قضايا وجودية - مقالاتمقالات

الإنسان بيشوف إيه بعد ما يموت؟ .. الجزء الثاني

انتهينا في المقال الأول عند مشاهدات ما قبل الموت، لكن السؤال: بيحس بإيه؟ آه يا رفيق، لأني عارفك هتسأل سؤال زي ده فقررت أجاوبك.

بماذا يشعر الشخص قبل الموت؟

أولًا في دراسة قدمها مركز رعاية في نيويورك، لقى الباحثين إن المشاعر قبل الموت بتزيد بطريقة طاغية، وبنسبة تفوق الطبيعي عشرات الأضعاف!

فعملوا مقارنة ما بين الإشارات اللي بيرسلها المخ لأشخاص أحياء وآخرين لحظة وفاتهم، ومن المقارنة دي لقينا نتايج مذهلة!

بعض الموتى في لحظات موتهم أرسلوا إشارات مطابقة لإشارات مخ شخص بيتجهز لقضاء عطلة أو رحلة صيفية، لكن بقوة مضاعفة عشرات المرات.

مجموعة تانية أعطت إشارات متطابقة مع اللي بيشوف شخص بيحبه بقاله سنين مشافوش، بس برضه بقوة مضاعفة عشرات المرات.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مجموعة تالتة بقى كانت بترسل إشارات مرعبة، متطابقة مع الإشارات اللي بيرسلها مجرم وهو في طريقه إلى منصة الإعدام.

ركز يا رفيق..

الإنسان بعد ما بتحصل له الوفاة بيفضل لساعات شايف حواليه وسامع كويس، بس روحه خلاص اتسحبت منه، فإزاي بيترجم اللي بيشوفه أو بيحس بيه؟

اقرأ أيضاً: نقد نظرية “موت المؤلف”.. لرولان بارت

دراسة للحظات ما قبل الموت

بماذا يشعر الشخص قبل الموت

على عكس المتوقع تمامًا، أثبتت الدراسات اللي صدرت عن مركز الرعاية اللي لسه كان قايس المشاعر وعامل عليها المقارنة دي، إن الوعي في أثناء الوفاة في المخ بيزداد تدريجيًا مش بيقل.

يعني وعي الإنسان وإحساسه بإنه بيموت بيزيد، ومخه اللي موجود في جسمه المادي، اللي مش بيكمل الرحلة بعد كده بيكون فاهم إن الروح رايحة مرحلة جديدة، وإن الموت بيحصل وبيبدأ وعيه يزداد تدريجيًا، وصولًا لأقصى درجة من الوعي التام الصافي من أي تشويش، وده بيكون في اللحظات الأخيرة تمامًا قبيل ما يتحول الجسد المادي ده لمجرد تراب.

كأن الجسم سجل إنه داخل على مرحلة جديدة، وإنه محتاج يزود وعيه قدر الإمكان، بس للأسف دون داعٍ لأن الجسد غير مدعو لهذه المرحلة، ودي بقى اللي بنسميها “مرحلة البرزخ” واللي بتكون بعد الوفاة.

بيقول بعض الباحثين إن الموت ليس بالشيء السيئ كما تم تصويره، وإنما هو شيء جميل ومختلف تمامًا عما تم تعميمه وتشكيله لنا في الوعي الجمعي.

الموت هو الحقيقة المطلقة

الكاتب العظيم “إرنست همنغواي” في أثناء خدمته مع الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الثانية أصيب في انفجار، وغاب عن الوعي وأكد الأطباء إنه مات وعاد للحياة، لأن قلبه كان توقف وأيضًا جهازه العصبي قبل أن يعود للحياة بأعجوبة، في تجربة معروفة باسم (NDE – Near Death experience) يعني تجربة الاقتراب من الموت، واللي فيها بيقترب الشخص من الموت لخلل طبي ما، لكنه بطريقة أو بأخرى بيعود للحياة تاني.

همنغواي كتب ما يلي: “الاحتضار شيء بسيط للغاية، لقد نظرت إلى الموت بعيناي، وحقًا عرفت أنه كان لزامًا عليّ الموت، إنه أمر سهل للغاية بالنسبة إليّ، إنه أسهل شيء حظيت به”.

غالبًا بيتم تصوير الموت على إنه نهاية المطاف والرحلة، وإنه محض شر، في حين إنه شيء جميل فعلًا لو إنت من الصالحين، فليه من دلوقتي متكونش منهم وتسعى إن لحظة وفاتك تكون من الحاجات السهلة الجميلة؟ وإن مرحلة ما بعد الموت ليك تكون مرحلة سعيدة تسعد فيها بألذ من الدنيا بمراحل؟

لقد نسي الناس الحقيقة، يسعون يومًا وراء يوم لسعادة وهمية، متناسين تمامًا أنه هناك حقيقة مطلقة، وأنه لا مناص منها ولا شيء قادر على تحييدها، فلم لا نزرع الشجر بدلًا من قطف الزهور؟

اقرأ عن: ثقافة الموت

نهاية الحياة الدنيا وبدء رحلة الآخرة

بماذا يشعر الشخص قبل الموت

المهم، أنا كده شرحت لك تفصيلًا إن الإنسان وقت الوفاة بيشوف وبيسمع اللي حواليه لساعات، ولحد ما تتعطل تمامًا مراكز الإبصار والسمع عنده في لحظة ما.

كمان أثبت لك قطعـًا إن الإنسان وقت الوفاة تحضره الملائكة تُطلِعه على عمله، ومن ثم يقبض روحه ملك الموت، ويفضل جسمه شغال بس مش قادر يتحرك ولا يتفاعل، لأن الروح غادرته وانتهى الأمر.

حقيقي لو فكرت فيها، الموت حاجة مهيبة بتحصل للإنسان، لأنها بتحصل لناس حواليك كل يوم عشان تفكرك إنت كل يوم إن الدنيا فانية، وما فيش حاجة هتفضل معاك بتسعى لها هنا غير عملك، وده اللي غالبًا إنت بتهمله تمامًا في سباقات الدنيا اللي بتطحنك يوم ورا التاني.

بتنسى الأهمية الحقيقية من وجودك واللي هي إنك تحسن عملك وتعمل لآخرتك ولحقيقتك المطلقة، عشان بعد عمر طويل تشوف اللي شافه الصالحين في الـ30 ثانية اللي قبل ما تنسحب روحك تمامًا من الجسد.

اللهم أحسن خاتمتنا، وتوفنا وأنت راض عنا.

اقرأ أيضاً:  هل من سبيل لإحياء مجتمع كثرت خطاياه؟

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. مصطفى محمود حسن

باحث وكاتب روائي