سارق ومسروق – الوجه الحادي والثلاثون
أربعون وجها للص واحد "متتالية قصصية"
جاء إلى السارق في المنام من أوصاه بطريقة تنهي عذابه، استيقظ منشرح الصدر، وراح يستجمع كل ما سمع، فأدرك منه أنه لا يمكن أن يرى ملامحه في المرآة دون استدعاء وجوه كل الذين سرقهم، ويعلقها على جدار بيته، ويدق في عيني كل واحد منهم مسمارين طويلين، يخترقان المقلتين اللتين تنظران إليه في غيظ واستهانة، فتأتي العتمة الأخيرة، ويأخذان الجمجمة ويثبتانها بلا حراك.
كان هذا صعبا عليه، أن يفسر المنام على النحو الذي شرد فيه يقظا، ولجأ إلى عراف، فقال له:
ـ تخير وجه من تعتقد أنه أكثر من يمثلهم جميعا، ودق المسامير في عينيه.
جفل من كلامه، وتراجع إلى الخلف مقاوما رعدة سرت في مفاصله، فهو سرق مرات، ولا يريد أن يتوقف عن مواصلة هذه اللعبة التي يراها لذيذة، وتشعره بسعادة غامرة، كلما أجهز على ضحية جديدة، لكنه لم يفكر يوما في القتل، ولا يعرف أن يقتل.
قال بحروف مرتعشة:
ـ يموت!
انفجر العراف ضاحكا، واقترب منه، وقال:
ـ تعميه عن خطاياك!
ـ كيف؟
ـ أعطه ما أخذته منه، وأفهمه أنك تبت وأنبت وسترد إلى الجميع ما أخذته، وأقسم له بهذا، وأرسله إليهم ليطمئنهم، فإن اطمئنوا سيطمئنون غيرهم، فيتسع أمامك باب السرقة من جديد.
هز رأسه، ودس يده في جيبه، وأخرج للعراف أجره، وقال له وهو عند الباب:
ـ فكرة جيدة بشرط أن يدخل المسروق الذي يمثلهم جميعا في زمرة الموعدين، فأنا يصعب عليَّ أن أرد ما أخذت.
اقرأ أيضاً:
الوجه الأول، الوجه الثاني، الوجه الثالث، الوجه الرابع
الوجه الخامس، الوجه السادس، الوجه السابع، الوجه الثامن
الوجه التاسع ، الوجه العاشر، الوجه الحادي عشر،الوجه الثاني عشر
الوجه الثالث عشر، الوجه الرابع عشر، الوجه الخامس عشر
الوجه السادس عشر، الوجه السابع عشر، الوجه الثامن عشر
الوجه التاسع عشر، الوجه العشرون، الوجه الحادي والعشرون
الوجه الثاني والعشرون، الوجه الثالث والعشرون، الوجه الرابع والعشرون
الوجه الخامس والعشرون، الوجه السادس والعشرون، الوجه السابع والعشرون
الوجه الثامن والعشرون، الوجه التاسع والعشرون، الوجه الثلاثون
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.