مقالات

الحرب الناعمة (الجزء الرابع) – “علامات وقوع الحرب”

كما ذكرنا في المقالات السابقة بوجود اشتراك بالأدوات والوسائل بين “الحرب الناعمة” وغيرها من العمليات الإعلامية والدعائية والحروب النفسية والسياسية. أردنا في هذا المقال رصد مجموعة من المؤشرات والعلامات التي إن توفرت يمكننا القول بوقوع “الحرب الناعمة “.

 ويمكن تلخيص تلك المؤشرات والعلامات في ثلاث نقاط:

  • وجود درجة من الاصطفاف والتوافق والحشد الدولي من مجموعة من عدة دول مؤثرة على الصعيد الدولي ضد الدولة المراد السيطرة عليها، والذي لا يمكن لنا قبول فكرة أن هذا الحشد والتوافق في الضغط على هذه الدولة هو مجرد صدفة.
  • التركيز الإعلامي بحملات يومية أو بصفة دورية متواصلة، بحيث يتم توظيف كل إمكانيات القنوات المشاركة في تلك الحرب وتحريك كل برامجها وكوادرها سواء إعلامية أو إلكترونية وصحفية دفعة واحدة في فترة زمنية واحدة، ونخص بالذكر هنا القنوات ذات الطابع العالمي، بهدف خلق حالة من الرأي العام وخطفه في حملة التوجيه المراد تحقيقها على تلك الدولة، من خلال تنسيق عال الدقة للأدوار والمواقف التي تصب في تحقيق هدف بعينه.
  • التحرك بصورة فجائية في مواقف ومناسبات معينة، بغرض صناعة إن جاز التعبير “حالة درامية إعلامية ” بحيث يمكن من خلالها تطويع الأحداث وإعطائها القابلية للتوظيف والعمل على البناء عليها مستقبلا، من اتهام لشخصيات أو مؤسسات.

فقد شهدت الكثير من دول العالم أحداثا درامية وعمليات قتل ودهس، خلقت تداعيات متعاقبة فيما بعد من حالات فوضى واضطرابات داخلية من اتهامات وتشهير وغيرها من الأحداث القابلة للتوظيف فيما يخدم أهداف الحرب الناعمة.

ويمكن هنا أن نرصد بعضا من استراتيجيات الحرب الناعمة التي ترصد بدء عملها على أرض الواقع:

  • التشهير الدائم وخلق حالات إعلامية منظمة ومتعاقبة لإضعاف الخصم.
  • التركيز على الرموز والأفراد والكيانات وتقوية جماعات مقابلة وتقديم الدعم الكامل لجهة على حساب أخرى من خلال الكثير من وسائل الدعم المادي أو المعنوي.
  • خلق بيئة متوترة على جوانب عدة سياسية، اجتماعية، ثقافية، إلخ.
  • خلق حالة من الجدل والمشاحنات في قضايا وموضوعات ذات طبيعة حساسة تؤدي إلى إحداث حالة من الانقسام داخل المجتمع الواحد.
  • استمالة واستدراج تيارات ذات توجهات معينة بهدف توريطها في قضايا وأزمات تزيد حالة الانقسام داخل المجتمع.
  • خلق حالة من السيولة الفكرية والثقافية والاجتماعية حول ثوابت المجتمع من مفاهيم وقيم ترسخت داخل الوجدان الشعبي والقيمي للمجتمع، مما يسمح بالبناء عليه فيما بعد لتنفيذ الخطط المعدة سابقا لتغتير شخصية المجتمع بما يخدم خطط السيطرة.
  • إبراز الصوت المعارض للدولة في المحافل الدولية وتدويل دوره مما يسمح بتوظيف الرأي العام العالمي ضد البلد المراد السيطرة عليها.

ومن المؤشرات أيضا  لبداية الحرب الناعمة على أرض الواقع يمكن ملاحظة الآتي:

  • زيادة البث الإعلامي من مصادر إن جاز التعبير “شعبية” من خلال الاستفادة من الإنترنت وبث العديد من المداخلات والتحليلات والبرامج.
  • استخدام شخصيات لها نوع من المصداقية لدى الرأي العام وتوظيفها في تلك الحملات الإعلامية.
  • إنشاء جمعيات ومؤسسات شبابية ذات طابع مدني أو خدمي تعمل على تكملة خطط الحرب الناعمة في محافل عدة ومع فئات مختلفة.
  • فتح قنوات اتصال مع كيانات ومؤسسات بهدف استدراجها لخطط الحرب الناعمة ونزع مصداقيتها في الرأي العام.
  • تركيز الإعلام على الشخصيات ذات الأفكار الشاذة والمتطرفة داخل المجتمع بهدف التفرقة وبث وإشعال روح الخلاف داخل المجتمع المراد السيطرة عليه.
  • استقطاب شخصيات تغريبية تؤمن بالفكر الغربي المادي، وتقديم الدعم الإعلامي والمادي لها، لتمارس دورها المشكك داخل المجتمع.

كل ما عرضناه سابقا يستدعي الإقرار بوجود تلك الحرب على أرض الواقع وفي أكثر من مكان والفهم الجيد لتلك الإجراءات والخطط حتى يسهل مواجهتها.

اقرأ أيضا:

الحرب الناعمة (1) – التعريف

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الحرب الناعمة (2) – أمثلة تطبيقية

الحرب الناعمة الجزء الثالث – “الأهداف”

مقالات ذات صلة