فن وأدب - مقالاتمقالات

أَنَّاتُ مَعشُوقٍ

وَقُلتُ عَلَى لِسَانِ الُّلغَةِ العَرَبِيَّةِ، وَهِيَ تَحكِي مَأسَاتِهَا، من الكامل:

يَا سَائِلِي عَن سِرِّ ذِي العَبَرَاتِ     إِنِّي اتُّهِمتُ بِشَيبِ ذِي الوَجَنَاتِ

إِنِّي اتُّهِمتُ بِضَعفِ رُوحِي وَالأُلَى نَسَجُوا أَكَاذِيبًا مِنَ الوَصَمَاتِ

رَاحُوا بِعُهرٍ يَنهَشُونَ مَفَاتِنِي         وَاللُّؤمُ دَيدَنُهُم بِغَيرِ أَنَاةِ

قَد زَادَ مِن أَسَفِي وَهَشَّمَ أَعظُمِي       أَنِّي رَأَيتُ الطَّعنَ مِن شَفَرَاتِي

اضغط على الاعلان لو أعجبك

آَهٍ مِنَ الزَّمَنِ الرَّدِئِ وَسَهمِهِ         قَد جَمَّعَ الأَبنَاءَ بِالنَّكِرَاتِ!!

يَصِمُونَنِي بِالعُقمِ وَيحِي مَا دَرَوا    أَنَّ الخُصُوبَةَ مِن أَخَصِّ شِيَاتِي

طَأطَأتُ مِنِّي الرَّأسَ وَيلِي إِنَّهُم     لَم يَعرِفُوا قَدرِي وَكُلَّ صِفَاتِي

بَحرٌ أَنَا آَيَاتُ حُسنِيَ جَمَّةٌ            جَمَّعتُ عِلمَ اللَّوحِ وَالشَّارَاتِ

مُنذُ الخَلِيقَةِ فِي الشَّبَابِ مُقِيمَةٌ   مَا شِيبَ شَعرُ الرَّأسِ بِالصَّبغَاتِ

نَطَقَ الرَّسُولُ بِيَعرُبٍ مِن لَفظِهِ      وَفَصَاحَةٌ مِن فِيهِ بِالكَلِمَاتِ

مَا رِئَ يَومًا نَاطِقًا مِن غَيرِهَا         فَكَمَالُهُ فِي نُطقِهِ بِحَصَاتِي

جَاءَ الكِتَابُ مُنَزَّلًا مِن رَبِّهِ             بِاللَّفظِ مِن وَحيِي وَمِن مَلَكَاتِي

آَيَاتُهُ تُتلَى صَبَاحًا أَو مِسَا            وَتَفِيضُ عَينُ الصَّبِّ فِي الخَلَوَاتِ

فِي الذِّكرِ يَحيَا الصَّالِحُونَ بِشَوقِهِم        وَيُتَمتِمُونَ بِمُحكَمٍ آَيَاتِي

لَا شَاطِئٌ يَسطِيعُ حَملَ مَرَاكِبِي مَا كَانَ مِن نَهرٍ وَنِيلِ فُرَاتِ

إِنَّ اللُّغَاتِ إِذَا تَوَاتَرَ ذِكرُهَا             فِي السَّطرِ كُنتُ الصَّدرَ وَالرَّايَاتِ

كُنتُ الوِعَاءَ لِكُلِّ عِلمٍ نَافِعٍ            وَمِدَادُ حَرفِي حَافِلٌ بِهِبَاتِي

مَا ضِقتُ يَومًا بِالعُلُومِ جَمِيعِهَا       أَبغِي العَلَاءَ لِأُمَّتِي بِدَوَاتِي

أَينَ الأُلَى مُذ كُنتُ أَحفُرُ أَحرُفِي    بِمِدَادِ تِبرٍ فَوقَ تُربِ عُدَاتِي؟!

فَالعُربُ كَانُوا فِي القَدِيمِ أَعِزَّةً       وَلِسَانُهُم كَالسَّيفِ فِي الوَثَبَاتِ

فَاسأَل بَلَنسِيَةً وَقُرطُبَةً وَمَا          شَادُوهُ مِن عِلمٍ وَمِن نَفَحَاتٍ

وَاسأَل عِرَاقًا وَالمُعِزَّ تَرَاهُمُ           سَادُوا المُلُوكَ وَحَطَّمُوا الصَّهَوَاتِ

وَاللهِ مَا شِبتُ وَلَا ظَهرِي انحَنَى    لَكِنَّ قَومِي فِي ظُبَا الغَفَوَاتِ

يَتَكَفَّفُونَ الغَربَ لَفظًا سَاقِطًا         وَيَهِيمُ بَعضُهُمُو مِنَ السَّكَرَاتِ

جَعَلُوا حَضَارَةَ عِزِّهِم وَتُرَاثِهِم         فِي الذَّيلِ أَضحَوا لَاعِقِي القَصَعَاتِ

يَا قَومُ عُودُوا مَا هَرِمتُ وَإِنَّمَا         عَجَزَت فُهُومٌ مَا دَرَت حَسَنَاتِي

يَأتُونَ عِرضِي بِالسِّبَابِ صَرَاحَةً      وَالشَّمسُ تُشرِقُ مِن سَنَا نَفَثَاتِي

اللهُ أَكبَرُ سَوفَ يَبزُغُ فَجرُنَا            فَيُنِيرُ ضَوءُ نَهَارِهِ الظُّلُمَاتِ

فِي يَومِهَا قَد جِئتُ أَهتِفُ بِاسمِهَا         غَيدَاءُ تَرفُلُ فِي رُبَى الزِّينَاتِ

لُغَتِي حَيَاتِي وَالكِتَابُ هُوَّيَّتِي       وَالعُربُ قَومِي لَا بَدِيلَ لِذَاتِي

سَأَظَلُّ أَحيَا بِالعُرُوبَةِ دَاعِيًا           اللهُ رَبِّي وَالشَّرِيعَةُ ذَاتِي

وَالقُدسُ مَسرَى وَالرَّسُولُ شَفَاعَتِي     وَالحُلمُ آَتٍ وَالطَّرِيقُ مُوَاتٍ

مقالات ذات صلة:

اللغة العربية بوابة التراث

الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية

هل يجب الحفاظ على لغتنا العربية؟

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*********

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. محمد دياب غزاوي

أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية- جامعة الفيوم وكيل الكلية ( سابقا)- عضو اتحاد الكتاب