مرض الفينايل كيتون يوريا
مرض الفينايل كيتونيوريا هو أحد الأمراض الوراثية المتعلقة بالتمثيل الغذائي (أو ما يطلق عليه الأطباء بالأمراض الاستقلابية). وهو مرض نادر على مستوى العالم، ويندرج هذا المرض تحت مجموعة أمراض الأحماض العضوية، ويتلخص هذا المرض في عجز جسم الإنسان عن تكسير نوع من العناصر البروتينية. واختصارا لاسمه الطويل إلى حد ما فإن الأطباء يطلقون عليه اسم مرض بي كى يو PKU وهي اختصارا لكلمة (Phenylketonuria).
مقدمة عن البروتينات:
يستخدم الإنسان البروتينات كمصدر أساسي لبناء الجسم، وهو قادر على الاستفادة منها عند الضرورة لتوليد الطاقة، وتتكون البروتينات من عدة وحدات صغيرة تسمى أحماض أمينية (Amino acids)، ولكي يستفيد الجسم من هذه البروتينات فإنه لا بد أن يكسرها أولا إلى مكوناتها الأساسية، مما ينتج عنه العديد من الأحماض التي يستفيد منها الجسم لإكمال عمليات البناء وإنتاج الطاقة (التمثيل الغذائي)، ومستوى هذه الأحماض في الدم ثابت ومحدد.
إن حاجة الإنسان مستمرة لإنتاج الطاقة، وفي سبيل ذلك فإنه يقوم بتكسير المواد البروتينية إلى عدد كبير من الأحماض الأمينية، وفي سياق حديثنا عن مرض PKU فهناك حمضين أمينيين مهمين وهما: الفينايل ألانين Phenylalanine والتايروسين Tyrosine، حيث يقوم نوع من الخمائر (إنزيمات) بتكسير حمض الفينيل ألانين ويحوله إلى حمض التايروسين وهو حمض ذو فائدة لجسم الإنسان. وينتج هذا الإنزيم من شفرة جينية محددة موجودة داخل المورث (أو ما يسمى بالجين)، وهذه الجينات موجودة على الكروموسومات والتي هي موجودة في داخل النواة في جميع خلايا الجسم.
عند وجود خلل (أو ما يسمى بالطفرة الوراثية) في الجين (المورث) المتحكم بهذا الإنزيم فإن نسبة حمض الفينايل ألانين ترتفع في الدم وتنخفض نسب التايروسين، والتي تتميز بتأثيرها السلبي والبالغ على المخ بشكل خاص، والذي يؤثر على الجهازين الحركي والعقلي للإنسان. وبشكل عام، فالمواد البروتينية التي قد تفيد الإنسان الطبيعي (السليم من المرض) فإنها قد تضر الشخص المصاب بهذا المرض وتصبح سما ضارا بصحته .
ولهذا المرض عدة أشكال تختلف شدتها من مريض لآخر بحسب مقدار النقص في الخميرة، فكلما زادت شدة نقص الخميرة زادت شدة المرض وبالتالي يظهر المرض في عمر مبكر (الأسبوع الأول من العمر).
الأعراض الأولية للمرض:
نركز على النوع الأشد خطورة والأكثر شيوعا، هو النوع التقليدي ويطلق عليه Classical، والذي يتميز بحدوث الأعراض المصاحبة للمرض في عمر مبكر، غالبا في الدول المتقدمة يتم كشف المرض قبل تفاقم الأعراض، أما في حالة عدم اكتشاف المرض فإن الطفل يحدث له تشنجات أو تأخر عقلي ويكون حجم الرأس أصغر من الطبيعي، وتراكم كميات كبيرة من حمض الفينايل ألانين يظهر رائحة مميزة في الجلد، أما نقص حمض التايروسين فإنه يؤدي إلى إعطاء الجلد والشعر لونا فاتحا بسبب نقص صبغة الميلانين.
التشخيص:
يعتبر المرض من الأمراض النادرة والتي يصعب على الكثير من الأطباء التفكير باحتمالية حصولها لأي مولود، إلا إذا تم إخبار الطبيب بوجود طفل سابق مصاب بنفس المرض. وبشكل عام، ينبغي للطبيب المعالج التفكير والتوجس بوجود أي مرض للتمثيل الغذائي عند انعدام وجود أي تفسير سريري أو مخبري لتدهور صحة المولود العامة،
وعندها يجب على الطبيب المختص عمل الفحص الشامل لأمراض التمثيل الغذائي والذي يجب أن يكون تلقائيا، خاصة عند وجود حالة مماثلة لدى أحد الأقارب. يتم فحص حديثي الولادة عن طريق عينات دم تؤخذ منهم ويتم الكشف عن كميات الفينايل ألانين المرتفعة ويجب الـتأكد ما إذا كان ارتفاع حمض الفينايل ألانين.PKU
العلاج:
لا يوجد له علاج ناجح وشافٍ. ولكن عند التمسك التام بالحمية الغذائية واتباع الإرشادات الطبية وإعطاء الأدوية اللازمة يمكن الحد بشكل كبير من المضاعفات الشديدة لهذا المرض، خاصة الأعراض السمية الشديدة نتيجة لارتفاع حمض الفينايل ألانين إلى مستويات عالية.
الأمر المهم أيضا والذي يجب التركيز عليه هي الحمية الغذائية، فكما ذكرنا سابقا أن هذا المرض ناتج عن زيادة الحمض الأميني الفينايل ألانين والذي يوجد في البروتينات، لذلك يجب التقليل منها إلى الحد الأمثل والمنصوح به في مثل هذه الحالات. كما يجب أن لا ننسى أيضا أن الفينايل ألانين في نفس الوقت مهم جدا لنمو الجسم، لذلك فإن المحافظة على نسبة محددة منه في الدم بكمية مناسبة ولازمة لإكمال عمليات النمو والبناء في جسم الإنسان من الأمور التي يجب أن لا نغفل عنها.
إن هذا التوازن الغذائي بين الكمية المهمة للنمو والمستوى الضار للمريض هو من أهم النقاط التي ينبغي الحرص عليها، لكي لا يسبب النقص الحاد لهذه المواد نقصا مزمنا في النمو، وعلى النقيض فان الزيادة تؤدي إلى انتكاس المرض وفقدان السيطرة الكلية عليه. هناك العديد من المنتجات الغذائية والحليب المعد مسبقا والمصنع خصيصا لهؤلاء المرضى يحتوي على النسب الأمثل من الأحماض الأمينية والمواد الغذائية الأخرى .
عند فطام الطفل المصاب يجب أن لا ننسى أن القاعدة الأساسية هي الحذر التام من المواد البروتينية (اللحوم والألبان ومشتقاتهما)، مع الحرية في تناول المواد النشوية (السكريات) والدهنية والفواكه والخضروات.
وبشكل عام فإن هذه النواحي الغذائية وغيرها تستدعي المتابعة المستمرة لأخصائي التغذية المتمرس في مثل هذه الأمراض، كما ينبغي الحذر المستمر عند إدخال نوع جديد من الأطعمة لم تكن تعطى سابقا للمريض، كما يجب قراءة جميع مكونات المواد المعلبة والمحفوظة لمعرفة إذا ما كانت تحتوي على مواد مضرة بالطفل.
المضاعفات:
- التأخر العقلي والحركي بجميع الدرجات (شديد – متوسط – خفيف) وهذا التأخر يرجع إلى ضمور خلايا المخ، وكلما لم يتم التحكم بمستوى الفينايل ألانين بمستويات مقبولة كلما تأثر المخ وتعطل نموه في فترة الطفولة الحرجة. ولتشخيص هذا الضمور يمكن عمل فحص أشعة الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية للمخ ورؤية هذه التغيرات.
- ضعف البنية للطفل مع ضعف الشهية للأكل.
- الصرع أو التشنجات.
إن تشخيص هذه المضاعفات قد يحتاج لعمل الكثير من الفحوصات لتحديد شدتها والعمل مبكرا للتقليل من آثارها على حالة الطفل. كما أن تشخيص المرض مبكرا بعد الولادة والتمسك الصارم بالتعليمات الطبية قد يجنب المولود حصول هذه المضاعفات .