قضايا شبابية - مقالاتمقالات

الرسوب الدراسي ليس نهاية الطريق

ربما تتعثر في طريقك مرةً أو اثنتين، وربما عدة مرات، لكنك تستطيع أن تنهض مرة أخرى، لتعود أقوى مما كنت عليه.

نتيحة الاستهتار

عندما كنت طالبًا في المرحلة الثانوية، وبالتحديد في الصف الأول الثانوي، استهنت كثيرًا بالمذاكرة، واعتمدت على ذكائي ومهارتي في الحفظ، وتقديراتي العالية في المرحلة الإعدادية، فكانت النتيجة أنني رسبت في مادتي الفيزياء والرياضيات في الفصل الدراسي الأول.

وكانت تلك هي المرة الأولى في حياتي التي يحدث لي فيها مثل هذا الأمر. فقد اعتدت دائمًا على أن أكون من الأوائل على المدرسة في مرحلتي الابتدائية والإعدادية.

وكان من المفترض أن أتعظ بما حدث، وأكثف مجهودي الدراسي في مرحلة الثانوية العامة، حيث كنت أحلم بدخول كلية الصيدلة أو طب الأسنان.

أكون أو لا أكون

الرسوب المدرسي

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لكن كما يقولون: “تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن”، فبدلًا من أن أبذل المزيد من الجهد كي أحقق حلمي، استهترت ولم أذاكر بجد، وكانت النتيجة هي الرسوب في مادة الفيزياء في الثانوية العامة. وكانت تلك هي الصدمة الدراسية الكبرى لي، ونقطة التحول الأهم في حياتي بعد ذلك.

كان مجموعي بعد النجاح في ملحق الفيزياء يؤهلني لدخول كلية العلوم، لكنني اخترت كلية الآداب بإرادتي، واخترت أيضًا الدراسة في قسم اللغات الشرقية. رغم أنني في الثانوية العامة لم أدرس المواد الأدبية، فقد كنت في شعبة علمي علوم.

لكن كان السبب في اختياري هذا هو عبارة شكسبير الشهيرة على لسان بطله “هاملت”، في المسرحية التي تحمل اسمه: “أكون أو لا أكون، تلك هي المسألة”.

هل الرسوب في الدراسة يعني الفشل؟

فها أنا ذا أضع نفسي في تحدٍ كبير لإثبات الذات، إما أن أحقق هدفي وحلم والدتي وأصبح دكتورًا جامعيًا، بعد أن فشلت في أن أصبح دكتور أسنان أو صيدلانيًا، وإما أن أكون لا شيء.

وبالفعل اجتهدت في المذاكرة وفعلت كل ما أستطيع لكي أحقق هذا الحلم، وكنت كلما راودتني نفسي لكي أتكاسل أو ألهو قليلًا، أتذكر ما حدث لي في الثانوية العامة، وكيف أضعت حلمي بيدي لا بيد غيري. فأعود أكثر نشاطًا وتحفيزًا كي أحقق هدفي، وأطرد عني تلك الوساوس.

وقد حصدت النتيجة النهائية لهذا الكفاح بعد أربع سنوات ولله الحمد، حيث تخرجت من الكلية وأنا الأول على دفعتي، بتقدير عام جيد جدًا مع مرتبة الشرف، وتم تعييني بعدها معيدًا في الكلية.

ثم حصلت بفضل الله سبحانه وتعالى على الماجستير والدكتوراة بعد ذلك. وها أنا الآن أعمل مدرسًا بكلية الآداب جامعة عين شمس، بعد أن كنت راسبًا في مادة الفيزياء بالثانوية العامة.

لا تفقد الأمل .. الرسوب المدرسي ليس نهاية العالم

الرسوب المدرسي

لذا لا تفقد الأمل أبدًا، ومهما حدث لك في حياتك من تعثرات وتقلبات، فلا تفقد ثقتك في الله ثم في نفسك وقدراتك.

وكن على يقين أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع مجهودك وتعبك. وربما كان الخير في طريق آخر غير الذي اخترته لنفسك من البداية، المهم ألا تيأس وأن تجتهد وتقدم كل ما تستطيع من أجل الوصول إلى حلمك وهدفك.

حتى لو لم تصل إلى ما تحلم به، فتأكد أن الله لن يضيع مجهودك، وأنه سوف يعوضك بكل خير، وربما يكون المستقبل القريب يحمل لك واقعًا أفضل مما حلمت به بكثير.

اقرأ أيضاً:

العنف المدرسي 

بين جناحي الخوف والرجاء

اليأس خدعة والأمل حياة جديدة نعيشها

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. محمد علي عبد الحليم محمد

مدرس بكلية الآداب جامعة عين شمس

حاصل على الدكتوراة في اللغة الأردية وآدابها قسم اللغات الشرقية كلية الآداب جامعة عين شمس