مقالاتفن وأدب - مقالات

بين جناحي الخوف والرجاء .. اتركوا الفتى

حزن بغيض استطاع أن ينال من نفس الفتى ، فأطفأ جذوة حماسته وذرفت له عيناه بالدمع.

كان يحاول جاهدًا أن يطرح بعرش سلطان النوم أرضًا، استيقظ متأخرًا، لم ينل سوى سويعات نوم قليلة بسبب سهره الطويل ليلة الأمس، أتم هِندامه بطبقات ثياب ثقيلة يجهل عددها، لم يجد متسعًا من الوقت ليُمشّط شعره فأهمله ليبقى على حاله المُلبّد، شق طريقه بخُطى سريعة كأنه يجاري الزمن، تمنى أن يطوي الطريق الذي اعتاد أن يقطعه على أقل تقدير خلال نصف ساعة في عشر دقائق أو أقل، فهل سيستطيع الفتى أن يكسر ثوابت الزمن وقوانينه؟

ربما اعتقد هذا الفتى أن تلك الطاقة التي اكتسبها من ملعقة العسل التي تناولها من يد والدته على عجل وبركة دعواتها الطيبة وحقيبة ظهره التي تخففت من حِمل كُتبه المدرسية وكراريسه ستعينه على الفوز في هذا التحدي.

إلّا أن هواء الصباح الباكر جاء صادمًا لأحلام الفتى الوردية، فأطفأ لهيب همته المشتعل وأيقظه من وهم امتلاكه لقوى خارقه تطوي عنه بُعد الطريق، فتباطأت خطواته شيئًا فشيئًا، و وصل متأخرًا عن موعد أولى امتحاناته لهذا العام .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ليته لم يصل إلى لجنة امتحانه قط، كانت أشبه بحلبة صراع، كُتبٌ ومذكراتٌ مفتوحة تُنقل منها الإجابات، وحلول تُملّى تصطدم بأذنيه عنوة. أين المفر من تلك الجلبة العارمة التي تهيج بصياح الطلاب ومراقب لا يرعى مسؤوليته في حفط الهدوء داخل لجنة الامتحان ولا يمنع الغش بين طلابها؟

استأذن الخروج من ضوضاء اللجنة واتخذ من إحدى المقاعد المترامية في الممر ملجأ يلوذ به، جاهد تصلب أنامله من برودة الجو، يعتصر عقله ويستجديه ليمنحه أي إجابة يلون بها ورقته البيضاء، عبثًا ادعى الهدوء الذي تخلى عنه وقاده للبكاء.

أخذ يبكي حسرةً على مجهوده الضائع وساعات مذاكرته التي أصبحت بلا قيمة، يبكي قلقًا من ويلات لوم الأهل وعتابهم على سوء درجاته الدراسية التي سيحصل عليها، يبكي خوفًا من زملائه الذين سيقذفونه بعباراتهم الساخطة ويبثون إليه مشاعر كراهية لاذعة؛ لرفضه المشاركة في حفلة الغش الجماعي التي أقاموها في لجنة الامتحان على مرأى ومسمع مراقِبيها.

الآن لم يعد يتمنى الفتى أن يكسر حاجز الزمن أو أن يمتلك قوى خارقة تُمكِّنه من مجاراة الضوء، أصبح يرجو أن تكون لجنة امتحانه القادم هادئة ومنضبطة، تحت رقابة مسؤول عادل أمين، توفر له جوًا مناسبًا من التركيز والقدرة على استجماع شتات معلوماته حتى يستطيع الإجابة على ما يعرفه من أسئلة فيحصل على ما يستحقه من تقدير، فقط أصبح ذلك هو كل ما يتمنّاه الفتى، لكنه كان خائفًا من أن يخذله واقع الغد من جديد.

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضا :

يعني ايه تربية ؟ ( الجزء الأول ) – ما المقصود بالتربية ؟ وما هو تأثير القدوة ؟

أين أجد إجابات للأسئلة المصيرية ؟ وكيف يتم التوافق ؟

عندما نتآكل من الداخل.. ماذا يفعل بنا الاكتئاب ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندى علاء منصور

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة