مقالات

أكبر عملية نصب واحتيال في تاريخ البشرية

سوف أحكي لكم عن أكبر عملية نصب واحتيال في تاريخ البشرية! قصة الدولار الأمريكي!

طوال تاريخ البشر تقوم الدول والشعوب بتبادل السلع والتجارة، يكون التبادل بين سلعة وسلعة أخرى، أو سلعة مقابل ذهب أو فضة.

لماذا ذهب أو فضة؟! لأنها معادن نادرة وكمياتها محدودة في كوكب الأرض، واكتشاف كميات جديدة منها يستلزم وقتًا وجهدًا أكبر بكثير من المعادن الأخرى الرخيصة مثل الحديد أو الألمنيوم، فلا يمكن أن يتلاعب في كميتها على كوكب الأرض أحد.

كان البلد الغني هو الذي ينتج أكثر، والبلد الفقير هو الذي يشتري أكثر! استمر هذا الوضع إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وقتها سيطر الاستعمار البريطاني على مساحة كبيرة من كوكب الأرض وعلى طرق التجارة.

هنا قدمت بريطانيا للعالم منظومة أن يكون التبادل التجاري بين بلاد العالم باستعمال الجنيه الإسترليني الإنجليزي، مع ضمان أن الجنيه الإسترليني يساوي كمية محددة وثابتة من الذهب في بنوك إنجلترا، وفي أي وقت يمكنك الذهاب إلى البنك الإنجليزي واستبدال الجنيه البريطاني بالذهب.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً: كيف بدأ الذهب؟!

بداية هيمنة الدولار الأمريكي على الأسواق العالمية

بعد الحرب العالمية الثانية، وانتصار أمريكا، سرقت الولايات المتحدة أغلب الذهب من أوروبا، وأصبح 60% من ذهب العالم في الولايات المتحدة الأمريكية.

لذلك، في سنة 1944، أُزيحت إنجلترا، وأصبحت عملة التعامل الدولي هي الدولار الأمريكي، بشرط أن قيمة الدولار أمام الذهب ثابتة، أونصة الذهب (31 جرام) تساوي 35 دولارًا.

لكن في 1971 ومع حرب فيتنام خسرت الولايات المتحدة الأمريكية أغلب مخزون الذهب لديها بسبب الحرب الفاشلة، فقام الرئيس الأمريكي نيكسون بأكبر عملية احتيال في التاريخ: فك ارتباط الدولار الأمريكي بالذهب، مع الحفاظ على الدولار عملة التداول العالمية!

أصبحت أمريكا تطبع ورقًا أخضر اسمه دولار، وتعطيه للبلاد، وتأخذ بضائع وثروات في المقابل!

لكن هل دول العالم حمقاء؟ كيف سكتت دول العالم على هذا، كيف ترضى بأن تستعمل “شوية ورق” بلا قيمة بدلًا من الذهب؟ هنا لعبت القوة العسكرية الأمريكية الدور المحوري في عملية النصب.

اقرأ عن: عائلة روتشيلد المتحكمة في بنوك العالم

كيف يتحكم الدولار الأمريكي بالنظام المالي العالمي؟

كانت أغلب صناعة العالم في الخمسينيات والستينيات في ألمانيا، وبناء عليه قالت أمريكا: سوف آخذ منك السلع والبضائع مقابل ليس فقط ورق أخضر اسمه دولار، لكن أيضًا مقابل أنني أحميكم من الاتحاد السوفيتي ومستعمر لكم ومسيطر على أوروبا.

بعد ألمانيا كانت اليابان في السبعينيات والثمانينيات، أمريكا تأخذ منتجات الصناعة اليابانية مقابل ورق مطبوع اسمه دولار، ولا تستطيع اليابان الاعتراض، لأنها تحت سيطرة الاحتلال الأمريكي. معها دول الخليج العربي وممالك النفط، النفط مقابل ورق أخضر، تحت قوة السلاح الأمريكي.

تراكمت في السوق العالمية كميات الورق الأمريكي الأخضر (الدولار). بعد اليابان، أصبحت كوريا الجنوبية هي المصنع في التسعينيات، ثم الصين في الألفينيات، ثم الهند منذ 2010، وبعدها سوف تكون فيتنام وإندونيسيا!

أصبح إنتاج أمريكا قليلًا، بعد أن كانت تنتج 50% من السلع في العالم في فترة الأربعينيات! اليوم أمركيا لا تنتج أي شيء، تنتج السلاح فقط!

في حين تأخذ منتجات الآخرين، وتشتري كل شيء، بل وتدفع الرشوة للحكام والعملاء والجواسيس، مقابل ورق أخضر لا يساوي شيئًا!

في كل عام يجتمع الكونجرس الأمريكي ويرفع سقف الدين وعجز الميزانية والمديونية، عادي! هذا فقط ورق تطبعه أمريكا وتتركه للعالم يستعمله في التبادل التجاري بين البلاد. أصبحت هذه البلاد كلها تستعمل ورقة خضراء بلا قيمة في التعاملات التجارية كلها بينها!

اقرأ أيضاً: ماذا بعد نهاية الكيان؟

هل من الممكن أن يسقط الدولار؟

اليوم العالم فيه كميات متزايدة من الورق الأخضر، يُطبَع المليارات منه كل عام، سواء في صورة دولارات، أو سندات، أو أسهم بورصة، كلها ورق وهمي يحميه السلاح الأمريكي، والخوف من القوة العسكرية الأمريكية، وكلها فقاعة سوف تنهار حتمًا يومًا ما، ستنهار حين تضعف قوة الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية.

لذلك تجد أغلب أغنياء العالم يعرفون أن المرجع هو الذهب، وليس الدولار.

الجميع يعرف أن الورق الأخضر سيتحول إلى شيء بلا قيمة يومًا ما، وهذا سيحدث حين تهتز صورة القوة العسكرية الأمريكية، وهذا سيحدث حتمًا يومًا ما، كما حدث لكل إمبراطوريات العالم. حينها سيفلس كثيرون حول العالم ممن يراهنون على الورق الأخضر ويعتمدون عليه ويستعملونه في الادخار والاستثمار.

العالم في الخمسين سنة الأخيرة يعيش حالة اقتصادية شاذة، واستمرار هذه الحالة غير قابل للتنفيذ، أن تقوم بلد بطباعة ورق لا يساوي شيئًا، واستعماله في التبادل العالمي للسلع، وصعود قوة عسكرية أخرى تنافس الولايات المتحدة الأمريكية، أو هزيمة القوة العسكرية الأمريكية بصورة أو بأخرى، أو قيام حرب أهلية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

هذه السيناريوهات كلها، التي ستحدث حتمًا يومًا ما، سوف تؤدي إلى انهيار هذه الخرافة، وعودة التبادل التجاري العالمي إلى الذهب أو أي مرجعية لا تتحكم فيها حكومة (مثل العملات المشفرة)، لذلك تجد العملات المشفرة تتعرض للتشويه والمحاربة من الإعلام والحكومات، لأنها مستقلة عن سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يمكن عمل عملات مشفرة دون تعدين، تمامًا مثل الذهب.

عمليات النصب لا تستمر إلى الأبد، مهما كان وراؤها من قوة عسكرية وعنف.

اقرأ أيضاً: هكذا تغير شكل الحلم الأمريكي

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس