أسرة وطفل - مقالاتقضايا شبابية - مقالاتمقالات

عمل المرأة بين مسؤولية التربية ودعاوى النسوية

واعلم رعاك الله أن المرأة لم تخلق لمغالبة الرجل أو لمزاحمته في معترك الحياة، ولا مصارعته في مجالات عمله، كما أنها قد تصلح لأمور السياسة أو مشاغل الحكم، فالرجال قوامون على النساء وليس العكس، ولا يرجع ذلك، معاذ الله، إلى نقص فيها، ولا إلى قصور يعتريها، إنما هي فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ولربما يؤول ذلك إلى بنية الرجل الجسدية، وصفاته التكوينية، بما جبل عليه من قوة وفتوة وبسالة وشجاعة، مما يجعله مؤهلًا، وقمينًا بكل ذلك أكثر منها، دونما ريب، لا يجادل في ذلك ولا يماري فيه من له بصر.

المرأة كائن جميل لطيف، ومخلوق رقيق شفيف، مملكته البيت، حصنه الحصين، وعموده المتين، إليها يأوي الرجل، وفي حضنها يرتمي، وعلى أعتابها يلقي همومه وأوهامه، وينسى أتراحه وآلامه، وتذوب من ثم أحزانه وأسقامه، وبها وعن طريقها يستطيع مجابهة الحياة الصعبة بكل ما فيها، ويقوى من ثم على العمل الشاق، وينشط على الملمات، بل ويواجه المشكلات، على عاتقها إذًا يقع عبء التربية الأسرية، وبها تتأتى مسؤولية البناء الأخلاقي للمجتمع ككل.

ما فسدت الحياة وما تكدرت، بل ما اختل ميزانها، وانهار بنيانها، إلا حينما ظهرت المناداة بمساواة المرأة الرجل في كل المناحي والاتجاهات كافة، كلمة حق يراد بها باطل، دعوة من ثلة خبيثة لا يريدون للمرأة الخير، ولا يضمرون لها إلا الشر، ثلة مستغربة يريدونها كلأ مباحًا، ولحمًا مستباحًا، نهمًا لشهواتهم، ومرتعًا لملذاتهم، معللين ذلك أننا نعيش “مجتمعا ذكوريًا” السطوة فيه للرجل، والكلمة العليا فيه للذكر.

وما درى هؤلاء الطغمة الفاسدة المفسدة ما فطر كلاهما عليه، فلكل وجهة هو موليها، لكنهم أبوا إلا أن يجعلوا من المرأة سلعة حقيرة يتداولونها، لا يراعون في ذلك إلًا ولا ذمة، فأرادوا لها أن تخترق الحاجز الذي أقامه الله، ووضعت أسسه الأعراف، وأقامته الشرائع، حتى انتكست فطرتها، وغابت قيمتها، وضاعت أنوثتها، وانمحت هويتها، لاهثة، من حيث لا تدري، وراء دعاوى شيطانية وأغراض دنيئة علمانية، تحت مسميات قميئة، وإن بدت براقة زائفة، من مثل: “النسوية، والجندر”، طمسًا لمعالم الحق، وتذويبًا للفوارق الطبيعية، حتى ضلوا وأضلوا، فشاعت الرذائل وتاهت الفضائل، وسط هتاف العدل وراية المساواة، في مخطط ماسوني وأفكار إلحادية، خصوصًا مع كثرة السفور وشيوع التبرج، فضلوا وأضلوا، وماجوا في متاهات الهوى، ورتعوا في مستنقع الوبا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

على المرأة إذًا أن تحفظ كيان الأسرة، وتعمل جاهدة على أن تكون حجر عثرة ضد ما يمكن أن يزلزل بنيتها، أو يضعف شوكتها، أو يقوض أركانها، أو يذبذب بنيانها، ولعلنا نتذكر هنا قول السيدة خولة التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، وهي تشتكي إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم، تلك التي ظاهر منها زوجها، وحينما فرق الظهار بينهما، قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: “إن لي منه أولادًا إن تركهم جاعوا، وإن تركتهم ضاعوا”، كأنها في هذي الجملة البسيطة تضع الصوى، وترسم الطريق، وتحدد بدقة مسؤولية كل من الرجل والمرأة في تلكم الحياة، فللرجل العمل، وللمرأة التربية.

ولا يعني هذا أننا ضد عمل المرأة، لا، إنما نقول بأن البيت مملكة المرأة الحقيقية، فيه تعمل وتكد وتجتهد وتربي وتبني، وهذي أمور عظام وأعمال جسام، تحتاج إلى تفرغ منها، حتى تستطيع أداءها على أكمل وجه وأتم طريقة، تقف في ذلك جنبًا إلى جنب مع صنوها، صامدة، قوية، صابرة، محتسبة، ولم لا؟! والنساء شقائق الرجال!

لا يعني هذا ألا تخرج المرأة من بيتها، بل تفعل ذلك عند الحاجة الملحة، والضرروة القصوى، ساعية للرزق، وذلك إذا احتاجت إلى العمل، أو احتاج العمل إليها، وفق ضوابط الشرع، وأخلاقيات الدين، إضافة إلى الأصول المرعية والأعراف المقضية.

مقالات ذات صلة:

المرأة بين الأسرة والفكر الغربي

اضغط على الاعلان لو أعجبك

قوة القصة.. قوة الحدوتة!

أحوال المرأة في المجتمع الغربي

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. محمد دياب غزاوي

أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية- جامعة الفيوم وكيل الكلية ( سابقا)- عضو اتحاد الكتاب

مقالات ذات صلة