومية، كذلك يغيب عن كثير من الرجال الجانب النفسي للزوجة ووجوب تقديم الدعم النفسي الذي تحتاجه نتيجة الضغوط والمهام الكبيرة التي تتحملها بمفردها.
كذلك يغيب عن البعض الاهتمام بعواطف ومشاعر الزوجة والرأفة بها، فمن حق الزوجة على زوجها الرأفة والمودة والحنان والاهتمام والمواساة والمشاركة.
سر نجاح العلاقة بين الزوجين
الحياة الزوجية الناجحة هي التي تنتج أسرة عاقلة وفاضلة، يجب أن تكون تلك المعاني حاضرة فيها وبقوة، وأن يشعر كل أفرادها بالأمان والاطمئنان، خصوصًا المرأة.
إن أحد أهم أهداف الزواج السليم هو تحقيق الاستقرار والسلام النفسي، هذا المطلب يجب على الزوجين العمل على تحققه وتثبيته في بنيان الأسرة، فالأسرة يجب أن تكون مكانًا لنمو العواطف والقيم الحسنة بين الزوجين لينعكس ذلك على باقي أفراد الأسرة.
لذلك نقول وبكل صدق إن العلاقة الصحيحة بين الرجل والمرأة هي علاقة المودة والرحمة، علاقة الحب والعطف بين الطرفين، ولا يمكن أن يجتمع ذلك مع العنف والندية والمفاهيم الغربية الهدامة.
كيف نحمي المرأة من الفكر الغربي؟
إن معالجة قضية المرأة بوجه عام ومنزلتها ومكانتها داخل الأسرة بوجه خاص لا يمكن أن تُحَل في ظل القوانين والمفاهيم الغربية، فأغلب مجتمعات العالم اليوم تتعرض للغزو الثقافي والفكري من الثقافة الغربية المادية.
هذا الغزو ما كان لينجح لولا رغبة الغرب الخبيثة في إعادة تشكيل البنى الاجتماعية داخل المجتمعات التي تم غزوها، فقد استطاعوا تحت عناوين براقة مثل الحرية والمساواة وحقوق المرأة تدمير أمومة المرأة ودورها الأساسي في التربية الأسرية،
وقد انعكس ذلك سلبًا على الأسرة والمجتمع، فما نشهده اليوم من جرائم أخلاقية وسلوكية وأنماط من العلاقات الغريبة ما هو إلا نتاج غياب التربية السليمة، فقد كانت المرأة في أسرتها هي أساس تلك التربية.
يجب أن نعيد التأكيد على المحافظة على المرأة وحمايتها من الفكر الغربي المادي الاستهلاكي، الذي جعل من المرأة سلعة وبدّل كثيرًا من مفاهيم التميز والجمال، وحارب كل قيم العفة والأخلاق، وحارب كيان الأسرة وقلل من قيمة الرجل والمرأة معًا داخل كيان الأسرة، وقد شهد مجتمعنا الكثير من الكوارث نتيجة هذا الفكر القبيح.
اقرأ أيضاً: الجزء الأول من المقال
تعرف على: أهداف الحركة النسوية
اقرأ أيضاً: لماذا يجب علينا مواجهة المادية؟
*************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا