مقالاتمنطق ومعرفة - مقالات

إنسان القبيلة

إيه رأيك في ستيفن هوكينج؟

ستيفن هوكينج  إنسان ملحد كافر، ده بيقول إن الكون خُلق من تلقاء نفسه والكون قادر على إدارة نفسه بنفسه، وفي كتبه وفي الحوارات التي تم استضافته فيها بيقول إن الكون هو من أنشأ نفسه، ونظام الكون قادر على إدارة نفسه بدون الحاجة إلى خالق، شوفت إزاي إنه ملحد!

وفي موقع آخر يخرج أحد رجال الدين ويقول بأن ستيفن هوكنج في الدرك الأسفل من النار وأنه كافر ويستحق دخول النار.

ما سبق هو واقع الشباب العربي والمجتمع العربي في تناوله لوفاة ستيفن هوكنج عالم الفيزياء النظرية وأعظم فيزيائي القرن الواحد والعشرين وما تم تناوله من آراء في إلحاد العالم وفي كفره، كل ذلك مرجعه عند الله ولا دخل لنا بتناول كفره ودخوله النار وعاقبته في جهنم أو إلى الجنة؛ وما يمكن أن نتناوله هو فكره الإلحادي بالرد عليه من منطلق الفكر وميزان المنطق؛ فالانحياز العاطفي إلى إصدار الأحكام على أشخاص نختلف معهم في الفكر وفي المعتقد هو رأي غير مبني على أسس منطقية وعقلية؛ فتناولنا لأي حدث يجب علينا أن ننأى بأنفسنا صورة هذا الانحياز الذي يغلب للأسف على تفكيرنا وعلى آرائنا في الحياة وفي ما يحدث من أحداث حولنا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وأساليب الدعاية والإعلان دائما ما تنتهز هذا الجانب في تفكيرنا للتأثير علينا وعلى آرائنا، فنستخدم كرهنا لفصيل معين أو دولة معينة للتأثير على قرارتنا في الهجوم على شخص ما، بينما كل ما اقـترفه هو انتماؤه لتلك الدولة أو الفصيل دون عمل تناول عقلاني لفكر وإنجازات هذا الشخص، وكمثال على التحيز ما يفعله البعض ممن ينتسبون إلى حزب أو جماعة معينة فتراهم يرفضون كل ما لا يتوافق مع فكر حزبهم أو جماعتهم على الرغم من أن هذا الفكر المضاد لفكرهم قد يكون في الصواب والحقيقة.

والتعصب والتحيز مرض عضال يرجع بالفرد إلى حقبة من الزمن البعيد وهي حقبة القبيلة والتحيز القبلي، وكل ما تقوله القبيلة هو الصحيح وما يضاد فكر القبيلة وعاداتها فهو خاطئ، ويتم في المجتمع القبلي ذوبان للذات الفردية في الفكر الجمعي للقبيلة ويكون المرجع هو ما تم الاتفاق عليه من الفكر القبلي وما تبناه الأجداد القدامى من أحكام وعادات وعقائد، والأصل في القبيلة أن يتم اتباع رأي الجماعة سواء كان خطأ أو صوابًا؛ فكل ما تقوله القبيلة صحيح لا يقبل المناقشة ولا تقبل مع أحكامها إعمال الفكر والنقد.

وفي الأنظمة الديكتاتورية يتم التعامل مع ما يقوله الطاغية على أنه صحيح؛ لأنه هو الأخ الأكبر وهو الذي يعرف أكثر ومن ثم فالانحياز لكل ما يقوله هو عين الصواب، ومن يعمل فكره فقد خرج عن الطريق المستقيم وطريق الصواب.

وللخروج من تلك الدائرة المغلقة لهذا الوجه البغيض ألا وهو التحيز والتعصب يجب علينا بادئ ذي بدء أن نعيي بأننا مصابون بهذا المرض؛ فالوعي بالمرض ومعرفة أننا مرضى هي أولى خطوات العلاج ثم بعد ذلك علينا ألا نصنف الناس والأفراد نعمل على تنميطهم على حسب الجنس أو الديانة أو اللون ونحاول أن نكون موضوعيين عند تناولنا للحكم على شخص ما أو فكر ما، ومن الأساليب التي يمكن أن تعيننا القراءة أكثر وأكثر والانفتاح -بعد وضع منهجية لتفكيرنا وأرضية صلبة لرؤيتنا الكونية– على معرفة الأفكار المتنوعة  للشعوب الأخرى والفلسفات الغربية والفكر الغربي ونعرف كيف يفكر الآخر، والتقليل بقدر المستطاع من الأحكام النمطية المسبقة فلا نصدر أحكامًا ورأيًا على فكر أو على شخص استنادا لكون هذا الفكر يضاد ويخالف فكر جماعتنا ورأيها، ومن الأمور المعينة أن نتعرف على المدارس الفكرية المختلفة ونحاول أن نتناولها بموضوعية وعقلانية وندرب أنفسنا على عملية النقد المبتغي الوصول إلى الحقيقة، وعند تناولنا لأي خبر نتناوله بالتفكير المتأني المبني على المنطق والعقلانية وليس التفكير السريع المبني على الانفعال والعاطفة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

محمد سليم

عضو بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالإسكندرية

مقالات ذات صلة