مقالات

الحرير الطبيعي

ربيناها في طفولتنا وحرصنا على تغذيتها وتنظيفها بشكل مستمر، ولكم أسعدنا كثيرا شكلها عندما كبرت ثم كونت شرنقتها وخرجت منها فراشة كاملة رقيقة. إنها حشرة الحرير _الشهيرة بدودة القز_ التي يمثل إنتاجها نسبة كبيرة من الناتج القومي لبعض الدول كالصين وكوريا. فما هي قصة هذه الصناعة؟ وكيف بدأت وانهارت في مصر؟ وما هي المعوقات التي تواجهها وكيفية التغلب عليها؟ هذا ما سنتعرف عليه في السطور القادمة.

قبل البداية

لعبت الصدفة البحتة دورا كبيرا في اكتشاف الحرير؛ ففي عام 2700 ق.م لاحظ الإمبراطور الصيني هو أنجدي تلف أشجار التوت في حديقته، ثم اكتشفت زوجته وجود ديدان بيضاء تتغذى على أوراقها وتقوم بغزل شرنقة بيضاء جميلة، وأثناء لهو الإمبراطورة بالشرانق سقطت إحداها في الشاي الساخن فبدأت تتفكك خيوطها فبدأت بتجربة نسج هذا الخيط، وبعد ذلك أقنعت زوجها بمنحها قطعة أرض لزراعة مجموعة من أشجار التوت لتربية الآلاف من ديدان القز ثم ظهرت صناعة الحرير كما نعرفها اليوم عام 1000 قبل الميلاد في الصين للمرة الأولى على مستوى العالم.

صناعة الحرير الطبيعي في مصر

بدأت صناعة الحرير الطبيعي في مصر منذ عهد محمد علي، واشتهرت محافظات بعينها في تصنيع الحرير مثل الغربية وسوهاج. لكن واجهت هذه الصناعة بعض الإهمال مع التركيز على القطن المصري مع بدايات القرن التاسع عشر والتوسع في زراعته وتقلص مساحات أشجار التوت وتوزيعها بشكل عشوائي على ضفاف الترع والمصارف وكون معظمها من الصنف البلدي منخفض الإنتاجية بما لا يلبي احتياجات الديدان الشرهة للتغذية. وفي الوقت الحالي ظهرت عدة محاولات لإحياء هذه الصناعة من جديد لا سيما في سوهاج لكن لا يزال الطريق طويل.

ديدان الحرير.. نظرة عن قرب

تمثل الدودة الطور اليرقي ضمن دورة حياة فراشات الحرير كما يظهر في الشكل التالي:

دورة حياة فراشة الحرير

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بعد تزاوج الفراشات تضع الإناث البيض (1) الذي يفقس عادة في فصل الربيع بداية من شهر أبريل، وتظهر الصغار بطول حوالي 2مم (2) وتكون سوداء اللون وتبدأ بتناول أوراق التوت بمجرد خروجها من البيض، ثم تزداد تدريجيا في الحجم من خلال مرورها بخمسة أعمار يرقية (من 3 إلى 7) ويصبح لونها أبيض وتكون شرهة جدا للتغذية لدرجة أن علبة بيض واحدة بها 24000 بيضة تستهلك 600 كجم من ورق التوت حتى الوصول للشرنقة (8) التي تحتوي على العذراء (9) والتي يتم التخلص منها عن طريق الماء المغلي أو في الأفران حتى لا تقوم بتقطيع الخيط -فيصبح غير صالح للنسج- وتخرج فراشة كاملة (10)

مميزات صناعة الحرير الطبيعي:

  • دورة الإنتاج سريعة تستغرق 35 يوما.
  • تكلفة علبة البيض (18000بيضة) منخفضة جدا حوالي 400 جنيه مصري.
  • لا تحتاج الديدان لمساحة واسعة بل يمكن تربيتها على أرفف ولا تحتاج لخبرة كبيرة.
  • لا تصدر الديدان أي روائح أو أصوات مزعجة كما أنها ليست سامة ولا تعض.
  • يمكن بيع مخلفات الديدان كسماد طبيعي للتربة.

معوقات الإنتاج:

كما ذكرنا سابقا فهي صناعة بسيطة ولا تحتاج لخبرات معقدة للقائمين عليها لكن التحدى الحاسم الذى تواجهه هو توفر التغذية من أوراق شجر التوت حيث تحتاج الديدان الناتجة من علبة بيض واحدة لـ 600 كجم من أوراق التوت والتي يمكن توفيرها من 12 شجرة بعمر 10 سنوات وبالتالي يصعب جمع هذه الكمية فضلا عن تخزينها.

التصور المقترح للنهوض بصناعة الحرير:

يجب التوسع في زراعة أشجار التوت على جوانب الطرق بدلا من أشجار الفيكس مع توفر إشراف زراعي ومتابعة الري والعناية من قبل مجالس المدن، وجمع الأوراق وتوزيعها على مربي ديدان الحرير، كذلك جمع الثمار وتسويقها للاستفادة بعائد إضافي. تنظيم دروات تدريبية للراغبين للتعرف على كيفية التربية وفك الشرانق وغزلها.

دراسة جدوى تربية دودة القز (علبة واحدة إلى 3 علب بيض):

1- شراء علبة بيض وزن 12 جراما تحتوي على 18 ألف بيضة بتكلفة 400 جنيه مصري. يمكن شراء ديدان في منتصف العمر، وبالتالي تنخفض الدورة الإنتاجية من 35 يوما إلى 15 يوما فقط.

2- صواني خشبية لوازم التربية بتكلفة ٧٥٠ جنيها، وهذه المتطلبات تعتبر أصول ثابتة وتعيش لمدة ٥ سنوات أو أكثر، ويمكن استبدالها بكراتين بيض دجاج عادية.

3- ينتج عن الديدان التي تم تربيتها في نهاية الدورة الإنتاجية من 8 إلى 12 (10 في المتوسط) صفيحة شرانق طازجة، مع الوضع في الاعتبار أن سعة الصفيحة هي 12 لترا مكعبا.

4- يتم بيع صفيحة الشرانق الواحدة بحوالي 220 جنيها.

5- العوائد التي يتم تحقيقها من الدورة الانتاجية الواحدة (35 يوما) لعلبة بيض واحدة تبلغ 1000 جنيه في المتوسط.

6- صافي الربح الممكن تحقيقه من الدورة الإنتاجية الواحدة (35 يوما) لعلبة بيض واحدة تبلغ (1000 جنيه ثمن بيع صفائح الشرانق – 400 جنيه تكلفة شراء علبة البيض) = 600 جنيه. وذلك على اعتبار حصولك على أوراق التوت بشكل مجاني عبر الأشجار المنتشرة في القرى وعلى صفاف الترع والمصارف.

7- في حال تربية 3 علب من دودة القز لإنتاج شرانق الحرير الطبيعي فيمكنك الحصول على صافي ربح 1800جنيه في الدورة الواحدة (35 يوما).

8- في العام الواحد يمكنك تنفيذ 6 دورات انتاجية، مما يعني أن صافي ربحك السنوي في حال تربية علبة بيض واحدة هو 2400 جنيه، وفي حال تربية 3 علب بيض 7200 جنيه، وطبعا تزيد الأرباح بزيادة عدد علب البيض.

المصادر

  • ويكيبيديا
  • موقع سطور
  • موقع مشروعات صغيرة
  • موقع تجربتي

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضا:

البيوشار

الإسبيرولينا

الذهب الابيض

محمد طنطاوي

مدرس كيمياء الأراضي كلية الزراعة جامعة الأزهر أسيوط