تجربة اجتماعية عجيبة لم يسبق تطبيقها
طوال الأربعين عامًا الماضية يتعرض العالم لتجربة اجتماعية عجيبة لم يسبق في التاريخ أن طُبِقت، وهي التجربة النسوية وتمكين النساء! تعليم الرجولة للنساء وتعليم الأنوثة للرجال!
طوال التاريخ النساء تسعى للأمومة، وتهتم بالجمال والتجميل والتجمل، طوال التاريخ الرجال يريدون القيادة والسيطرة والمغامرة.
جاءت ما تسمى الحركات النسوية وقالت لنا إن الفارق بين الرجل والمرأة ليس نتيجة أن الله قد خلق جسد الرجل وهرموناته مناسبة للقيادة والمغامرة والسيطرة، وليس نتيجة أن الله خلق جسد المرأة وهرموناتها مناسبة للاهتمام بالأمومة والتجميل والاستقرار وبناء الأسرة.
جاءت تقول لنا إن هذه الأفكار محض أفكار صنعتها المجتمعات طوال تاريخ البشرية، والنسوية قد وجدت حلًا آخر اسمه تمكين المرأة! وأن الموضوع ليس مرتبطًا بالتكوين الجسدي والنفسي، لكنه شيء قابل للتعليم والتعود!
يعني ما يسمى الرجولة صفات مزروعة في الإنسان؟ أم يتعلمها ويكتسبها؟ أو كلاهما؟! طبعًا المنطق يقول كلاهما، صفات بيولوجية تتقبل اكتساب صفات نتعلمها في أثناء التربية (Nature vs nurture). من دون ذلك يحدث تضارب بين طبيعة الجسد وطبيعة التربية والتصرفات!
كيف جنت الحركات النسوية الحديثة على المرأة؟
لكن تقول الحركات النسوية إنها صفات تتعلمها وليس لها علاقة بالصفات الوراثية ولا مواصفات الجسد، فقط (nurture).
يمكن أن تتعلم المرأة مهارات القيادة والرجولة، وبناء عليه نفرض على المجتمعات أن تكون القيادة للنساء والسيطرة للنساء، ونضع النساء في مهنة المقاتل والعامل والسائق والمديرة والرئيسة، حتى لو كانت قدراتها محدودة (المهم تكون واحدة ست)، ونصور هذا على أنها بطولة، وتظهر النساء في الأفلام بقوة خارقة تضرب الرجال بقبضتها القوية وينهار أمامها الرجال الضخام ويقعون تحت سيطرتها لتتحكم فيهم كيفما تشاء.
يمكن للرجال أن يتعلموا الخضوع وصفات الأنوثة والبقاء في المنزل ورعاية الأطفال، بتعليمهم هذا في التعليم والإعلام والمسلسلات والأفلام ونشر الأفكار النسوية، أن نجعل الرجل يخجل ويخاف من أن يعبر عن رغبته في السيطرة والمغامرة، وأن تكون قدوته هو الرجل المائع الخاضع المخنث!
النتيجة ما نراه اليوم من تعاسة للرجال والنساء، كل من الطرفين مطلوب منه أن يتقمص دورًا لا يتناسب مع صفاته الجسدية.
الحركات النسوية والمعركة الموهومة
مطلوب من الرجال التنازل عن العنف والمغامرة والقيادة ورعاية الأسرة، ومطلوب من النساء التنازل عن مساحيق التجميل والأمومة والاستقرار في المنزل والبحث عن من يرعاها، سواء أبوها أو زوجها أو أخوها أو ابنها، وأن تتبادل الأدوار، بالعافية!
رغم أن جسد المرأة وهرموناته وتوزيع الدهون فيه وعضلاته الأضعف والثدي والأرداف ووجود رحم وبويضات والدورة الشهرية، وتراجع صحة المرأة وتدهور جسدها بسرعة في أواخر الأربعينيات، هذا كله لا يتناسب مع دور القوة العضلية ولا الأدوار القيادية والقائد الحكيم كبير السن، ولا دور المقاتل أو المكافح المجتهد الشجاع الشاب. يطلبون من المرأة أن تتنازل عن الأمومة والاستقرار والخضوع للرعاية والحماية، وعن حبها للتجميل ومساحيق التجميل والملابس، كي تلعب دورًا لا يناسبها.
رغم أن نفسية الرجل وجسده وعضلاته وتركيب المخ عنده، لا تتناسب مع البقاء في المنزل ورعاية الأطفال، ويستمتع بأن يقود الآخرين ويرعاهم ويتكفل بهم ويكون قوامًا عليهم، لا مع الخضوع والتبعية، والتنازل عن العنف والمغامرة والقيادة، يظل جسده يناديه وهرمونات الذكورة تقول له أن هذا الدور ليس له.
حقيقة الاختلاف بين الرجل والمرأة
حتى فصول المدارس، مصممة للفتيات كي تتفوق على الرجال، لأن الرجل يريد الحركة والتعامل العملي مع الأشياء، في حين أن النساء يناسبها الجلوس دون حركة تمسك كتابًا لتحفظ ما فيه.
لذلك تجد شبابًا كثيرين غير متميزين في التعليم المدرسي، لكن يحققون نجاحًا كبيرًا حين يدخلون الحياة العملية.
في حين تجد الفتيات متفوقات في مجموع المدرسة، الأولى على الجمهورية، ثم تفشل في الحياة العملية، ليس لأن المجتمع يعطلها، بل الحقيقة أن الحكومات ومواثيق المنظمات الدولية المدعومة من الغرب تدعم تمكين المرأة بطريقة مبالغ فيها، لكن لأن الحياة العملية خارج المنزل لا تناسب نفسية أغلب النساء الطبيعيات! الطبيعيات!
الأبحاث تقول إن الرجل يتفوق في الأمور العملية، والنساء يتفوقن في العلاقات الشخصية، لذلك تجد أغلب المهندسين الناجحين رجالًا، في حين تجد أغلب الممرضات نساء، لأن الرجل نفسيته أفضل في التعامل مع الأدوات والأشياء والأجهزة وقليل الكلام، والنساء أفضل في كثرة الكلام والتواصل العاطفي والحنان والرحمة والتعاطف.
هذا ليس كما تدعي الحركات النسائية أنه بسبب عدم تمكين النساء، لكن لأن النساء ينجحن في ما هو قريب من نفسياتهن، كذلك الرجال.
فشل الفكر النسوي في الغرب
لذلك نجد اليوم ردة الفعل في الغرب والولايات المتحدة في تيارات ضد النساء والنسوية، حتى بطريقة مبالغ فيها، لأنها رد فعل للحالة الشاذة التي فُرِضت ودمرت المجتمعات طوال الأربعين سنة الماضية.
النسوية وقوانين الأحوال الشخصية وتمكين المرأة هذه الأمور كلها ظاهرة غير طبيعية شاذة، ظهرت في الأربعين سنة الأخيرة في الغرب ثم فُرِضت علينا، وتدعي أنها تقدم السعادة الاجتماعية وأنها تعرف ما لم يعرفه البشر من تعاملاتهم مع بعضهم طوال مئات الآلاف من السنين!
تدعي أنها تحقق السعادة التي لا تحققها الأديان والعادات والتقاليد للمجتمعات!
في التجربة اتضح الفشل الذريع للحركات النسوية وتمكين المرأة في تحقيق أي سعادة للرجل أو المرأة، وجعلت الفشل والتعاسة في الحياة الأسرية والاجتماعية أكثر بكثير، لكل من الرجال والنساء.
الحل في إلغاء قوانين النسوية والأسرة وتمكين المرأة كلها وخرافات الأفلام والإعلام، والعودة إلى الأديان والعادات والتقاليد التي صنعها البشر من تراكم الخبرات عبر مئات آلاف السنين.
مقالات ذات صلة:
عمل المرأة بين مسؤولية التربية ودعاوى النسوية
قضية المرأة بين الحقيقة والوهم
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا